الخميس 10 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الجانب الآخر فى حياة«المضحكاتى»!

الجانب الآخر فى حياة«المضحكاتى»!

كلنا عرفناه صاحب أشهر ضحكة فى السينما المصرية الذى قدّم عشرات الأدوار المبهجة المرحة خفيفة الظل. لم يكن حسن فايق مجرد نجم كوميدى كبير فى العصر الذهبى للسينما والمسرح المصرى فقط، لكن هناك جانب آخر يستحق أن نتطرق إليه فى حياته. وهو دور مهم قام به أثناء وبعد ثورة 19.



كان لفايق فى بداية حياته وبالتحديد فى عمر الـ21 دور وطنى كبير فى ثورة 1919 من خلال كتابة وتلحين وغناء منولوجات ثورية تحث المتظاهرين على الثورة ضد الاستعمار الإنجليزى. ففى الوقت الذى كانت أغانى سيد درويش ملء السمع والبصر حين قدّم ثلاثيته الغنائية المعروفة "بلادى بلادى" و"قوم يا مصرى". و"أنا المصرى" وكانت تلهب حماس المتظاهرين، كان حسن فايق يقود المتظاهرين ويلهب حماسهم بمونولوجاته.   ثورة 1919  أصبح "فايق" من رموز الشباب المعروف فى ثورة 1919، وجمعته صداقة بزعيم الثورة سعد باشا زغلول بسبب حماسه، وتأثُر المتظاهرين بأشعاره ومنولوجاته، وبسبب الدور الوطنى الذى يقوم به حسن فايق فى توزيع المنشورات لدرجة أنه فى أحد الأيام غاب عن المشاركة فى المظاهرات وسأل عنه الزعيم سعد زغلول فقالوا له إنه مريض، فأرسل له طبيبه الخاص وطالبه أن يستجمع قواه سريعًا ويعود لصفوف المتظاهرين لأن مكانه لا يملأه أحد. وفى هذه الفترة منع حكمدار القاهرة الإنجليزى إقامة أى حفلات وألا تقدم أى أغانى أو مسرحيات إلا بعد أن يوافق هو شخصيًا عليها حتى لا تكون مصدرًا لأعمال ثورية تحث المصريين ضد الاستعمار، فلم يكن أمام حسن فايق سوى  تكوين فرقة مسرحية مع عدد من أصدقائه، مثل يوسف وهبى وعبدالوارث عسر وأحمد جلال وإستيفان روستى وحسين المليجى، وأطلق عليها "جمعية الاتحاد التمثيلية" لتكون منفذًا لمنولوجاته وتعبيرًا عن قضية وطنهم، وكان باكورة إنتاج هذه الفرقة  مسرحية "ملكة الجمال" ومسرحية "أحمد وحنا"،  وأيضًا مسرحية  "أريد أن أحيا" التى تضمنت عددًا من المونولوجات والأغانى  الثورية التى كتبها حسن فايق بنفسه. فغنى فيها  "التاريخ الأسود حافظينه ومكتوب.. واللى صباعه بيلعب مش حايتوب - مَهما تهددنا بالويل والحروب.. حنجاهد ونطالب بالحق المسلوب - يادولة بريطانيا ياناكثة العهود.. سنين عدّوا وفاتوا ونكثتى العهود- ونصبتى المفاوضة وفبركتى الردود.. وكأنك عصابة بتزيف النقود".. فكان لهذه الكلمات الأثر الكبير فى نفوس المتفرجين، ما جعلهم يخرجون بمظاهرة بعد انتهاء العرض مباشرة، الذى توقف بأمر من حكمدار القاهرة. فكر "فايق" فى تغيير اسم المسرحية إلى "الضحك على الذقون" بدلًا من أاريد أن أحيا"، لكن انكشفت اللعبة وتم إغلاق المسرح بشكل نهائى. لم يفقد حسن فايق الأمل فى تقديم منولوجاته الثورية للناس، فقرر أن يغنى منولوجاته فى كنيسة مصر الجديدة التى كان يجتمع فيها الثوار والزعماء ليستمعوا للخُطب، ثم يخرجون منها إلى الأزهر ليستكملوا اجتماعاتهم. وعندما نجحت ثورة 1919 وتم الإفراج عن سعد زغلول وزملائه كتب حسن فايق معبرًا عن فرحته بعودة صديقه الباشا قائلا: إيه اللى جرى النهاردة ياحاج يس.. بلادنا بتلالى وناسها مزقططين- رايات تشرح وحاجات تفرح يا محمدين". مع يوسف وهبى رُغم أن رصيد حسن فايق السينمائى هو الطاغى فى تاريخه الفنى بحُكم أن الإنتاج المسرحى فى العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات لم يتم تصويره؛ فإن بداية فايق المسرحية كانت بشكل مبكر، فبدأها مع فرقة روزاليوسف من خلال مسرحية "فران البندقية" عام 1914، ثم التحق بفرقة عزيز عيد، التى ظل بها حتى عام 1917 قبل أن يفكر فى تكوين فرقة مسرحية للهواة مع حسين رياض ويوسف وهبى، والتى تم حلها، وبعدها انضم لفرقة رمسيس التى أسَّسَها يوسف وهبى بنفس نجوم الفرقة القديمة.    لكن لم يستمر حسن فايق طويلًا فى الفرقة بسبب إصرار يوسف وهبى على ترشيحه للأدوار الثانوية، وقيل وقتها إن هناك موقفًا أخذه "وهبى" من "فايق" بعد أن كتبت إحدى المجلات إن يوسف وهبى هو تلميذ حسن فايق وإنه قلده فى تكوين فرقة مسرحية وضم لها نجوم فرقة حسن فايق التى تم حلها، فقرر أن يرشحه للأدوار الثانوية، فقرر "فايق" أن يرحل عن الفرقة وانضم لفرقة الريحانى وبعدها الفرقة القومية التى كان يديرها زكى طليمات وفرقة إسماعيل يس وأخيرًا فرقة مسرح التليفزيون التى تم إنشاؤها فى الستينيات، ومن أهم أعماله على خشبة المسرح "الستات ما يعرفوش يكذبوا، والدلوعة، وحُكم قراقوش، وحسن ومرقص وكوهين"  وغيرها. أمّا فى السينما فقد بدأ مشواره فى أوائل الثلاثينيات عندما قدم فيلم "أولاد الذوات"، وانطلق بعد ذلك فى سلسلة من أشهر أفلامه، منها "العقل والمال، أم رتيبة، البوليس السرى، ليلة الدخلة، نشالة هانم، لهاليبو، وعريس الهنا، ولعبة الست، وأبو حلموس، والعيش والملح، وقمر14، وإسماعيل يس فى جنينة الحيوانات، وسكر هانم، والزوجة 13، وخطيب ماما، وشارع الحب"، وكان آخر أفلامه "معبودة الجماهير" ليصل رصيده السينمائى لأكثر من 160 عملًا سينمائيًا. فى أحد حواراته الصحفية سُئل حسن فايق عن سر ضحكته الشهيرة التى أصبحت جزءًا من شخصيته، فقال إن هذه الضحكة لها قصة معه، ففى بداية حياته وأثناء تقديمه لأحد الأعمال المسرحية لفت نظره أحد المتفرجين الذى كان يجلس فى الصفوف الأولى والذى كان يضحك بشكل مميز وبأسلوب متقطع، فكان الجمهور يضحك على صوت هذا الرجل أكثر من ضحكهم على المسرحية، فقرر أن يستعين بضحكة هذا الرجل فى أعماله، لتصبح واحدة من أشهر الضحكات فى السينما المصرية. لم تكن نهاية حسن فايق بعيدة عن مصير كوميديانات عصره، مثل زينات صدقى التى ماتت فقيرة، وعبدالفتاح القصرى الذى أصيب بالعمى فى أواخر أيامه، وإسماعيل يس الذى عمل فى نهاية حياته فى كباريهات الدرجة الثالثة، فكان حسن فايق على موعد مع قسوة القدر، ففى أواخر الستينيات أصيب حسن فايق بشلل نصفى أقعده عن العمل، وواجه ظروفًا مالية صعبة فى السنوات الأخيرة من حياته، وعندما علم الرئيس أنور  السادات بظروفه قرر صرف  معاش استثنائى له. وفى عام 1980 تعرَّض حسن فايق لهبوط فى الدورة الدموية ليكتب نهاية حزينة لواحد من أهم كوميديانات السينما المصرية.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق