السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد عوض.. إمبراطور السبعينيات

محمد عوض.. إمبراطور السبعينيات

 من مسرح الجامعة، بدأ الطالب محمد عوض  مشوار الفن، ووقتها كوّن فرقة مسرحية من زملائه بمشاركة صديقه الفنان سعيد عبدالغنى تحت إشراف أستاذهم الكاتب الصحفى أنيس منصور. وكانت الفرقة تقدّم مسرحيات نجيب الريحانى ولاقت نجاحًا كبيرًا حتى إن أحد عروضها حضره 12 ألف متفرج من الطلبة.



مسرح الجامعة كان فى هذه الفترة فى أوج نشاطه؛ حيث كانت هناك أكثر من فرقة، بينها واحدة بقيادة المخرج جلال الشرقاوى، وأخرى بقيادة الفنان كرم مطاوع، وثالثة تقدّم عروضًا مسرحية باللغة الإنجليزية كانت تمثل فيها زميلته قوت القلوب مازن، التى أصبحت زوجته وأم أولاده فيما بعد،  لكن كل هذه العروض لم تكن تحقق النجاح الذى تحققه فرقة عوض. المَثل الأعلى ولأنه كان من عشاق الفنان نجيب الريحانى ويعتبره مَثله الأعلى فى التمثيل والحياة، فكان يقف على باب المسرح ينتظر لحظة خروجه حتى يراه وهو يركب الحنطور عائدًا إلى بيته، فيجرى بجوار الحنطور حتى يراه،  وظل على هذا الحال، ومرت الأيام حتى أصبح فيما بعد أحد أفراد فرقة الريحانى، بل أعاد تمثيل بعض مسرحيات الريحانى، ومن المفارقات أن هناك عروضًا قدمها الريحانى لم يتقبلها الجمهور لكنها مع "عوض" حققت نجاحًا كبيرًا مثل مسرحية "حُكم قراقوش". استطاع محمد عوض وهو لايزال طالبًا فى الجامعة، أن يقنع فنانى فرقة نجيب الريحانى بالمشاركة فى عروض الطلبة على مسرح الجامعة، ومنهم  مارى منيب وعقيلة راتب وسعاد حسين، ما أهله أن يتعين فى الفرقة فى نفس عام تخرُّجه فى الجامعة براتب 7 جنيهات، فساعده ذلك فى الإنفاق على شقيقاته البنات.  ولكونه حديث العهد بفرقة مسرح الريحانى، فلم يكن له مكان أو غرفة خاصة به، فتبنته مارى منيب ومنحته جزءًا من دولابها الخاص، وبدأ بالأدوار الصغيرة، وكان عادة ما يقوم بدور البديل فى حالة مرض أو غياب بطل الفرقة الفنان عادل خيرى. بعد ذلك التحق "عوض" بفرقة "ساعة لقلبك" وحقق نجاحات كبيرة مع عبدالمنعم مدبولى وفؤاد المهندس وخيرية أحمد وغيرهم، ومع افتتاح مسرح التليفزيون قدّم مسرحية "جلفدان هانم" التى استطاع بها تغيير قوانين مسرح التليفزيون؛ حيث كانت مدة العرض لا تتجاوز الأيام الثلاثة، ولكن بسبب النجاح الساحق الذى حققته المسرحية امتد العرض واستمر مدة ثلاث أشهُر. وتدَخَّل الدكتور عبدالقادر حاتم- وزير الثقافة والإرشاد القومى- لتعديل أجره حتى وصل 400 جنيه، وكان أعلى أجر يحصل عليه ممثل فى التليفزيون. ومع "جلفدان هانم" حصل "عوض" على النجومية والشهرة رُغم أنه كان رافضًا الدور فى البداية، ولكن المخرج عبدالمنعم مدبولى أصَرَّ عليه، وكانا لا يتخيلان كل هذا النجاح. وهكذا استطاع محمد عوض فى سن صغيرة أن يحقق نجاحًا غير مسبوق، وأن يحصل على أعلى أجر، فمن البداية قدّم عروضًا نجحت نجاحًا عظيمًا، مثل "جلفدان هانم ومطرب العواطف ونمرة 2 يكسب" وجميعها وضعته على القمة. ويُعرف عن محمد عوض أنه صاحب أكبر رقم فى عدد العروض المسرحية؛ حيث فاق عدد المسرحيات التى مثلها المائة مسرحية، فكان إمبراطور مسرح السبعينيات، ولكن لم يصور معظمها، ومن بينها عروض خصصها للجنود داخل الخنادق وعلى الجبهة، فوسائل التسجيل والاحتفاظ بالأعمال كانت بدائية وضعيفة، وكان الفنانون لا يهتمون كثيرًا بفكرة التسجيل وتصوير الأعمال، فضاع مجهود وتعب الكثيرين ولم يتَح لأجيال تالية الاطلاع على هذه الكنوز. من المواقف المفصلية فى حياة عوض المسرحية، أنه خلال عرض مسرحية "مدرسة المشاغبين" لسعيد صالح وعادل إمام، كان يقدم   مسرحيته "هاللو دوللى" مع فؤاد المهندس وشويكار وكانت ناجحة جدّا، لدرجة أن نجله عادل عوض يقول إنها تفوقت على المشاغبين فى الإيرادات، ولكن رُغم النجاح الساحق الذى حققته؛ فإن فؤاد المهندس رفض تصويرها ثم عرضتها الفنانة شويكار فى الكويت بفنانين من الكويت. وفى عام 1986 أصبح "عوض" صاحب فرقة مسرحية ضمت عددًا كبيرًا من النجوم، مثل نبيلة عبيد وعبدالمنعم مدبولى، وكان يستعين بكبار النجوم والنجمات وحقق بهم نجاحًا وقدّم عروضًا مسرحية متميزة. مرحلة السينما باعتباره نجمًا مسرحيّا دخل "عوض" السينما من أوسع أبوابها وعمل مع كبار المخرجين مثل هنرى بركات فى فيلم "أخواته البنات" و"السيرك" مع الفنان عاطف سالم، وحقق نجاحات كبيرة وكوّن "ثلاثى" مع صديقيه حسن يوسف ويوسف فخر الدين، وقدّموا عدة أعمال ناجحة، فوافقت نجمات مثل سعاد حسنى أن تشاركهم فى أكثر من عمل مثل "حواء والقرد" و"شقة الطلبة"، ومعهم قدّمت المطربة نجاة فيلم "شاطئ المرح"، ونادية لطفى فيلم "كيف تسرق مليونير؟" ونبيلة عبيد أفلام "السيرك والمراهقات وشلة المحتالين"، وسميرة أحمد فيلمى "العمياء وأكاذيب حواء". ويفخر محمد عوض كثيرًا بفيلم "السيرك"؛ حيث حصل على جائزة أحسن ممثل وتسلمها من الرئيس جمال عبدالناصر، ونجح الفيلم من الناحية الفنية والجماهيرية، فالقصة لصلاح أبو سيف والإخراج لعاطف سالم والبطولة لحسن يوسف وسميرة أحمد ونبيلة عبيد وهدى سلطان، وكانت المنتجة المنفذة الفنانة مديحة يسرى، ولكل هذا كان لهذا العمل مكانة خاصة عنده. لكن "عوض" تعرّض بعد ذلك إلى انكسار فنى كبير فى فيلم "شيلنى وأشيلك" مع المخرج على بدرخان، الذى طلب منه أن يقدم دورًا بعيدًا عن الكوميديا فلم يتقبله الجمهور ورفضه ولم ينجح الفيلم. توفى الفنان محمد عوض عام 1997 بعد مشوار كبير حقق خلاله نجاحات كبيرة وحفر اسمًا لامعًا ومميزًا فى مملكة الفن.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق