الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
رسائل رئاسية بـ«ميزان الذهب»

رسائل رئاسية بـ«ميزان الذهب»

على مدى ثمانى سنوات تدور مفاوضات "مصرية- إثيوبية- سودانية" شاقة بشأن "سد النهضة"، وخلال تلك السنوات مرّت مراحل التفاوض، وبالتالى لغة الخطاب والرسائل المتبادلة بين مختلف الأطراف بمنعطفات متعددة تبدّلت فيها ظروف، وتغيّرت فيها أنظمة سياسية فى الدول الثلاث، ووصلت فيها العلاقات مرّات إلى حد التوافق، ومرّات أكثر إلى حافة التوتر.



 

الخطاب الرئاسى المصرى منذ مجىء الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى سُدّة الرئاسة عام 2014 هو الأكثر وضوحًا ومكاشفة، بل وانسجامًا مع متغيرات الموقف.

فهو فى المقام الأول تجسيد لخطاب دولة تدرك خطورة الموقف الذى تواجهه، وحساسية الأزمة التى تعالجها، فأى خروج عن المسار الذى تريده الدولة، وترسمه مؤسساتها، يمكن أن يستغل من أطراف أخرى لإشعال المزيد من التوتر فى أطراف ثوب تلك الأزمة، وما أكثر المتربصين والمترقبين لمجريات ما تسفر عنه أزمة سد النهضة.

والحقيقة أن القيادة السياسية المصرية تعاملت بأسلوب واقعى ومتدرج مع الأزمة، ليس فقط فى ضوء مسار عملية التفاوض التى استغرقت زمنًا أطول مما ينبغى، بل أيضًا فى ضوء قدرات مصر وإعادة بناء وضعها الداخلى، وبالنظر إلى أولويات شعبها ومصالحه.

فقد كان الرئيس السيسى يدرك جيدًا ومنذ بداية توليه المسئولية- ووفقًا لما عَبّر عنه لاحقًا- من أن الاهتزاز الاستراتيجى الذى عانت منه الدولة فى أعقاب 25يناير 2011 قد أدى ضمن تداعياته إلى التأثير على القدرة المصرية فى التعامل مع أزمة سد النهضة، وبالتالى فلم يكن إعادة بناء القدرة الداخلية للدولة المصرية أقل اعتبارًا لدى القيادة من الاعتبارات الخارجية.

لكن المؤكد أن القيادة السياسية المصرية، وفى كل المراحل على مدى السنوات الخمس الأخيرة، كانت صريحة وواضحة تمامًا فى تأكيد خطورة الأزمة، باعتبارها قضية حياة أو موت، وقضية أمن قومى، وقد تردد هذه الطرح مرارًا وفى مناسبات مختلفة، وهو ما يعكس وضوح زاوية النظر إلى المسألة، ويبعث برسالة واضحة لجميع الأطراف، أن الأمر تتم معالجته بلا تهوين أو تهويل، وأن المسألة تخضع لاهتمام أعلى مؤسسات الدولة.

رسائل الطمأنة

كان من المنطقى أن يبدأ الرئيس السيسى عهده بمحاولة بث رسائل الطمأنة إلى جميع الأطراف، سواء المباشرة ممثلة فى دول حوض النيل، وبطبيعة الحال إثيوبيا، وذلك بعد التداعيات الكارثية التى أدى إليها الاجتماع الهزلى للارهابى المعزول محمد مرسى وبعض ممثلى الأحزاب فى يونيو 2013 لمناقشة تعامُل الدولة مع أزمة سد النهضة، وقد أذيع الاجتماع على الهواء مباشرة، متضمنًا تهديدات واضحة بشن هجوم عسكرى على موقع بناء السد، وطبعًا تم استغلال ذلك الاجتماع على نطاق واسع من كل الأطراف المعادية لمصر فى تلك الأزمة، كما استغلته إثيوبيا فى تلك الفترة لإشاعة مناخ من الاحتقان بين البلدَين، وإذكاء خطاب قومى متشدد، لا ينظر إلى السد باعتباره مشروعًا تنمويّا، بل رمزًا من رموز السيادة، وبالتالى فإن أى تجاوب مع المطالب المصرية سيكون مساسًا بتلك السيادة!.

كان من الطبيعى، بل المطلوب فى تلك الفترة مع مجىء رئيس جديد لمصر، وبعد ثورة شعبية عارمة أطاحت بحُكم المعزول وجماعته، أن تقدّم القيادة لجديدة نهجًا مختلفًا، يعالج التداعيات الكارثية للحُكم السابق، وتظهر نهجًا مصريّا مؤسساتيّا فى التعامل مع الأزمة، يغلب منطق الحوار، ويراعى أواصر التعاون المشترك، ويتفهم الطموحات الإثيوبية للتنمية، لكنه فى الوقت ذاته يطالب الطرف الآخر بتفهم الشواغل المصرية، والاعتبارات المتعلقة بأن مياه النيل هى مسألة حياة أو موت لمصر، التى تعتمد على مياه النهر فى توفير 90 ٪ تقريبًا من احتياجاتها المائية.

وفى هذا الإطار خرجت العديد من الرسائل الرئاسية المطمئنة، وتوّجت فى 23مارس 2015 بتوقيع مصر على اتفاق مبادئ مع إثيوبيا والسودان.

وتضمن وضع إطار متفق عليه بين الدول الثلاث لتسوية الخلافات بشأن قواعد ملء خزان سد النهضة، حيث كان ممثلًا عن مصر، الرئيس عبدالفتاح السيسى، وعن إثيوبيا رئيس وزرائها فى ذلك الوقت هيلا ماريام ديسالين، وعن السودان، الرئيس (السابق) عمر البشير.

وكان من أهم بنود ذلك الاتفاق ما ورد فى المادة العاشرة: ونصها "تقوم الدول الثلاث بتسوية منازعاتهم الناشئة عن تفسير أو تطبيق هذا الاتفاق بالتوافق من خلال المشاورات أو التفاوض وفقًا لمبدأ حُسن النوايا. وإذا لم تنجح الأطراف فى حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/ رئيس الحكومة".

وقد حرصت مصر فى تلك المرحلة على  الإعلاء من الحديث عن أواصر الأُخُوّة، وتقديم خطاب مختلف يمحو آثار الاحتقان المتراكم تاريخيّا، والمتفاقم بسبب المعالجة الفاشلة من جانب حُكم الإخوان للأزمة، بل حاولت التركيز على أن العلاقات بين البلدَين تتجاوز الإطار الرسمى إلى الإطار الشعبى، وأن ذلك يسهم فى الحفاظ على المصالح المشتركة للشعبين، وجرى تجسيد ذلك التوجُّه فى مايو من عام 2015، عندما تدخلت مصر وأجهزتها المعنية لتحرير عدد من المختطفين الإثيوبيين فى ليبيا، واستقبلهم الرئيس السيسى بنفسه، وتبادل معهم حديثًا ودّيّا ركز فيه على العلاقات الطيبة التى تجمع الشعبين، والحرص المصرى على الحفاظ على أواصر التعاون المشترك بين القاهرة وأديس أبابا.

خطاب مباشر

فى تلك المرحلة أيضًا، حرص الرئيس السيسى على مخاطبة الشعب الإثيوبى مباشرة عبر برلمانه، وفى كلمة تاريخية فى مارس 2015، أكد الرئيس، أنه يحمل "رسالة أخوّة صادقة ومَحبة خالصة بأيادٍ ممدودة بالخير من أجل التقدّم والرخاء من أخوتكم فى مصر الذين يتطلعون معكم للأحسن".

وأضاف: "إن البلدَين بحاجة إلى بناء جسور الثقة بين شعبيهما"، داعيًا الشعب الإثيوبى إلى فتح صفحة جديدة فى تاريخ العلاقات مع مصر. مضيفًا: "علينا الوقوف فى وجه القوى الطامعة فى بلادنا".

وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن مصر تقدّم رسالة للتعاون المشترك مع إثيوبيا والسودان وجنوب السودان فى إطار دول حوض النيل الشرقى، بناء على الاتفاق الذى تم التوقيع عليه لتنفيذ خطط التعاون المشترك والتغلب على المشكلات وتحقيق الفوائد المتبادلة.

وتابع: "فلنعمل إذن من أجل مواطنينا ولنقدم لأبناء قارتنا نموذجًا للتعاون مستندًا على الإنصاف وتبادُل المصالح بين الدول، بل أدعوكم أيضًا وكنوّاب للشعب الإثيوبى للنظر إلى ما هو أبعد من ذلك بالعمل مع أشقائكم فى مصر لبناء توافُق أشمل وأوسع يسمح بتجاوز الخلافات فى الاتفاقية الإطارية لمبادرة حوض النيل لتشمل كل دول الحوض".

بناء الثقة

وتواصَل النهج المصرى نفسه فى التعامل مع الموقف، وتجسّد ذلك مع مجىء رئيس الوزراء الجديد "آبى أحمد" إلى رئاسة الوزراء الإثيوبية، وخلال زيارته الأولى لمصر فى 10يونيو 2018، حيث حرص الرئيس السيسى على تجديد بث رسائل الطمأنة للطرف الإثيوبى. مشيرًا إلى أنه لطالما أكد أن العلاقات "المصرية- الإثيوبية" الممتدة عبر آلاف السنين، إنما تقوم على وشائج أزلية من الأخُوّة والصداقة والمصالح المشتركة، ويربطهما نهر النيل العظيم الذى كان ويجب أن يظل، رابطًا للتكامل والتعاون ومصدرًا رئيسيّا للحياة.

وأضاف: "هذا ما اتفقنا على العمل على تحقيقه، وما يجب أن يستقر فى وجدان كل مصرى وكل إثيوبى، من واقع العلاقة الخاصة التى طالما ربطت بين البلدَين والشعبين الشقيقين، وما يجمع بينهما من امتداد وعلاقات تعاون متصـلة، على نحو يستحق منا العمل على جعل الشعوب المصرية والسودانية والإثيوبية أشبه بشعب واحد فى وطن واحد.

ومن هذا المنطلق، فقد أوليتُ اهتمامًا خاصّا على مدار السنوات الأربع الماضية للعلاقة مع إثيوبيا، وتعزيز التواصل والتعاون وترسيخ مفاهيم العمل المشترك من أجل تحقيق المصالح الكبرى فى إطار إعمال مبدأ المنفعة للجميع وعدم الإضرار بمصالح أى طرف، وبما يحقق التنمية والرخاء والازدهار لشعبينا الشقيقين. وقد قطعنا شوطًا مُهمّا على صعيد بناء الثقة وتعزيز التعاون الثنائى، وسنواصل جهودنا المخلصة والصادقة من أجل تجاوز أى تحديات مشتركة، وفى مقدمتها التوصل إلى اتفاق نهائى بشأن سد النهضة يؤمّن استخدامات مصر المائية فى نهر النيل الذى لا جدال فى أنه شريان الحياة الوحيد للشعب المصرى، وفى ذات الوقت يسهم فى تحقيق التنمية والرفاهية للشعب الإثيوبى الشقيق".

وبالفعل كانت هناك حالة من التفاؤل بأن يحقق "آبى أحمد" ما لم يحققه سابقوه، وبخاصة أن الرجُل الذى جاء إلى سُدة السُّلطة بعد فترة من الاضطرابات الداخلية الإثيوبية يسعى إلى اتباع نهج توافقى فى الداخل والخارج، وتصفير مشكلاته مع الدول المجاورة، وقد فعل ذلك مع إريتريا بالفعل، وربما كان ذلك سببًا فى حصوله مؤخرًا على جائزة نوبل للسلام، وكان الترقب المصرى لأن يضع "آبى أحمد" حدّا لاستراتيجية إضاعة الوقت التى انتهجتها أديس أبابا منذ بداية الأزمة كبيرًا، لكن يخشى مراقبون أن الرجل الذى سعى إلى إحلال السلام لبلاده داخليّا وخارجيّا قد تكون له حسابات أخرى بشأن أزمة سد النهضة.

مرحلة جديدة

مع استمرار النهج الإثيوبى فى إضاعة الوقت، ومواصلة التعنت فى رفض كل المقترحات المصرية الفنية أو السياسية لكسر جمود المفاوضات، التى لم يكن نتاجها فى كل الجولات التى استضافتها القاهرة أو الخرطوم أو أديس أبابا سوى صفر، دخل الخطاب المصرى مرحلة جديدة، تعكس حجم الضيق من استراتيجية إضاعة الوقت، لكنها فى الوقت ذاته لا تتخلى عن الثوابت المصرية فى التعامل مع الأزمة، ولا تفقد الأعصاب أو تنزلق نحو الخروج عن سياق التعامل المنضبط وإدارة العلاقات الخارجية للدولة بصورة عقلانية.

وكانت الرسائل القوية التى أطلقها الرئيس السيسى بشأن تصاعُد أزمة سد النهضة فى أحد خطاباته مؤخراً، عندما أشار إلى أن ما حدث فى ذلك الملف لم يكن ليحدث لولا اهتزاز مؤسسات الدولة عقب 25يناير 2011، وأنه يجرى التعامل مع تلك التداعيات بما يحافظ على أمن مصر المائى وحقوق شعبها.

ثم جاءت مرحلة ثانية من الرسائل الرئاسية القوية الموجهة للداخل والخارج على حد سواء، وهذه المرّة من خلال منصة الأمم المتحدة، وهو ما بدا تأكيدًا من جانب مصر على الحقوق المشروعة لها التى يدعمها القانون والعُرف الدوليان فى التعامل مع تقاسُم مياه الأنهار المشتركة بين الدول، ومستعيدًا تجارب سابقة لدول أخرى بالمنطقة.

وأوضح الرئيس خلال لقاء بنيويورك مع مجموعة من الشخصيات المؤثرة بالمجتمع الأمريكى، التى تضم مسئولين وعسكريين سابقين، إضافة إلى قيادات مراكز الأبحاث ودوائر الفكر بالولايات المتحدة، أن أحد التحديات التى واجهت الدولة نتيجة أحداث 2011 هو إقامة مشروع سد النهضة ليؤثر على مصر وأبنائها وكان من المفترض أن تتم إقامة مفاوضات مع الجانب الإثيوبى لو كانت الدولة المصرية متواجدة فى هذا التوقيت. وقال: عندما ضعفت الدولة المصرية كان هناك ثمَن دفعه المصريون وستدفعه الأجيال القادمة.

حقوق مصر

كانت الرسالة الرئاسية بشأن احترام طموحات التنمية دون أن يكون ذلك على حساب مصر واضحة وقوية، عندما قال الرئيس: "لسنا ضد التنمية.. إحنا عايزين كلنا نعيش وكلنا ننمو وكل بلد لديها تحديات.. ونحن لسنا ضد إقامة السدود لكن ليس على حساب مصر والإضرار بها".

وقال الرئيس إنه يجب الحفاظ على حصة مصر من المياه، وقد اتفقنا مع الجانب الإثيوبى فى 2011 خلال الاتفاق الإطارى على أسلوب ملء خزان سد النهضة، لكن للأسف لم تستطع اللجان الفنية حتى الآن الوصول إلى اتفاق فى هذا الأمر.

أمّا أقوى الرسائل التى حرص الرئيس على تأكيدها فى هذا اللقاء، فهى أنه "لن يتم تشغيل السد بفرض الأمر الواقع، لأننا ليس لدينا مصدر آخر للمياه سوى نهر النيل، فنحو  95% من مساحة مصر صحراء وأن أى إضرار بالمياه سيكون له تأثير مدمر على المصريين، ونحن مسئولون عن أمن مواطنينا".

وهذه الرسالة تحمل من القوة ما يؤكد أن الدولة المصرية عازمة على حماية حقوق مواطنيها بشتى السُّبُل، وأنها لن تخضع لإملاءات الأمر الواقع، حتى لو كان ذلك الواقع نتيجة تداعيات متراكمة منذ سنوات، فالدولة المصرية عادت لتستعيد زمام الأمور، وتسعى بكل ما أتيح لها من أدوات لمعالجة الموقف. وقال الرئيس السيسى إن "على إثيوبيا عدم الإضرار بالمصالح المائية لدول حوض النيل من بينها مصر".. بل قال إن مصر بادرت بطرح مبادرة إبرام مبادئ حول سد النهضة الموقّع فى الخرطوم مارس 2015 واستمرت تلك المفاوضات لما يقارب 4 سنوات، إلا أنه لم تفضِ هذه المفاوضات النتائج المرجوة.

وأكد السيسى أن مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود، ومصر مازالت تأمل فى التوصل إلى اتفاق يحقق المصالح المشتركة لدول حوض النيل الأزرق بالنسبة لإثيوبيا ومصر.

ولعل من بين أقوى الرسائل التى تضمنها الخطاب الرئاسى، وتعكس مدَى الاهتمام الذى بات يحظى به هذا الملف، وأن كل الاحتمالات تبدو مطروحة على طاولة البحث والنقاش، ما أعلنه الرئيس السيسى عبر موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" فى الآونة الأخيرة، عندما كتب: "تابعتُ عن كثب نتائج الاجتماع الثلاثى لوزراء الرى فى مصر والسودان وإثيوبيا لمناقشة ملف سد النهضة الإثيوبى، الذى لم ينتج عنه أى تطور إيجابى، وأؤكد أن الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية فى مياه النيل، ومستمرة فى اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسى وفى إطار محددات القانون الدولى لحماية هذه الحقوق، وسيظل النيل الخالد يجرى بقوة رابطًا الجنوب بالشمال برباط التاريخ والجغرافيا #مصر_هبة_النيل #تحيا_مصر".

هذه الرسالة بالغة القوة تؤكد أن كل مؤسسات الدولة المصرية بكل تنوعاتها مشاركة فى اتخاذ القرار وإدارة الأزمة، ولكنها فى الوقت ذاته لا تدع مجالًا لمحاولات الاصطياد فى الماء العكر، فقد حرص الرئيس على أن يقرن ذلك بالتزام واضح من جانب الدولة المصرية بمحددات القانون الدولى، وهى إشارة تعكس رُشد القرار المصرى، وعدم انزلاقه إلى مرحلة الخروج عن السياق القانونى، حتى إن بدا الطرف الآخر غير مكترث كثيرًا لهذا البُعد، لكنه فى الوقت ذاته يشير إلى أن الدولة المصرية لن تقف مكتوفة الأيدى أمام أى محاولة للمساس بحقوق شعبها، وبخاصة إذا ما تعلّق الأمر بالمياه التى تمثل قضية حياة أو موت.

وتبدو الرسائل السياسية المصرية، وبخاصة الصادرة من قمة القيادة السياسية للبلاد متسمة بالعقلانية والتدرج وفق تطورات الموقف، ومجريات الأحداث، فهى لا تستبق ما يجرى، بل تسعى إلى التعامل مع تطورات الموقف بما تقتضيه من معالجة، وهو ما يعكس بوضوح مؤسسية صناعة القرار المصرى، وأن صناعته هى عملية متشابكة لكثير من المؤسسات فى مختلف القطاعات، كى يخرج القرار مُعبرًا عن أقصى درجات حماية المصلحة الوطنية.

الرسائل السياسية المصرية على مدَى السنوات الخمس الماضية لم تتخلَّ عن ثابتين أساسيين، الأول هو حرص مصر على حماية أواصر الأخُوّة والتعاون مع دول حوض النيل، والثانى هو تأكيد أن ذلك الحرص لا يعنى تنازل مصر عن حقوقها ومصالح شعبها والدفاع عنها بكل ما أوتيت من وسائل وأدوات، فالقضية أولًا وأخيرًا بالنسبة لمصر وشعبها: قضية حياة أو موت.

 

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق