الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أنقرة تحرر داعش!

أنقرة تحرر داعش!

تَحالُفُ الشيطان الذى جمع بين العاصمتين التركية "أنقرة" والقطرية "الدوحة"، الذى بدأ منذ العام 2011 واستشرى بعد ثورة 30يونيو 2013 والإطاحة بحُكم جماعة الإخوان الإرهابيَّة فى مصر؛ لا يشير إلى انسجام فى المواقف السياسية فقط، بقدر ما يعكس عملهما المشترك فى دعم الإرهاب وتفتيت دول المنطقة وتخريبها لصالح مشروع تركى عثمانى أو فارسى. 



ربما لذلك ليس غريبًا أن نجد قاعدة عسكرية تركية فى قطر بعد المقاطعة العربية للدوحة، ودعم الأخيرة وتأييدها لتركيا فى غزوها لشمال سوريا. إمارة الإرهاب "قطر" بوصفها الراعى الحصرى للإرهاب الدولى، لا تمتلك أى ميزة نسبية أو مطلقة سوى "المال"، تمول وتدفع لشتات الأرض وإرهابيى العالم للتخريب والتدمير فى الدول العربية. أما تركيا فتقوم بدور الوسيط أو المعبر أو الناقل  للجماعات الإرهابيَّة إلى سوريا والعراق وليبيا لاحقًا.  لذلك عندما أُعلن عن هزيمة تنظيم الدولة (داعش) فى الرقة بسوريا والموصل بالعراق، والقبض على أعداد كبيرة من الإرهابيين وأسرهم من المنتمين للتنظيم الإرهابى وغيره من التنظيمات الإرهابية، تم حجزهم فى سجون فى شمال سوريا فى منطقة شرق الفرات التى تسيطر عليها المجموعات المسلحة الكردية المَعنية بحماية الشعب الكردى. ولم يكن هذا الإعلان مُدعاة فرح أو سعادة للرئيس التركى أردوغان؛ لأنه راهَنَ على تلك التنظيمات الإرهابيَّة وساعدها وموّلها وكانت الأراضى التركية بمثابة مَعبر لتلك العناصر والتنظيمات الإرهابيَّة إلى سوريا والعراق. لذلك لم يصبر أردوغان طويلًا فكانت عمليته العسكرية وغزو شمال سوريا يوم العاشر من أكتوبر 2019 وما أعقبها بعد ذلك من فتح للسجون التى تضم عناصر تلك التنظيمات الإرهابيَّة وفرارها، فى محاولة من جانب تركيا لإعادة تجميع تلك العناصر الإرهابيَّة وممارسة إرهابه فى المنطقة. ملاذ الإرهاب ارتكزت سياسة الدولتين "تركيا وقطر" فى دعم الإرهاب والعناصر الإرهابيَّة خلال الفترة من 2011 حتى الآن. وقد برز ذلك من خلال توفير ملاذات آمنة لعدد من مطاريد الإرهابيين المنتمين لجماعة الإخوان الإرهابيَّة بعد  ثورة 30يونيو، ودون أدنى مبالغة أصبحت قطر قبلة كل إرهابى وسافك دم، فاستضافت عددًا من عناصر الجماعات الإرهابيَّة، أبرزهم يوسف القرضاوى وعاصم عبدالماجد ووجدى غنيم وطارق الزمر ومحمد الإسلامبولى ومحمد عبدالمقصود وغيرهم كثيرون من الإرهابيين المصريين. وشملت رعاية الدوحة إرهابيين آخرين من ليبيا، أمثال عبدالحكيم بلحاج وإسماعيل الصلابى والصادق الغريانى، واحتضنت إرهابيين من البحرين والإمارات والسعودية واليمن والكويت. كما تستضيف قطر عددًا من العناصر الإرهابيَّة التابعة لجمهوريات القوقاز وسط آسيا، أبرزهم كان أبو بكر الشيشانى الذى قُتِلَ جنوب ليبيا خلال عملية عسكرية للجيش الليبى فى 2فبراير 2018. إضافة إلى ذلك اعتمدت تركيا وقطر على  اذرع اعلامية للدفاع عن الجماعات الإرهابيَّة وكانت من ضمن الوسائل التى ركزت عليها الدولتان لتنفيذ مخططهما للاضرار بالمصالح المصرية ودعم العناصر والجماعات الإرهابيَّة داخلها. ولعل ما كشفت عنه التحقيقات التى أجرتها نيابة أمن الدولة المصرية  بشأن شبكة التجسس التركية التى تم القبض عليها العام الماضى، فإن تلك الشبكة هدفت إلى العمل على مستويين، الاول : جمع معلومات من خلال المكالمات التى يتم تمريرها عبر اجهزة تركية  "خوادم" عن الاوضاع الداخلية وشكاوى المواطنيين. المستوى الثانى : تأسيس وتمويل كيانات إعلامية لبث الشائعات ومحاولة التقليل من حجم الانجازات التى تتحقق على ارض مصر واحداث وقيعة بين الشعب والقوات المسلحة من خلال الشائعات والتحريض على التخريب والتظاهر، إلا أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل. تمويل القتل شَكّلَ الدعم المالى للجماعات الإرهابيَّة فى مصر وليبيا وباقى الدول العربية الحلقة الأبرز والأقوى فى سلسلة العمليات الإرهابيَّة. حيث لم تكتفِ الرعاية القطرية والتركية للإرهاب على الإيواء أو التدريب، بل امتد إلى توفير دعم مالى بمليارات الدولارات لتنفيذ عمليات إرهابية  فى مصر ودول عربية أخرى. إلا أنه مع تصاعُد الضربات التى وجهتها مصر لتلك الجماعات الإرهابيَّة، سواء على حدودها الشرقية أو الغربية، وبعد فشل تلك الجماعات أكثر من مرّة فى تحقيق أغراضها، تأكدت تركيا وقطر أن مصر تختلف عن باقى دول المنطقة، وأن المؤسسة العسكرية المصرية مختلفة عن غيرها من المؤسسات العسكرية فى المنطقة التى انهارت أو تفككت؛ لأن الجيش المصرى مؤسسة وطنية عكس غيرها من جيوش تشكلت على أساس طائفى أو عِرقى أو عقائدى. لقد  حاولت الدوحة وأنقرة اكثر من مرّة إدخال عناصر إرهابية إلى سيناء، إلا أنهما لم تنجحا وتم القضاء على التنظيمات الإرهابيَّة فى سيناء، وكان أخرها السيطرة على جبل الحلال ملاذ الإرهابيين فى سيناء، واستطاعت قوات إنفاذ القانون فى سيناء أن تدمر أى عناصر إرهابية فى طريقها، ولعل هذا يوضح كيف انخفض عدد العمليات الإرهابيَّة فى مصر منذ عام 2017 عن الأعوام السابقة. ورُغم الضربات المتتالية التى وجهتها مصر لقطر وتركيا؛ فإن الدولتين لم تتوقفا عن دعم العناصر الإرهابيَّة، وقد ركزتا نشاطهما ودعمها للعناصر الإرهابيَّة فى ليبيا، ومثلما لعبت تركيا دور الناقل والمعبر للإرهابيين إلى سوريا والعراق لتأسيس ما تسمى الدولة الإسلامية (داعش) قامت بدور الناقل للإرهابيين بعد أن خسرت مواقعها فى الرقة والموصل إلى ليبيا فى إطار عملية منظمة. ولعل تركيا فى هذا السلوك تعمل على إعادة توظيف دور هذه الجماعات الإرهابية، بعد أن خسرته فى العراق وسوريا. والآن يقوم أردوغان بإعادة إنتاج تنظيم الدولة الإسلامية من خلال عمليته العسكرية فى شمال سوريا، لقد هدف أردوغان من وراء غزو شمال سوريا إلى تحقيق مكاسب استراتيجية، أهمها : - محاولة أردوغان تحقيق أى نجاح أو تقدُّم على الصعيد الخارجى حتى يستطيع كسب الشارع التركى وإعادة الثقة المفقودة له من جانب غالبية الأتراك الذين عاقبوه خلال الانتخابات البلدية الأخيرة، التى خسر فيها ثلاث مُدن رئيسية، وأهمها بلدية اسطنبول. لذلك فهو يسعى من خلال عمليته العسكرية الحربية فى شمال سوريا إلى  تحقيق أى مكسب يستطيع من خلاله إرضاء الشارع التركى، خصوصًا أنه يواجه مشاكل داخلية كبيرة داخل حزبه، كانخفاض شعبيته وتراجُعها.  أضف إلى ذلك استقالة قيادات فى حزب العدالة والتنمية، أمثال على باباجان، نائب رئيس الوزراء السابق، أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء السابق، وعبدالله جول الرئيس السابق، من شأنه أن يشكل تحديًا لأردوغان. - ضرب قوات سوريا الديمقراطية وسَحق أى محاولة لهم للحصول على حُكم ذاتى أو مستقل عن دمشق من خلال رعاية ودعم التنظيمات الإرهابيَّة فى الرقة. لذلك؛ فإن أول شىء قامت به القوات التركية منذ احتلال الشمال السورى هو فتح السجون والمعتقلات التى كانت تأوى عناصر "داعش" وأسرهم، حتى تكون تلك التنظيمات الإرهابيَّة رأس حربة لأردوغان فى محاربة الأكراد، لذلك ليس غريبًا أن نجد فى طليعة قوات أردوغان التى بدأت غزو الشمال السورى جماعات وعناصر إرهابية يطلق عليها "المعارضة السورية". - إعادة تجميع التنظيمات الإرهابيَّة التى خسرت مواقعها فى الرقة والرهان عليها مرّة أخرى، مثلما راهن على غيرها من الجماعات الإرهابيَّة فى مرحلة ما بعد محاولات الفوضى فى الدول العربية التى اندلعت فى عام 2011، حيث سعى للمراهنة على تلك الحركات واستغلالها كأدوات لتعظيم دوره الإقليمى، خصوصًا مع مساعى تركيا للعب دور إقليمى متعاظم فى المنطقة تحت ما يُعرَف بالعثمانية الجديدة. ممر الخونة قام أردوغان بدور الوسيط أو المعبر أو الناقل  للجماعات الإرهابيَّة إلى سوريا والعراق ثم ليبيا  لاحقًا. فقد وصف التقرير السنوى الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الإرهاب فى عام 2014، تركيا بـ"المعبر الرئيسى" للمقاتلين الأجانب المنضمين للتنظيمات الإرهابية. كما أوضح التقرير انضمام مقاتلين أجانب يمثلون 90 دولة حول العالم فى هذه الفترة عبر المعبر التركى. كما كشفت الاستخبارات الروسية عن دور أردوغان فى دعم الجماعات الإرهابيَّة وإدخالهم إلى سوريا وشراء النفط من تنظيم "داعش". صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية، سلطت الضوء على دعم أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم، لتنظيم "داعش" والجماعات الإرهابيَّة الأخرى.  وأشارت الصحيفة فى عددها إلى أن المخابرات التركية تقدم، بأوامر من أردوغان، المساعدات المالية وموارد لداعش، ونقلت عن مسئولين فى الجمارك التركية، أن تركيا تتجاهل تدفق عناصر "داعش" إلى سوريا والعراق عبر أراضيها. ويسعى أردوغان الآن لفعل أى شىء حتى يصمد ويضمن الفوز فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التى ستجرى عام 2023 فى وقت واحد، وهو يدرك جيدًا أن نظامه لن يصمد بهذا الشكل الذى بدا عليه علامات الضعف والانكسار، ما يعنى أنه ينبغى انتظار أحداث غير متوقعة فى الحياة السياسية الداخلية. ومن أجل الاحتفاظ بالسُّلطة فى يديه، سيتعين على أردوغان خوض مزيد من المغامرات فى السياسة الخارجية بهدف حشد مشاعر الشعب التركى القومية والدينية". هو الآن لجأ إلى غزو شمال سوريا ومن غير المستبعد أن نسمع عن ترتيب انقلاب مزعوم جديد على غرار انقلاب 2016 كى يعيد استغلاله لمزيد من تضييق الخناق على معارضيه.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق