السبت 15 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

02 جنيهًا أخرت جنازة الشاويش عطية

عرف الجمهور، الفنان رياض القصبجى، بشخصية "الشاويش عطية"، لتبقى هذه الشخصية علامة مهمة فى تاريخ السينما الكوميدية فى مصر، والتى نجح القصبجى فى تجسيدها ببراعة فى سلسلة أفلام من بطولة إسماعيل ياسين. وقد نجح القصبجى فى تكوين دويتو فنى مع بطلها الذى صعد نجمه فى أوائل الخمسينيات. وحقق الثنائى نجاحًا باهرًا فى تلك الأفلام.



لم تقتصر أدواره المميزة التى جسَّدها على «الشاويش عطية»، بل كانت له بصمته الفنية أيضًا أمام الكثير من النجوم وفنانى الزمن الجميل، مثل عبدالحليم حافظ فى "شارع الحب" وفريد شوقى فى فيلم "بورسعيد"، وغيرهما من النجوم الكبار. أربع زيجات رغم حدة ملامح وجهه، فإن القصبجى كان يتسم بشخصية هادئة وطيبة للغاية. وكانت تربطه علاقات طيبة بجيرانه وممن حوله. تزوج "الشاويش عطية" أربع مرّات، الأولى لم يكتب القدر أن يستكمل الزيجة معها، والثانية رفضت مساندته ومساعدته فى محنته أثناء بحثه عن عمل فى بداية حياته المهنية، والثالثة قام بتطليقها لعدم مقدرتها على أن تحيا معه فى ظل ضيق الرزق. أمّا الزوجة الرابعة فهى "سعاد" تلك السيدة التى دعمته حتى استطاع أن يحقق نجاحه الفنى وأنجب منها نجله الوحيد "فتحى" ووقفت بجانبه أثناء فترة مرضه العصيبة. كان أول الأفلام التى لعب فيها شخصية الشاويش عطية "إسماعيل يس فى الجيش" عام 1955، وهو الفيلم الذى حضر عرضه الأول المشير عبدالحكيم عامر ومجلس قيادة الثورة فى سينما ريفولى. ورغم البسمات والفرح الذى أدخله على قلوب مشاهديه ومحبيه، فنهايته كانت حزينة، ففى آخر فيلم له وهو "أبو أحمد" وأثناء التصوير مع النجم فريد شوقى، طلب "القصبجى" من زوجته "سعاد" أن تأتى لمنزلهم الذى يملكونه بمنطقة رأس البر ليبقوا فيه لحين انتهائه من التصوير. ولكن ما لبث أن أنهى تصوير مشاهده فى هذا الفيلم وتوقفت جميع شرايين ذراعه اليسرى وقدمه اليسرى بسبب ارتفاع ضغط الدم، فاضطرت زوجته ونجله لنقله إلى القاهرة مشلولًا. صحيح كانت هناك محاولات ممن حوله لتهوين شدة المرض عليه، من بينها محاولة المخرج والممثل نور الدمرداش الذى عرض عليه أن يجسد شخصية عمدة تم الأخذ منه بالثأر وأصيب بالشلل، ولكن "القصبجى" شعر أن العرض الذى قدمه الدمرداش مساعدة له وليس تجربة حقيقية للتمثيل، فقرر الاعتذار عن عدم القيام بالدور. وفاء الأصدقاء  بعد مأساته المرضية، حاولت نقابة الممثلين مساعدته  لكنها لم تستطع توفير إلّا عشرة جنيهات فقط. وحينئذ ظهرت أصالة أصدقائه أمثال النجم محمود المليجى، المخرج فطين عبدالوهاب، والسيناريست على الزرقانى، والفنانة زهرة العلا الذين استطاعوا أن يساعدوه ماديًا للوفاء بتكاليف الدواء. وقتها آمن "القصبجى" بنصيحة زملائه بالسكة الحديد ، الذين حذروه من أن مجال التمثيل ليس مضمونًا، فقبل أن يصاب بالشلل كان القصبجى يتحصل على دخل ما مجمله نحو 300 جنيه من المسرح والسينما، وكان يشعر بالرضا التام، لكن ظروف المرض غيرت الأمور كثيرًا. ورُغم ترديد "القصبجى" دائمًا قوله عن حُبه لنجوم الفن وبشكل خاص للفنان الكوميدى إسماعيل يس، اللذين كانا يمثلان سويّا ثنائيّا كوميديّا فريدًا من نوعه، فإن "يس" لم يقم بزيارته طوال فترة مرضه ومكوثه بالفراش سواء عن طريق زيارته أو مكالمته هاتفيًا. وفى المقابل، كانت الفنانة فاتن حمامة والنجم توفيق الدقن من بين أكثر النجوم الذين داوموا على زيارته أثناء فترة مرضه. وجاءت مَعزّتهما له بسبب فيلمى "الأستاذة فاطمة" و"طريق مسدود" اللذين شارك رياض القصبجى التمثيل بهما مع الفنانة فاتن حمامة، وأمّا توفيق الدقن فقد كانت تجمعه به صداقة طويلة، وكانا يجلسان سويّا بمقهى فى شارع عماد الدين. ونظرًا لطول مدة مرضه، عندما توفى رياض القصبجى لم يكن يتوافر بمنزله مصاريف لدفنه، فلجأ نجله "فتحى" لنقابة الممثلين، وصرف له النقيب سيد الغازولى عشرين جنيهًا، ولكنها لم تفِ بمصاريف الدفن والعزاء، واضطروا للانتظار وإبقائه فى المنزل، لحين تجميع أموال كافية لإقامة جنازته، فعلم المنتج جمال الليثى بتلك المأساة، وتكفل بجميع تكاليف الجنازة حتى تم دفنه عام 1963.

 

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق