الأحد 11 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القصرى.. «المعلم الأرستقراطى»!

"يا صفايح الزبدة السايحة يا براميل القشطة النايحة".. "ست.. أنا مش شايف أيها ست".. "خلاص.. هتنزل المرّة دى.. لكن يكون فى علمك المرّة الجاية لا ممكن تنزل أبدًا". عبارات وجُمل يرتبط ذِكْرُها بشخصيه فريدة من نوعها، شخصية كوميدية من الطراز الأول.. هو الفنان الراحل عبدالفتاح القصرى.. المعلم.. ابن العائلة.



تخرج القصرى فى مدرسة الفرير الفرنسية، حيث كان والده يعمل جواهرجيّا، وكثيرًا ما طلب منه أن يعمل معه ولكن كان عبدالفتاح مرتبطا ومتعلقًا بحُبه وشغفه بالمسرح والتمثيل، الأمر الذى تسبب له فى خلافات لا حصر لها مع  والده، ولكن القصرى رفض واستمر فى العمل بالمسارح والسينما حتى قام والده فى النهاية بحرمانه من الميراث، وانتهى به الحال وشغفه بالمسرح والفن أنه كان يبيت فى المسرح بالليالى لعدم توافر أموال لديه لتأجير سكن. عن أدواره يقول: "أنا لا أصلح إلا لأدوار ولاد البلد، صاحب قهوة، جزار، حانوتى، مقدرش أمثل دور باشا عمرى ماقعدت مع باشوات". وكان هذا رده عندما عرض عليه المخرج أحمد بدرخان أن يقوم بتجسيد شخصية زكى باشا مبارك فى فيلم "مصطفى كامل"، ولذلك كان متقنًا لأدوار المعلمين فى معظم أفلامه. أول صفعة  انضم القصرى إلى فرقة جورج أبيض المسرحية، وأثناء العرض كان يقدم مشهدًا تراجيديّا لكنه أداه بشكل كوميدى ما جعل الجمهور يضحك، فقام جورج أبيض بتوبيخه وصفعه على وجهه وطرده من الفرقة. رُب ضارة نافعة، فقد علم الفنان نجيب الريحانى بما حدث فطلب على الفور إحضار عبدالفتاح القصرى. وبالفعل انضم القصرى لفرقة نجيب الريحانى، وقدّم عدة مسرحيات على مسرح الريحانى، وبعد ذلك انضم إلى فرقة إسماعيل يس، التى فتحت له أبواب الشهرة، ورُغم شهرته الكوميدية الواسعة، فإنه لم يقُم بأى دور بطولة مطلقة على مدار مسيرته المهنية، حيث كان يظهر دائمًا بدور المساند للبطل، ولكنه كان دائمًا يترك بصمة مؤثرة فى العمل، فأدواره ظلت خالدة فى أذهان الناس حتى وقتنا هذا. وعُرف عن عبدالفتاح القصرى صداقته بالفنان إسماعيل يس بشكل وثيق، وظهر هذا فى عدد من الأعمال الفنية التى جمعتهما، ولم تكن صداقة عبدالفتاح القصرى وإسماعيل يس فى المجال الفنى فقط، فقد ظهر دور إسماعيل يس الصديق فى أشد محن عبدالفتاح القصرى، ففى أحد العروض المسرحية التى جمعت بينهما فوجئ بقوله "لا أستطيع الرؤية"، الأمر الذى جعل الجمهور يضحك واعتبروا أنه يؤدى مشهدًا من المسرحية، وهنا ظهر دور إسماعيل يس الذى شعر بالحقيقة، وهى أن صديقه قد أصيب بالعمى نتيجة ارتفاع نسبة السكر لديه، فأنزل الستار وأخذه إلى الكواليس وأنهى العرض المسرحى. النهايات القصرى، الذى أضحك الملايين عانى من أزمات كثيرة فى حياته، ولم يرزق بأبناء من زوجاته الأربع، ما دفعه إلى تبنى شاب كان يعمل لدى بقال متواجد أسفل منزله، فقام القصرى برعايته ماديّا ومعنويّا، وظل يرعاه ما يقرب من 15 عامًا، واعتبره ابنه الذى لم ينجبه، ولكن هذا الابن كان بمثابة الضربة القاضية وسببا فى حزنه واكتئابه. حيث تزوج عبدالفتاح القصرى من فتاة أصغر منه سنّا بنحو 20 عامًا، وكانت هذه الفتاة تعمل ممرضة فى المستشفى الذى يذهب له، وكانت الممرضة الخاصة له وأعجب بها كثيرًا وتزوجها. ولكن عندما أصيب بالعمى كانت أول من قسَى عليه، حيث طلبت منه الطلاق، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل أعلنت له عن علاقة تربطها بابنه بالتبنّى وأنهما يريدان الزواج من بعضهما، وأجبرته أن يشهد على عقد قرانهما مقابل أن تترك له غرفة يعيش فيها!!.   وكانت مأساة سببًا فى ازدياد المرض لديه خصوصًا بعدما وجعلته يتنازل عن جميع ممتلكاته وأمواله لصالحها، وليس هذا فقط، فقد وصل الأمر بأنها كانت تعطيه مصروفًا، فقد كانت هى المتحكمة فى كل شىء، وفى النهاية قام بتطليقها وتزوجت من ابنه بالتبنّى!!.  لم تتوقف ابتلاءات القصرى عند هذا الحد، فقد هدمت الحكومة منزله وأصبح بلا مأوى، ووقتها طلب عدد من الفنانين من محافظ القاهرة صلاح الدسوقى، إعطاء شقة لعبدالفتاح، وبالفعل وافقت المحافظة وأعطوا له حجرة فى حى الشرابية كانت بسيطة، بالإضافة إلى صرف معاش 10 جنيهات شهريّا.  لم تكتفِ طليقته بكل هذا، فقد خسرت هى والشاب الذى تزوجته كل شىء وذهبا إلى القصرى ليعيشا معه بعد أن أصبح لا منزل ولا مأوى لهما، وكانت تمنع عنه الزيارة وتعامله بمنتهى القسوة، وهى مواقف شهدت بها الفنانتان نجوى سالم ومارى منيب عندما ذهبتا لزيارته فمنعتهما طليقته من الزيارة وحبسته فى بدروم المنزل.  كل هذه المأسى والتراكمات أدت إلى سوء حالته الصحية وازدياد المرض، ووصل إلى حد فقدان الذاكرة وإصابته بالتصلب فى الشرايين، وقامت الفنانة هند رستم بجمع التبرعات له من الفنانين فاشتروا غرفة نوم وسريرًا له لكى ينام عليه، وقامت نجوى سالم بنقله إلى مستشفى قصر العينى، وكانت لديه شقيقة تُدعى "بهية" هى من تقوم بمرافقته ورعايته وملازمته. وصلت مأساه القصرى فى اخر ايامه إلى مناداته المارة من شباك حجرته قائلا"عايز سيجاره ياناس" فقد تدهور به الحال إلى الحد الذى كان يدفع اطفال المنطقه إلى الضحك وطلبهم منه ان يردد اشهر افيهاته "قول نورماندى تو ياعم عبد الفتاح ". بعد وفاته لم يحضر جنازته سوى 6 اشخاص هم شقيقته بهيه والفنانه نجوى سالم وجاره قدرى الذى كان يعمل منجد وسعيد عسكرى الشرطه بالحى والحلاق وصديق له كان يعمل ترزيًا. توفى القصرى وقد ترك لنا اعمالا لم ننسها لكنه مات حزينا وحيدا، اعطى الجميع البهجه وغابت عنه الضحكه.

 

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق