السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدوحة «خنجر» X ظهر العرب

أكثر من 150 مليار دولار لدعم الإرهاب

الدوحة «خنجر» X ظهر العرب

من يتأمل خريطة قطر، التى تبدو كزائدة دودية فى جانب المملكة العربية السعودية، ويعرف أن مساحة تلك الدولة لا تتجاوز 10 آلاف كم، وأن عدد سكانها ممن يحملون الجنسية القطرية (السكان الأصليون والمجنسون على حد سواء) لا يتجاوز ربع مليون نسمة، يستغرب حجم ذلك الصخب الذى تحاول إحداثه تلك البقعة فى المحافل العربية والدولية. ويندهش كيف لدولة تصنف فى أدبيات السياسة الدولية بأنها “Micro State” أى دولة صغرى أن تلعب دورًا لا يتناسب مع قدراتها الطبيعية أو البشرية؟.



سعت قطر وعبر استخدام ثروتها الطائلة من عائدات الغاز المسال، فى تنفيذ خطة واضحة المعالم، لا تقوم على تعظيم القدرات الطبيعية والبشرية لنفسها، فتلك أمور لا يمكن أن تُشترَى بالمال، وإنما على محاولة متوهمة لإضعاف الكيانات الكبرى والدول القوية فى المنطقة، وبالتالى، تتراجع قدرات تلك الدول، وتنكفئ على ذاتها، وتضطرب بالفوضى الداخلية، التى يمكن للدوحة من خلال بعض الجماعات السياسية التى تدعمها أن تضمن سيطرة غير مباشرة على تلك الدول والكيانات الكبرى،الواضح أن الدوحة تفكر بشكل أكبر حجمًا من حقيقتها، ليس لأنها تحاول أن تكبر، ولكن لأنها سعت إلى تقزيم الآخرين. وبالفعل، وعبر سنوات امتدت منذ منتصف تسعينيات القرن الماضى، سعت قطر إلى الارتباط بمشروعات إقليمية مرتهنة بمصالح قوى غربية وإقليمية لا تتوافق والمصلحة العربية، فقامت الدوحة ببناء أكبر قاعدة أمريكية خارج حدود الولايات المتحدة، وأهدتها مجانًا للجيش الأمريكى، وكثير من صفقات السلاح المليارية تذهب كإهداء وعربون صداقة لقاعدة العيديد، التى لا تملك قطر أى سيادة عليها، ولا يجرؤ حتى أميرها على الاقتراب منها دون إذن. “وكر” الإرهابيين على مدى سنوات استثمرت الدوحة فى علاقتها بالعديد من التنظيمات المتطرفة فى مختلف أنحاء العالمين العربى والإسلامى، ورعت وموّلت واستضافت رموز تلك التنظيمات، من جماعة الإخوان الإرهابية فى مصر وامتداداتها فى تونس وفلسطين وليبيا، وصولًا إلى حركة طالبان فى أفغانستان، التى كانت الدوحة العاصمة الوحيدة التى تستضيف مقرّا دبلوماسيّا رسميّا لها، وجرى افتتاحه فى احتفالية رعتها الحكومة القطرية، لتوفر مناخًا هادئًا لحوار بين الحركة التى احتضنت تنظيم القاعدة لسنوات طويلة، وبين الولايات المتحدة التى عجزت عن بسط سيطرتها على أفغانستان رُغم الغزو والقصف وزرع الحكومات الموالية. وتحولت الدوحة إلى “وكر” لإيواء الفارّين من العدالة، والرؤوس المُحرّضة على الفتنة والإرهاب فى المنطقة العربية. فبالإضافة إلى إيوائها قيادات إخوانية مثل يوسف القرضاوى، أو شخصيات متحالفة مع المشروع الإخوانى مثل طارق الزمر ومحمد عبدالمقصود والليبيين إسماعيل الصلابى، وعبدالحكيم بلحاج، فإن هناك عشرات المطلوبين دوليّا بتهم الإرهاب يقيمون فى أمان على أرض قطر، ومنهم الإرهابى القطرى عبدالله بن خالد آل ثانى، وهو وزير سابق للداخلية والأوقاف، وهو الذى قدم المساعدة والملاذ الآمن لقياديى القاعدة منذ أوائل التسعينيات. وهناك أيضًا القطرى خليفة السبيعى المدرج على قوائم الإرهاب الدولية منذ عام 2008 ضمن قائمة الداعمين والممولين لتنظيم القاعدة، وتتهمه واشنطن بأنه "رجل القاعدة الأول فى قطر"، حيث دعم قادة التنظيم الإرهابى بمن فيهم خالد شيخ محمد، العقل المدبر لهجمات الحادى عشر من سبتمبر، حيث استضافه فى بيته قبيل تنفيذ تفجيرات سبتمبر!. هناك كثير من شخصيات مدرجة على قوائم الإرهاب الدولية، وتعترف قطر بذلك ولا تجد غضاضة فى التعامل معهم، ومن هؤلاء مبارك العجى الذى شهدت مسابقة رياضية فى قطر تكريمه رُغم إدراجه على قائمة الإرهاب، وصدم العالم بحضور رئيس وزراء قطر حفل زواج نجل عبدالرحمن النعيمى المطلوب رقم واحد على قائمة الإرهاب القطرية والمدرج ضمن قائمة الإرهاب التابعة للخزانة الأمريكية منذ 2014، والمدرج على قوائم الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب (مصر والسعودية والإمارات والبحرين)، وهو ما يكشف حجم التحالف بين نظام الحمَدَين وبين الجماعات الإرهابية.  تحالف غير مقدس استثمرت قطر أموالًا طائلة وقدمت دعمًا إعلاميّا غير مسبوق لتنظيم القاعدة، خلال زعامة أسامة بن لادن له، وكانت قناة الجزيرة صاحبة التوكيل الحصرى لخطبه المسربة خصيصًا لها، وربما كان ذلك سببًا فى مطالبات دولية بمحاكمة العديد من عناصر قناة الجزيرة بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، مثل تيسير علونى وسامى الحاج، الذى احتجزته الولايات المتحدة لسنوات فى سجن جوانتانامو. خلال العقد الأخير اتخذ الدعم القطرى  للإرهاب منحى جديدًا، فلم يعد يقتصر على دعم التنظيمات القائمة، بل انتقل إلى المساهمة فى بناء وتأسيس التنظيمات الإرهابية حول العالم، أبرز تلك التنظيمات ما اصطنعته قطر وتركيا من تنظيمات على الساحة السورية، فجرى اختلاق العديد من التنظيمات الإرهابية لتأجيج الصراع فى سوريا، وكان تنظيما الدولة الإسلامية بالعراق والشام “داعش” وجبهة النصرة (جناح تنظيم القاعدة فى الشام) أبرز مثالين على التوجه القطرى الجديد. وعندما اكتشفت قطر قدرة تلك التنظيمات على استنزاف قدرات الدول الوطنية، وإشغالها بتلك الأزمة الأمنية، حاولت تكرار الأسلوب نفسه فى دول أخرى، وكان فى مقدمتها مصر بطبيعة الحال، فما اعتبرته الدوحة “منافسة” مع القاهرة كان سابقًا لسنوات لما سُمى بـ”الربيع العربى”، فالدوحة طالما رأت أن الحضور الكبير للقاهرة يمثل عَقبة أمام تمدد طموحها الإقليمى، وبالتالى فقد سعت إلى مزاحمة التحركات المصرية فى العديد من الجبهات، وفى مقدمتها الملف الفلسطينى. وسعت عبر دبلوماسية الشيكات وانحيازها إلى حركة “حماس” إلى محاولة الظهور إلى جانب مصر فى هذا الملف الشائك، وعندما أفشلت القاهرة تحركات الدوحة، اتجهت الأخيرة إلى محاولة ممارسة ضغط داخلى على مصر، من خلال بناء علاقة وطيدة مع جماعة “الإخوان” تستطيع بموجبها إزعاج الدولة المصرية. وبالفعل وجد التحالف غير المقدس بين قطر والإخوان فرصته التاريخية فى أعقاب الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق حسنى مبارك، واختلال الأوضاع الداخلية، وصعود “الإخوان” سياسيّا حتى وصولهم إلى الحُكم. وكانت تلك اللحظة هى ذروة النجاح المأمول للمشروع الإقليمى القطرى، فبدت الدوحة هى الراعية والموجهة لسياسات النظام الإخوانى، ووفرت له دعمًا ماليّا وإعلاميّا غير مسبوق، وباتت الدوحة هى “الكعبة” التى يحج إليها مسئولو الحكومة الإخوانية، ثم توالى وصول الأنظمة المدعومة قطريّا فى تونس وليبيا إلى الحُكم كشهادات جديدة على نجاح الاستراتيجية القطرية، إلّا أن الشعب المصرى كانت له وجهة نظر أخرى، وأطاحت ثورة 30 يونيو بهذا الطموح القطرى، كأحد تبعات الإطاحة بحُكم الإخوان. ولم تجد قطر أمامها للتعامل مع دولة 30 يونيو الفتية، سوى الأسلوب الذى باتت تجيده الدوحة جيدًا وصار لها خبرة واسعة فيه، ألا وهو أسلوب الإرهاب، ودعم جماعاته الإجرامية، فجرَى فتح الخزائن القطرية لتمويل تلك الجماعات، وتأهيل الخلايا الإخوانية لتنفيذ العديد من العمليات فى الداخل المصرى، وليس أدل على ذلك من ارتباط أسماء العديد من منفذى العمليات الإرهابية فى مصر بقطر، ومنهم محمود شفيق منفذ تفجير الكنيسة البطرسية، الذى عاد من زيارة لقطر قبل فترة وجيزة من تنفيذه للعملية الإرهابية التى أودت بحياة 25 شهيدًا مصريّا. كما كشفت التحقيقات التى أجريت حول العديد من العمليات الإرهابية، ارتباط قيادات تلك الخلايا بقيادات تنظيمية إخوانية متواجدة على أرض قطر، سواء فى محاولات اغتيال وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد إبراهيم أو استهداف العديد من الأديرة المسيحية، أو تلقى خلايا شباب الإخوان للتعليمات من خلال قيادات إخوانية مقيمة فى قطر. كما كشفت التحقيقات التى أجريت بشأن الخلية الإرهابية الإخوانية التى تم ضبطها مؤخرًا فى الكويت، عن الدور المشبوه الذى تقوم به قطر لتهريب والتستر على العديد من العناصر الإرهابية المطلوبة أمنيّا فى مصر، وتوفير ستار لها للإقامة فى دول الخليج، وبالتالى توفير التمويل المالى واللوجيستى للعناصر المنفذة للعمليات الإرهابية على الأرض. كما وفرت قطر الدعم الإعلامى غير المحدود لتلك التنظيمات الإرهابية، سواء من خلال بث تسجيلات حصرية لعملياتهم، أو محاولة تصويرهم على أنهم جماعات معارضة سياسية، وليست تنظيمات إرهابية خارجة على القانون، وهى محاولة لم تقتصر على مصر، بل كانت نهجًا دائمًا للآلة الإعلامية القطرية فى العديد من الدول العربية. خدمة الإرهاب يظل المدهش هو حجم التمويل السخى الذى تنفقه قطر على تنظيمات الإرهاب التى ترعاها فى العالم العربى شرقًا وغربًا، ورُغم  السرية الهائلة التى تحيط بمثل تلك الأمور، فإن تقديرات عالمية تشير إلى أن تنظيم الحمَدَين أنفق من أموال وثروات الشعب القطرى المغلوب على أمره لدعم وتمويل الإرهاب نحو أكثر من 150 مليار دولار منذ عام 2010. والغريب، أن الدوحة التى تمن على بعض الشعوب العربية الفقيرة عندما توجه إليها قافلة إغاثية أو تقدم بضعة مساعدات للشعوب التى ساهمت قطر فى نكبتها، وتبالغ فى استعراض دورها الخيرى وأياديها “البيضاء” على تلك الشعوب، رُغم أن تكلفة تلك المساعدات لا تتجاوز بضعة آلاف من الدولارات. نجد أن المسئولين القطريين يتعاملون بكرم حاتمى غير مسبوق مع التنظيمات الإرهابية، ففى أبريل 2017 على سبيل المثال أبرمت قطر صفقة مع "حزب الله” العراقى- الذى قام بدور الوسيط- للإفراج عن 26 صيادًا، عدد منهم ينتمى للأسرة الحاكمة، تم اختطافهم أثناء رحلة صيد على الحدود "السورية- العراقية" فى يناير 2016، ودفعت أكبر فدية فى التاريخ لجماعات إرهابية بلغت مليار دولار، وبطبيعة الحال لم تذهب تلك المبالغ التى باتت معروفة فى العالم كله إلى أعمال البر والإحسان، وإنما استخدمت لتمويل عمليات إرهابية جديدة. سبق أن كشف مركز ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام، النقاب عن أرقام مفزعة لكم الأسلحة التى وردتها الدوحة للجماعات الإرهابية، فأشار المركز إلى الإحصائيات فى الفترة بين 2011 و2016 التى تكشف أن قطر استوردت أسلحة زيادة عن احتياجاتها الدفاعية بنسبة قدرها 245%.. وتشير بيانات التقرير إلى أن مجموع الأسلحة التى صدرتها قطر إلى مناطق الصراع بلغ 2.6 مليون قطعة سلاح تم توزيعها على الجماعات الإرهابية فى كل من سوريا وليبيا بتكلفة تتعدى 100 مليار دولار. وتتجاوز مسألة دعم الإرهاب فى قطر حد استخدامها كأدادة فى لعبة سياسية، فالأمر يصل إلى حد العقيدة لدى القيادة الحاكمة فى قطر، وليس أدل على ذلك من تورط العديد من القيادات القطرية السياسية والاقتصادية البارزة، وبعضهم من أبناء الأسرة الحاكمة نفسها، فقد كشف تقرير بريطانى عن تورط 4 أمراء من الأسرة الحاكمة فى الدوحة، بينهم شقيقان لتميم بن حمد أمير قطر، فى تمويل الإرهاب وأعمال إجرامية فى دول مختلفة حول العالم.  إرهاب مدفوع الأجر حسب تقارير دولية هناك سياسة قطرية ممنهجة فى تمويل الإرهاب. وذكر تقرير "جلوبال ووتش أناليسيس" البريطانى فى نسخته الفرنسية أن الدوحة ظلت لوقت طويل تتبنى استراتيجية دفاعية فى مواجهة تزايد الكشف عن تورط العديد من الشخصيات القطرية فى الفضائح المتعلقة بتمويل الإرهاب، بتوصيف ذلك على أنه مبادرات فردية لا تمثل الحكومة. ويبدو أن الدوحة تعرف جيدًا ما تريد من خلال دعمها لتلك الجماعات الإرهابية، فهى تستثمر فى الإرهاب، وتنتظر عائدات ضخمة لإنفاقها السخى، وخير مثال على ذلك الدعم القطرى للإرهاب فى سوريا، فالأمر لا يخلو من حسابات اقتصادية حتى وإن اختلطت بحسابات السياسة.  بدأت قصة دعم قطر للإرهاب- بحسب بعض التحليلات-  برغبتها المحمومة فى المنافسة على سوق الطاقة الأوروبى الواعد، وذلك فى ظل رغبة أوروبية فى تقليل الاعتماد على النفط الروسى. وكان الحل الواقعى لقطر للمنافسة على هذا السوق الأوروبية هو مد أنابيب تمر من خلال سوريا للوصول بالغاز القطرى إلى تركيا؛ حيث يتم تسييله ثم تصديره إلى الجانب الأوروبي. وكما هو متوقع فقد رفضت سوريا (وهى حليف رئيسى لروسيا) تمرير هذه الأنابيب عبر أراضيها حتى لا تنافس قطر روسيا فى سوق الطاقة الأوروبية. بعد هذا الرفض حاولت قطر بكل الوسائل إزاحة نظام بشار الأسد من السُّلطة واستبداله بنظام حليف لها لكى تتمكن من مد هذه الأنابيب. ولذا لم تتردد قطر فى دعم العديد من المنظمات الإرهابية فى سوريا مثل "داعش" وغيرها لتصل إلى هدفها. ولم يقف الطموح القطرى عند هذا الحد فقط، بل حاولت قدر استطاعتها زعزعة الدول العربية الأخرى التى قد تنافسها مستقبلًا فى سوق الطاقة الأوروبية. فعلى سبيل المثال حاولت قطر السيطرة على مصر من خلال دعم “الإخوان” المتحالفين معها ثم دعم منظمات إرهابية بداخل الدولة المصرية، ولم تتردد قطر أيضًا فى دعم قوى الإرهاب فى ليبيا وفى العراق.  فمصر تمتلك واحدًا من أكبر الاكتشافات البترولية فى البحر المتوسط «حقل ظهر»، وتستطيع من خلاله المنافسة الدولية على سوق الطاقة الأوروبية. وتمتلك ليبيا خامس احتياطى عالمى من الصخور البترولية القابلة للاستغلال، الذى يجعلها منافسًا محتملًا- بل شرسًا - فى السوق الأوروبية؛ خصوصًا مع قرب الحدود بين ليبيا وأوروبا، ولذا كان إضعاف ليبيا من خلال دعم قوى الإرهاب بها إحدى الوسائل للإطاحة بالمنافس الليبى المحتمل. تدمير سوريا وليبيا الأدلة على دعم قطر للإرهاب فى سوريا أكبر من أن تُحصَى.  ففى إبريل الماضى، كشفت قناة "العربية" عن وثيقة جديدة تكشف علاقة قطر بتنظيم "داعش"، هذه الوثيقة من بين عشرات الوثائق التى عثرت عليها قوات سوريا الديمقراطية من المناطق التى استعادتها من تنظيم "داعش". وتظهر الوثائق بعض الجهات التى كانت تعمل مع التنظيم، ومن بين تلك الجهات الهلال الأحمر القطرى التى تكشف الوثيقة عمله ضمن مناطق سيطرة تنظيم "داعش".  وفى هذا الصدد، كشف محمد فوزى، المصور الحربى السابق بقناة الجزيرة، الذى عمل بها نحو 12 عامًا، أن هناك أعضاء من تنظيمات إرهابية مثل "جبهة النصرة" و"تنظيم أحرار الشام" فى سوريا يعملون مع قناة "الجزيرة" كموظفين برواتب.  وفى حين لا يخفى الدور القطرى التخريبى فى سوريا، فإنه يبدو أكثر وضوحًا فى ليبيا، التى كانت بمثابة فرصة ذات مكاسب متعددة لقطر، أولها إخراجها من معادلة المنافسة على تصدير الغاز لأوروبا، والسيطرة على ثرواتها الهائلة، وثانيا تصعيد نظام إخوانى عميل للدوحة يمكن من خلاله منح مشروع التمكين “الإخوانى” فى المنطقة نفسًا جديدًا، لكن المكسب الاستراتيجى الأهم كان هو حصار مصر، واتخاذ ليبيا - العمق الاستراتيجى الغربى لمصر- كمنصة لتهديد القاهرة وتصدير الاضطرابات الأمنية إليها. بدا الدور القطرى واضحًا فى ليبيا مع سقوط نظام "معمر القذافى" فى عام 2011، حيث اتجهت قطر وتركيا إلى تقديم كل أوجه الدعم للتنظيمات الإرهابية، مثل "حزب العدالة والبناء" (الذراع السياسية لتنظيم الإخوان الإرهابى) وميليشيات مدينة مصراتة أكبر داعم للإرهابيين فى الغرب الليبى.  وقدمت تركيا وقطر دعمًا لتحالف "فجر ليبيا" الإرهابى فى مواجهة "عملية الكرامة" التى أطلقها الجيش الوطنى الليبى فى مايو 2014  بقيادة قائده المشير خليفة حفتر. ولا يزال الدعم "القطرى- التركى" لميليشيات الإرهاب فى ليبيا قائمًا حتى اليوم، حيث فتحت الدوحة وأنقرة جسرًا جويّا لإغاثة حلفائها فى طرابلس وإمدادهم بالأسلحة من كل الأنواع، وبينها طائرات من دون طيار “درونز” لإنقاذهم من السقوط أمام عملية تحرير العاصمة التى يقودها الجيش الوطنى الليبى، التى تمثل ضربة قاصمة لطموحات تركيا وقطر فى المنطقة، وفشلًا جديدًا لمشروعهما الخبيث. وغير بعيد عن منطقة الخليج، تحوُّل اليمن إلى ميدان جديد لممارسة الإرهاب القطرى، من خلال دعم ميليشيات الانقلاب الحوثى، التى تعزز التواجد الإيرانى فى المنطقة، فإيران حليف استراتيجى لقطر، وواحدة من الدول التى توفر لها الحماية حاليًا، فضلًا عن مناكفة المملكة العربية السعودية، ومحاولة استنزافها فى المستنقع اليمنى لأطول فترة ممكنة. والشواهد على التورط القطرى فى دعم الإرهاب باليمن أيضًا عديدة ومتنوعة، فمؤخرًا أحبطت السُّلطات الأمنية فى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن مخططا إرهابيّا، بعد مداهمة وكر لتنظيم الإخوان الإرهابى، حيث عثرت على كميات كبيرة من الأسلحة القطرية، إضافة إلى كميات كبيرة من الأحزمة الناسفة كانت معدة للقيام باغتيالات.  وطيلة الأسابيع الماضية، عملت قطر على إثارة الفوضى فى المناطق اليمنية المحررة، وذلك بمحاولة تفجير الأوضاع بأرخبيل سقطرى ومحافظة شبوة، وذلك عبر أذرعها فى خلايا حزب الإصلاح (الذراع اليمنية لتنظيم الإخوان الإرهابى).  والأخطر أن استخدام الإرهاب تحوَّل من أداة لتحقيق المصالح القطرية فى الدول المستهدفة، إلى أسلوب ممنهج فى التعامل حتى مع الدول التى يبدو أنها خارج نطاق الاستهداف القطرى.  

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق