الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مدرس ألعاب بدأت نجوميته فى السودان

نبوءة خاف منها «الهنيدى»

 كانت بداية مشوار أمين الهنيدى مع الفن فى برنامج "ساعة لقلبك"، لكنه كان فى آخر الصفوف به، وظل لفترة طويلة على هذا الوضع، حيث لم يكن معروفًا لدى الجمهور. وفى عام 1939 انضم "الهنيدى" لفرقة نجيب الريحانى لكنه شارك فى مسرحية واحدة بعدها سافر إلى السودان، حيث عمل مدرسًا للتربية الرياضية. وهناك التقى بالفنان "أبولمعة" وكوَّنا معًا فرقة مسرحية بالنادى المصرى بالخرطوم، فكانت بدايته الفنية الحقيقية.



حضر الاثنان فى الإجازة الصيفية إلى القاهرة، التقى "الهنيدى" الفنان عبدالمنعم مدبولى والمؤلف يوسف عوف، واتفق "الهنيدى والمصرى" على أن يقدما برنامج "ساعة لقلبك" بالتبادل، بحيث يقدّمها المصرى أسبوعًا ويقدمها الهنيدى أسبوعًا، فقدمها لأول مرّة المصرى فنجحت نجاحًا باهرًا، فأقنعه الهنيدى أن يقدمها فى الأسبوع التالى كى يثبت الشخصية، ولما كانت من أنجح شخصيات "ساعة لقلبك"، قال أبو لمعة للهنيدى إنه ليس من الصالح أن يقدّم الشخصية أحد غيره، واستأثر بها.  واضطر الهنيدى للبحث وابتكار شخصية جديدة، وكان أن قدم شخصية "الفلاح فهلاو"، ولكنها لم تحقق النجاح الذى لاقته شخصية "أبو لمعة". مع كاريوكا التحق "الهنيدى" بعدها بفرقة تحية كاريوكا، وفى هذا الوقت تكونت فرقة التليفزيون المسرحية، ويروى المؤلف والمنتج سمير خفاجى، فى مذكراته، أنه رشح الهنيدى للمخرج حسين كمال للقيام بدور فى ثانى أعماله المسرحية عن رواية الكاتب الكبير نجيب محفوظ "خان الخليلى". قال خفاجى: "كان حسين قد اختار لشخصية المعلم نونو الفنان محمد رضا، ولكن إدارة الإنتاج اعتذرت لارتباط رضا بعدة أعمال، فرشحت له الهنيدى، فذهب حسين كمال لإدارة الإنتاج وطلب إحضار أمين الهنيدى للقيام بالدور، فانبرى مدير الإنتاج شكرى عبدالوهاب وقال له أمين الهنيدى مين؟ بتاع ساعة لقلبك ده دمه تقيل وممثل على قد حاله.  ثار حسين كمال وقال: سمير خفاجى عايز يسقطنى، عايز روايته بس اللى تنجح، أنا مش عايز أمين الهنيدى ده، هاتولى محمد أباظة".  ويكمل خفاجى: "قابلنى حسين كمال فوجدته متخذًا موقفًا منّى. فسألته: إيه الحكاية، فى إيه؟ لاوى بوزك ليه؟ قالى أنا صاحبك عاوز تدينى مقلب ليه؟ إيه الهنيدى ده؟  قلتله ده ممثل عظيم وقدم شخصية الشيخ حسن بعبقرية ومن سوء بخته إنه لم يصورها، قالى خليلك عبقريته، شَغله فى روايتك يا حبيبى وابعد عن روايتى.. وقد كان". يشير "خفاجى" فى مذكراته "كنا قد انتهينا من كتابة الفصل الأخير من مسرحية "أصل وصورة"، فوجدت أن دور الحانوتى مناسب لأمين الهنيدى تمامًا، وكان الدور من أبرز أدوار المسرحية، وبعد أن انتهينا من كتابتها أضفتُ مشهدًا للحانوتى فى البار وهو يسكر، وكان أهم مشاهد الهنيدى فى المسرحية". ويستكمل خفاجى: "حينما عرضت المسرحية طغى دور الحانوتى على بقية الأدوار وأدّاه الهنيدى بتفوق ملحوظ. واستقبله الجمهور استقبالًا حارًا رُغم أن أمين الهنيدى فى هذه الفترة لم تكن له شعبية محمد عوض ولا شهرة عبدالمنعم مدبولى، فعوّضته هذه المسرحية عن سوء حظه فى الفترة السابقة". ويحكى "خفاجى" أحد المواقف التى حدثت بين "الهنيدى" والفنان عادل إمام فقال إن أمين الهنيدى كان لا يحب أن يزيد أى ممثل من الضحك فى المسرح خارج النص غيره، إلا أن عادل إمام خلال إحدى المسرحيات معه بدأ ينطلق مع الجمهور مما أغضب الهنيدى. وأكمل: "طلب الهنيدى طرد عادل إمام وطلب من الفنان حسن مصطفى أن يأتى بدلًا منه، وعندما وجد الهنيدى ثائرًا وافق مؤقتًا وقال له إنه سيختفى ويسافر فى اليوم الثانى، وفى اليوم الثانى ذهب عادل إمام للمسرح ووجد أن اسمه أزيل من الأفيش ووضع بدلًا منه حسن مصطفى، لكنه قرر تقديم المسرحية على أكمل وجه". فرقة مسرحية  فى مطلع الستينيات قرر "الهنيدى" تأسيس فرقة مسرحية باسمه، "فرقة أمين الهنيدى المسرحية"، وعلى مدار سبع سنوات قدم إحدى وعشرين مسرحية، بمعدل ثلاث مسرحيات كل عام، استعان فيها بكل أصدقائه المقربين من ممثلين وكُتّاب ومخرجين، ومن لهم الفضل عليه، حيث بدأ بمسرحية "عبود عبده عبود" التى كتبها عصام الجمبلاطي، وأسند إخراجها لأستاذه وأول من منحه الفرصة، الفنان السيد بدير. كانت مسرحية "لوكاندة الفردوس" من الأعمال المميزة التى شارك فيها الهنيدى، حيث قام بدور عبدالمتجلى صاحب اللوكاندة، وشاركه بطولة هذه المسرحية عبدالمنعم مدبولى، ونجوى سالم، ومحمود أبو زيد، وسلامة إلياس، وصلاح السعدنى، وقد عرضت فى عام 1964. وفى عام 1967 قدّم الهنيدى إحدى شخصياته المهمة، وهو دور تحفس أفندى، من خلال الفيلم الغنائى الاستعراضى الكوميدى "غرام فى الكرنك"، واستكمالا للكوميديا المسرحية قدّم "الهنيدى" المسرحية الشهيرة "غراميات عفيفى" عام 1970، التى شاركه بطولتها ليلى طاهر، ومحمود الجندى، ونظيم شعراوى، وعادل إمام. فى عام ‏1978، عندما بدأ يعانده الحظ، قدّم الهنيدى مسرحية "أنا آه.. أنا لا"، حيث اختلف معه الفنان نبيل بدر، حول حقه فى المسرحية باعتباره مؤلفها، وقام برفع دعوى قضائية ضده، فقضت المحكمة بفرض الحراسة القضائية على المسرحية، وأصدرت محكمة جنوب القاهرة حكمها بإيداع نصف أرباح فرقته فى خزانة لصالح نبيل بدر، كما ادّعى عليه بعض الممثلين أمام المحكمة أنه لا يعطيهم الفرصة فى الأدوار التى يقومون بأدائها، ما أصابه بحزن عميق، وقرر حل الفرقة. هواجس الوفاة سيطرت على الهنيدى دائما هواجس الوفاة وذهب للعديد من الأطباء لكنهم لم يكتشفوا إصابته بأى مرض مما جعله يضطر للذهاب إلى عرّاف، حيث فاجأه بكلمات صادمة، فقد أخبره بأنه سيصاب بمرض خطير سينهى حياته، وكانت لتلك الكلمات تأثيرها الخطير عليه، حيث عاش سنوات وهو متأثر بها رافضًا نصائح كل من حوله بعدم تصديق هذه الخرافات، ولكنه فى بداية الثمانينيات اكتشف إصابته بمرض سرطان المعدة، ما جعله يتغيب كثيرًا عن عمله الفنى وتراكمت عليه الديون وأصيب بالاكتئاب. بعد سفره للعلاج على نفقة الدولة عاد إلى القاهرة وقد هزمه المرض وقضى على معنوياته، وبعدما  انتشر فى جسمه، ظل فى العناية المركزة بأحد المستشفيات وهو لا يملك مصاريف علاجه حتى توفى فى 3يوليو عام 1986 ولم تستطع الأسرة الحصول على جثمانه لأنها لم تكن تمتلك 2000 جنيه قيمة مصاريف العلاج حتى تم توفيرها من زملائه ليتم الإفراج عن جثته ويصرح بدفنه. وللهنيدى نحو ٤٠ فيلمًا والعديد من المسرحيات، وقد بدأ مشواره السينمائى عام ١٩٦١ بفيلم "الأزواج والصيف"، ومن أفلامه "غرام فى الكرنك، ومنتهى الفرح، وحارة السقايين، وشنطة حمزة، وأشجع رجل فى العالم، و٧ أيام فى الجنة"، وكان مُقلا فى السينما، حيث كان المسرح معشوقه الأول، كما شارك فى العديد من التمثيليات التليفزيونية والإذاعية الرمضانية.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق