الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ماذا تعرف عن سيكولوجية الضحك؟!

ماذا تعرف عن سيكولوجية الضحك؟!

"الضحك ظاهرة، وظيفتها إطلاق الطاقة النفسية التى تمت تعبئتها بشكل خاطئ أو بتوقعات كاذبة"... هذا ما قاله فرويد. "الضحك الإنسانى له أصوله البيولوجية كنوع من أنواع التعبير عند المرور بخطر ما"... حسب ما قال جون موريال. "الضحك هو الاستجابة للإدراك الذى يقر بأن الكينونة الاجتماعية ليست شيئًا حقيقيًا"... بيتر مارتينسون.



ثلاث مقولات لثلاثة من كبار الفلاسفة من مدارس واتجاهات مختلفة تتحدث عن "الضحك". فالضحك ليس تسلية بأشياء عديمة القيمة كما يظن البعض، إنما شىء عظيم وعبقرى ومعقد، وطريق سهل لحياة ممتعة خالية من الأمراض، وسيلة للتعبير مثله مثل الكلام أو الإيماءات، أداة لتحرير طاقات نفسية عديدة كتمها وعدم التحرر منها يسبب مشاكل لا عدد لها. لم يكن الفلاسفة وحدهم من توقف أمام الضحك، الدراسات العلمية والأبحاث الخاضعة لأدوات ومناهج علمية، أثبتت هى الأخرى أن للضحك تأثيرًا على وظائف الجسم الداخلية، يساعد على زيادة الأكسجين الذى يصل إلى الرئتين، وينشط الدورة الدموية، ويساعد على دفع الدم فى الشرايين. وأكدت أبحاث نشرها موقع Powerofpositivity، المختص فى علم الطاقة الإيجابية، أن الضحك يعزز من صحة القلب بشكل كبير وفعال، فهو يطلق هورمون الإندورفين فى الدماغ، ما يساعد على التخفيف من التوتر، ويقلل الشعور بالألم بشكل مباشر، ويعزز الجهاز المناعى، بالإضافة إلى السيطرة على الضغط المرتفع، وتحسين تدفق الدم إلى باقى الجسم، وحتى تقليل مخاطر السكتة القلبية. فطرة سليمة الضحك رد فعل طبيعى للإنسان السليم على المواقف المضحكة، ووسيلة دفاع ضد مواقف الخوف العفوية، وتعبيرٌ عن التعاطف والتفاهم المتبادل بين البشر، وهو أيضًا إحدى وسائل التواصل البشرى على مدى التاريخ، فالإنسان عندما يضحك تتحرك 17 عضلة فى الوجه و80 عضلة فى الجسم بأكمله وتزداد سرعة التنفس، وأن الطفل الرضيع يبدأ فى الضحك بعد مرور (17) يومًا فقط من مولده، حتى الطفل الأصم أو الأعمى يظل محافظا على قدرته على الضحك. وتأثير الضحك لا يقتصر على الجانب النفسى، بل يمتد أيضًا للجانب الفسيولوجى، وإن كان كلا الجانبين مرتبط بالآخر، يؤثران ويتأثران ببعضهما البعض. هل حقًا يحمينا الضحك من مشاكل نفسية تتطور مع الأيام وتسبب مشاكل وأمراض جسدية؟ نعم بكل تأكيد، فالباحثون أكدوا أن قلة الضحك أحد أسباب زيادة وانتشار الأمراض النفسية، بل ويرونه (الضحك) دواءً مُهمًا لدفع التشاؤم واليأس، والترويح عن النفس، ووسيلة لدفع المَلل الناتج عن حياة الجد والصرامة، وتنفيس عن آلام الواقع. وينظر إليه أيضًا على أنه تمرين رياضى، ووسيلة لإطلاق طاقة نختزنها فى داخلنا وندخرها لمواجهة المواقف الجادة فى الحياة تخرج فى صورة ضحك. المثير للانتباه أن العلماء قسّموا الوظائف النفسية إلى الوجدان (العواطف)، والإدراك (التفكير)، والنزوع (السلوك)، وعندما نضحك فإننا نمارس نشاطا يتعلق بكل هذه الجوانب الثلاثة، أى أن الضحك هو وظيفة نفسية شاملة، كيف؟! الإجابة هى أنه حين تتعرض لموقف يحمل دعابة أو يبعث على الضحك، فستشعر بالسرور ينبعث فى نفسك، وذلك بالتأكيد سيحدث عندما  تفهم ما يعنيه الموقف (تدركه)، ثم يأتى فى النهاية آخر خطوة أو آخر وظيفة، وهى الضحك، للتعبير عن الوظيفتين النفسيتين (الشعور - الإدراك). علم "فسيولوجيا الأعصاب الحديثة" أكد وجود رابط مباشر بين الضحك وتنشيط القشرة الأمامية الوسطى للدماغ ، التى تفرز مادة "الإلمى فين" بعد نشاط يشعر فيه الإنسان بالمكافأة، بعد تناول وجبة لذيذة، أو ممارسة النشاط الجنسى، أو بعد فهم نكتة. وقد أظهر بحث من البحوث أن أجزاء فى المخ لها دور كبير فى عملية الضحك، وفى مقالة نشرت عام 1984 فى جريدة "المؤسسة الطبية الأمريكية"، جاء عن الأسباب المؤدية للضحك التى مصدرها الجهاز العصبى: " رُغم أن مركز الضحك بالمخ غير معلوم أو محدد، فإنه يعتمد التعبير عنه على مسارات عصبية المتصلة بالدماغ المتوسط والخلفى تتواجد بالقرب من مراكز التنفس. كل شخص يحتاج للضحك دومًا كى يكون قادرًا على النظر إلى الأمور بطريقة أفضل وتحقّق صحة بدنية ونفسية وروحية تمامًا كالتمارين الرياضية التى يجب ممارستها بانتظام، لذا فلا بُدَّ أن يمنح الشخص نفسه جلسة من الضحك على الأقل مرّة فى الأسبوع للمحافظة على صحته الجسدية والعقلية والروحية والنفسية. علاج الضغط  أثبتت الدراسات أن يوجا الضحك تفيد فى علاج عدد من الأمراض  النفسية، حيث تساعد فى زيادة تدفق الأكسجين إلى الجسم وتعزيز مناعة الجسم، وتخفض ارتفاع ضغط الدم، وتخفف من الشعور بالقلق والإحباط والوحدة والضغط النفسى والعصبية، وتزيد نسبة إنتاج هورمون السعادة "الإندورفين"، وتساعد فى تغيير نظرتك إلى الأمور وتحسين الوظائف الذهنية، وتمنح الشعور بالثقة بالنفس وتزيد الشعور بالأمل والحيوية. يمكن للضحك بشكل منتظم وصحى أن يقلل من ظهور علامات الشيخوخة المبكرة؛ إذ تُستخدم ما لا يقل على خمس عشرة عضلة موجودة فى الوجه عند الضحك أو التبسم، بالإضافة إلى فوائد الضحك التى تعزز من الصحة العامة، وترطب الجلد بسبب الحركة المستمرة التى تمنع من ظهور الخطوط الرفيعة على الوجه. كما الفكاهة تمهد الطريق لإقامة الروابط  ذات وظيفة اجتماعية للتواصل مع الناس، ولتحقيق التفاعل بين الأفراد والجماعات، وللتحكم فى سلوك الآخرين بالسخرية أو إزالة الخوف. وتبين الدراسات أن الشخص المرح أقدر على إقامة الروابط والصلات، والصداقات، فالناس المرحون يتمتعون بأسلوب تفاعل مع الآخرين خال من الهموم، يسهل لهم إقامة الروابط وثيقة مع الآخرين، ويوفر لهم سندًا اجتماعيًا، وقد يكونون أيضًا أكثر حظا مع الجنس الآخر.  وفى عام 2006، ذكر أستاذ علم النفس فى جامعة ماك ماستر بكندا أن النساء يفضلن الرجال أصحاب حس الدعابة، وهو ما أكده بحث آخر قال إن كلا من الرجال والنساء يفضلون عند اختيارهم شريكًا لهم أن يكون من أصحاب حس الدعابة، وكما تشير دراسة أجريت عام 1990 إلى أنه عندما يتحدث رجل إلى امرأة من غير كلفة، فإن مقدار ضحك هذه المرأة يدل على رغبتها فى مصاحبة هذا الرجل وعلى انجذابها إليه.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق