الجمعة 3 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لماذا قاطع العرب «الدوحة»؟

لماذا قاطع العرب «الدوحة»؟

 كان لا بُدَّ من أن يأتى يوم يتم فيه حسم الموقف من إمارة الإرهاب " قطر"؛ خصوصًا من جانب الدول العربية "مصر والسعودية والإمارات والبحرين"، وهى التى اكتوت بنار الإرهاب والتخريب والتدمير، الذى رعته وممولته قطر ونظام الحمَدين. لذلك كان يوم 5 يونيو 2017 هو بداية العقاب العربى للإمارة المارقة وحكامها المتطرفين الداعمين للإرهاب والإرهابيين.



مصر والسعودية والإمارات والبحرين أعلنت عن مقاطعتها السياسية والاقتصادية لقطر، وجاء فى البيانات الصادرة عن الرباعى العربى، تفنيدًا وتوضيحًا لسلوك الدوحة الذى يهدد أمن تلك الدول واستقرارها. فالبيان المصرى كان واضحا؛ وأشار إلى أن قرار قطع العلاقات يأتى "فى ظل إصرار الحُكم القطرى على اتخاذ مسلك معادٍ لمصر، وفشل كل المحاولات لإثنائه عن دعم التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم الإخوان الإرهابى، وإيواء قياداته الصادر بحقهم أحكام قضائية فى عمليات إرهابية، استهدفت أمن وسلامة مصر، بالإضافة إلى ترويج فكر تنظيم القاعدة وداعش ودعم العمليات الإرهابية فى سيناء، فضلًا عن إصرار قطر على التدخل فى الشئون الداخلية لمصر ودول المنطقة بصورة تهدد الأمن القومى العربى، وتعزز من بذور الفتنة والانقسام داخل المجتمعات العربية، وفق مخطط مدروس، يستهدف وحدة الأمة العربية ومصالحها". كذلك تطرّق البيان السعودى، إلى أن هذا الإجراء يعود "لأسباب تتعلق بالأمن الوطنى السعودى"، وبهدف حماية أمنها الوطنى "من مخاطر الإرهاب والتطرف". انتهاكات الدوحة وأوضحت المملكة السعودية فى البيان، أن قطع العلاقات يأتى "نتيجة للانتهاكات الجسيمة التى تمارسها السُّلطات فى الدوحة، سرًا وعلنًا، طوال السنوات الماضية، بهدف شق الصف الداخلى السعودى، والتحريض للخروج على الدولة، والمساس بسيادتها، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار فى المنطقة، ومنها جماعة الإخوان وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها بشكل دائم". كما اتهمت الرياض فى البيان، قطر بـ"دعم نشاطات الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران فى محافظة القطيف من المملكة العربية السعودية، وفى مملكة البحرين الشقيقة وتمويل وتبنّى وإيواء المتطرفين، الذين يسعون لضرب استقرار ووحدة الوطن فى الداخل والخارج، واستخدام وسائل الإعلام التى تسعى إلى تأجيج الفتنة داخليًا، كما اتضح للمملكة العربية السعودية الدعم والمساندة من قِبَل السُّلطات فى الدوحة لميليشيا الحوثى الانقلابية، حتى بعد إعلان تحالف دعم الشرعية فى اليمن. وقالت السعودية إنها "صبرت طويلا رُغم استمرار السُّلطات فى الدوحة على التملص من التزاماتها، والتآمر عليها، حرصًا منها على الشعب القطرى الذى هو امتداد طبيعى وأصيل لإخوانه فى المملكة" . الإمارات ومملكة البحرين أكدتا فى البيانين الصادرين بهذا الشأن، أن قطر تدعم وتموّل وتحتضن "التنظيمات الإرهابية والمتطرفة والطائفية، وعلى رأسها جماعة "الإخوان المسلمين" وعملها المستمر على نشر وترويج فكر تنظيم داعش والقاعدة عبر وسائل إعلامها المباشر وغير المباشر".  كما أوضحتا أن قطر نقضت "البيان الصادر عن القمة العربية الإسلامية الأميركية بالرياض تاريخ 21-5-2017 لمكافحة الإرهاب" الذى اعتبر إيران الدولة الراعية للإرهاب فى المنطقة إلى جانب إيواء قطر للمتطرفين والمطلوبين أمنيّا على ساحتها وتدخلها فى الشئون الداخلية لدولة الإمارات وغيرها من الدول واستمرار دعمها للتنظيمات الإرهابية، ما سيدفع بالمنطقة إلى مرحلة جديدة لا يمكن التنبؤ بعواقبها وتبعاتها". واتهمت البحرين، قطر بالإصرار "على المُضى فى زعزعة الأمن والاستقرار فى مملكة البحرين والتدخل فى شئونها والاستمرار فى التصعيد والتحريض الإعلامى، ودعم الأنشطة الإرهابية المسلحة وتمويل الجماعات المرتبطة بإيران للقيام بالتخريب ونشر الفوضى فى البحرين، فى انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمواثيق ومبادئ القانون الدولى، من دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق أو اعتبار لمبادئ حُسن الجوار أو التزام بثوابت العلاقات الخليجية والتنكر لجميع التعهدات السابقة". إيواء المتطرفين البيانات السابقة أشارت إلى أن دعم الإرهاب والعناصر والجماعات الإرهابية كان فى صلب موضوع المقاطعة وجوهر المشكلة مع الدوحة؛ خصوصًا جماعة الإخوان الإرهابية، لذلك نجد أن الدول الأربع وضعت 13 شرطا لعودة العلاقات إلى طبيعتها مع الدوحة، كان فى مقدمة تلك الشروط هو عدم إيواء العناصر الإرهابية ووقف الدعم والتمويل الذى تقدمة للإرهاب وطرد عناصر جماعة الإخوان الإرهابية وتسليم عناصرها المجرمين. كما دعا الرباعى العربى الدوحة إلى "إنهاء الوجود العسكرى التركى الحالى فى قطر على الفور وإنهاء أى تعاون عسكرى مشترك مع تركيا داخل قطر". كان موقف قطر من المطالب الثلاثة عشر التى حددها الرباعى العربى لعودة العلاقات مرّة أخرى هو الموقف ذاته الذى حدث عام 2014، فلم تكن هناك إجابات من الدوحة على تلك المطالب واستمرت فى دعمها وتمويلها للإرهاب والجماعات الإرهابية، بل تحالف نظام قطر مع دول تسعى إلى تفتيت وتقسيم الدول العربية بل وتحتل أجزاء من دول عربية، كإيران التى تحتل جُزر الإمارات، وتركيا التى تحتل شمال سوريا والعراق. لم يقتصر دور قطر التخريبى على الدول الأربع المقاطعة لها، بل امتد إلى دول عربية أخرى، ففى ليبيا، باتت بصمات الإرهاب القطرى واضحة للجيش الوطنى الليبى بقيادة المشير خليفة حفتر؛ حيث تقدم الدوحة، إلى جانب أنقرة، دعمًا لحكومة فايز السراج فى طرابلس، وهى التى تتحصن بميليشيات متطرفة تستفيد من الأموال القطرية. وتحدّث مسئولون عسكريون وسياسيون ليبيون أكثر من مرّة، عن التحركات القطرية لدعم ميليشيات طرابلس، وإجهاض عملية الجيش الوطنى لتحرير العاصمة الليبية من قبضة المتطرفين، وأشاروا للقاءات "قطرية- تركية" مع قادة إرهابيى طرابلس. وفى أكثر من مناسبة، عثر الجيش الوطنى الليبى على أسلحة تحمل شعار الجيش القطرى، مرة داخل منزل زعيم تنظيم القاعدة فى درنة، بعد تحريرها من الجماعات الإرهابية المسلحة، وأخرى فى بنغازى بعد القضاء على تنظيم "داعش" الإرهابى هناك. وكان هذا الدعم لا يبدو مستغربًا، من دولة تؤوى قادة جماعات متشددة مطلوبين فى دول الجوار، مثل الإخوان والقاعدة وداعش، وتمتلك منابر إعلامية لها أصوات عالية تبث سموم الإرهاب فى المنطقة والعالم. خسائر اقتصادية حمل قرار مصر والسعودية والإمارات والبحرين بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر أزمات اقتصادية كبيرة للدوحة، على صعيد النقل الجوى والبرى، بكل تداعيات ذلك على قطاعات حيوية ومن بينها التجارة وقطاع الأعمال. وأدى إغلاق الدول الأربع لكل المنافذ البحرية والجوية أمام الحركة القادمة والمغادرة إلى قطر، ومنع العبور لوسائل النقل القطرية كافة، القادمة والمغادرة، على الخطوط القطرية، التى تعتبر رافدًا اقتصاديّا أساسيّا لقطر، تسيير رحلات أطول؛ خصوصًا إلى إفريقيا، إلى تقويض أساس إيرادات الدوحة من عملها المعتمد على مسافرى الترانزيت. أمّا التجارة البرية، فتشل بالكامل؛ لاقتصار الحدود البرية على السعودية. وتعتبر السعودية والإمارات من أهم الشركاء التجاريين لقطر، وتبرز أهمية الدولتين بشكل خاص فى ملف تجارة الغذاء. فبحسب بيانات العام 2015، تأتى الدولتان فى المرتبة الأولى والثانية من حيث الدول المصدرة للمواد الغذائية إلى قطر وبإجمالى 310 ملايين دولار، أمّا فى تجارة المواشى، وتأتى السعودية فى المرتبة الأولى للمصدرين والإمارات فى الخامسة بإجمالى 416 مليون دولار. وفى تجارة الخضروات تأتى الإمارات فى المرتبة الثانية والسعودية فى الرابعة من حيث المصدرين وبإجمالى 178 مليون دولار سنويّا. أمّا فى المعادن فتأتى الإمارات فى صدارة الدول المصدرة لقطر وبإجمالى سنوى يفوق النصف مليار دولار. ومع توقف التجارة البرية، سيصادف حلم استضافة مونديال 2022 عقبة كبيرة مع اعتماد قطر على الحدود البرية السعودية فى استيراد غالبية متطلبات البناء الضخمة التى يحتاجها المشروع. لقد حاولت الدول الخليجية الثلاث تصحيح مسار وسلوك الدوحة وحكامها المتطرفين ومنحتها أكثر من فرصة، وكان ذلك فى عام 2014 عندما اتخذت الرياض وأبوظبى والمنامة قرارًا بسحب السفراء من الدوحة، حتى لا تكون المقاطعة هى النهاية مع قطر إلا أن إصرار النظام القطرى على دعم الإرهاب وإيوائه المتطرفين شكل نقطة اللا رجعة فى قرارهم بمقاطعة الدوحة عام 2017، ورُغم أن شركاء الدوحة فى دول مجلس التعاون الخليجى اعتبروا الإخوان جماعة تشكل خطرًا قاتلًا، إلّا أنّ قطر واصلت رسم مسار مؤيد لـ الإخوان. كما منحت ملجأ لبعض قادة الإخوان الذين فرّوا من مصر، كما استضافتهم قناة "الجزيرة" فى فنادق الدوحة من فئة الخمسة نجوم وخصصت لهم أوقات بث منتظمة لنشر سمومهم وأكاذيبهم. لقد حاولت قطر التضليل ولىّ الحقائق وتزييفها كعادتها من خلال أذرعها الإعلامية التى أنشأتها لهذا الغرض، وحاولت تصدير الإجراءات التى اتخذتها الدول الأربع ضدها على أنها حصار، إلا أن جهودها لم تفلح فى ذلك، وخسرت الدعاوَى القضائية التى رفعتها ضد الإمارات أمام المحاكم الدولية، فقد سبق أن أعلنت الدول الأربع أنها اتخذت إجراءات مقاطعة للدوحة، وهذا حق سيادى لتلك الدول. كما حاولت الدوحة تصوير الأمر على أن هناك ضغوطا عسكرية عبر التهديد بفرض حصار بحرى أو تعبئة على الحدود. وكأن هناك هجومًا أو اعتداءً عسكريّا عليها، وفى حقيقة الأمر أنها كانت تسعى إلى إيجاد ذريعة لها من أجل استقدام قوات تركية لكى تحقق أهداف وأغراض الرئيس التركى أردوغان بالسيطرة والهيمنة على المنطقة، وهى الأهداف التى سعى إليها إردوغان بالاتفاق مع الجماعة الإرهابية فى مصر لإثارة البلبلة وهدم الدولة المصرية..

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق