السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصر تبنى إفريقيا

مشروعات تنموية فىالقارة السمراء

مصر تبنى إفريقيا

بعد الإنجازات الكبيرة التى حققتها مصر فى قضايا التحرر الوطنى لشعوب القارة الإفريقية خلال عقدَى الخمسينيات والستينيات فى القرن العشرين، وضعت القاهرة محور التنمية المستدامة للقارة الإفريقية فى مقدمة أولوياتها الوطنية. وكان ثمرة تلك الجهود، إنشاء "الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا"، الذى أنشئ لمساعدة الدول الإفريقية فى تحقيق التنمية الشاملة ودعم قدرات الكوادر الإفريقية فى مجالات مختلفة.



 فور تولّى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية عام 2014، استعادت مصر ريادتها فى القارة ، باعتبارها إحدى أهم دوائر الأمن القومى المصرى فى ظل العلاقات التاريخية المتميزة التى تربط مصر بمحيطها الإفريقى، حيث قام الرئيس السيسى بأكثر من 30 زيارة خارجية لدول إفريقية، بدأها بزيارته للجزائر، ثم مشاركته فى القمة 23 للاتحاد الإفريقى فى يونيو 2014.  وأعلن خلالها عن تأسيس "الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية"، التى تهدف إلى توفير الموارد وتقديم الدعم الفنى للدول الإفريقية. تكامل اقتصادى منذ قمة الاتحاد الإفريقى فى 2014، اتجهت مصر إلى زيادة استثماراتها فى إفريقيا فى مجالات البنية الأساسية والطاقة الجديدة والمتجددة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وهى استثمارات بيضاء ليس لها أى أهداف سياسية، فمصر على مدار تاريخها لم تسعَ إلى فرض أجندات محددة، على الدول التى تدعمها ماديّا وسياسيّا. واستضافت مدينة شرم الشيخ  "منتدى إفريقيا" على مدار ثلاث دورات " 2016-، 2017، 2018" بمشاركة أكثر من 1500 عضو من وفود رفيعة المستوى وعدد من الرؤساء الأفارقة والمنظمات الدولية، حيث تم إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى إفريقيا، لتشجيع المستثمرين للمشاركة فى تنمية القارة، حيث يصل حجم الاستثمارات السنوية المطلوبة للبنية التحتية فى إفريقيا إلى 130 مليار دولار، وهو ما يمثل فرصة كبيرة للمستثمرين ورجال الأعمال الذين يرغبون فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية فى القارة. الرؤية المصرية ارتكزت على تحقيق التكامل الاقتصادى بين دول القارة، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة فى ضوء رؤية الأمم المتحدة 2030، ورؤية الاتحاد الإفريقى 2063، فضلا عن تبنّى قضايا القارة فى المحافل الدولية، لتحقيق العدالة الاقتصادية والتنموية بين الدول الغنية والفقيرة، وأن تتحمل الدول الكبرى والكيانات الاقتصادية مسئولياتها فى دعم ومساعدة الدول الإفريقية لخروج شعوبها من دائرة الفقر والجهل والمرض. وخلال رئاسته للاتحاد الإفريقى 2019، تَحَمَّل الرئيس السيسى على عاتقه مسئولية تحقيق التكامل الاقتصادى بين دول القارة السمراء، بدخول اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ، بعد إطلاق منطقة التجارة الحُرة القارية فى قمة كيجالى مارس 2018، حيث تساهم تلك الاتفاقية فى زيادة التجارة البينية بين دول القارة بنسبة 52%  ويتحرك بحلول عام 2022. ويتحرك الرئيس السيسى شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، رافعًا شعار "قارة واحدة.. نهر واحد.. مستقبل مشترك"، من خلال المشروعات التنموية الكبرى التى تحقق نهضة صناعية وتجارية بين دول القارة الإفريقية، وزيادة حركة التبادل التجارى، بعد دخول اتفاقية التجارة الحُرة بين الدول الإفريقية حيز التنفيذ. الرؤية المصرية اعتمدت على ربط دول القارة بشبكة من الطرُق الملاحية النهرية والبرية وخطوط السكك الحديدية، فمشروع الربط المائى بين الإسكندرية وبحيرة فيكتوريا، فى منطقة البحيرات الاستوائية، يساهم فى تيسير النقل التجارى بين دول شرق ووسط إفريقيا بتكلفة رخيصة، حيث يتيح المشروع المقرر الانتهاء من تنفيذه عام 2024، إنشاء ممرات تنموية على مجرَى نهر النيل. "القاهرة - كيب تاون" فى يونيو 2015، طرح الرئيس السيسى على قادة إفريقيا ربط دول الشمال بدول الجنوب من خلال طريق " القاهرة- كيب تاون" بطول 9700 كيلو متر، وهو أحد أهم الطرُق العابرة لدول القارة ، حيث يتيح هذا المشروع نقل البضائع لأى دولة من دول القارة فى زمن قياسى لا يزيد على 4 أيام، حيث يمر الطريق عبر 9 دول إفريقية هى "مصر، السودان، كينيا، إثيوبيا، تنزانيا، زامبيا، زيمبابوى، الجابون، وجنوب إفريقيا". أمّا مشروع شبكة السكك الحديدية، الذى ينطلق من الإسكندرية إلى الخرطوم، فيهدف إلى تسهيل حركة التبادل التجارى ونقل الركاب والبضائع، ويمتد المشروع داخل الأراضى المصرية بنحو 900 كيلو متر، و350 كيلو مترًا داخل الأراضى السودانية، على أن تكون نقطة انطلاقه مدينة الإسكندرية، مرورًا بالقاهرة وأسوان، ثم الخرطوم.  ولايقل مشروع الربط الكهربائى أهمية عن المشروعات السابقة، حيث يساهم فى جعل مصر مركزًا لتداول الطاقة الكهربائية بين قارات العالم الثلاث. إلى جانب المشروعات التنموية، اهتمت مصر بالجوانب الإنسانية، والرعاية الصحية لشعوب القارة السمراء، حيث حرصت على تفعيل مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى، لعلاج مرضى فيروس "سى"، من خلال نقل التجربة المصرية إلى دول حوض النيل، ودول إفريقية أخرى لفحص وعلاج مليون إفريقى من فيروس "سى"، وإرسال كوادر طبية مدربة لأماكن انتشار المرض، فقامت مصر بافتتاح عيادة " تحيا مصر- إفريقيا" فى جوبا لإجراء مسح شامل لمواطنى جنوب السودان، وتلقيهم العلاج المناسب. كما أرسلت مصر كوادر طبية مدربة لمواجهة انتشار الأمراض ونقل الخبرات فى علاج الملاريا، وقدمت وحدات للغسيل الكلوى بأديس أبابا فى إثيوبيا، وتسجيل دواء مهم لعلاج الملاريا، وتحديث وحدات الغسيل الكلوى، وإنشاء أقسام طبية بجنوب السودان وإريتريا وبوروندى، وتسيير قوافل طبية لتدريب الأطباء وعلاج المرضى فى عدد من الدول الإفريقية، فضلا عن تقديم معونات إنسانية ولوجستية إلى 11 دولة إفريقية. الأمن الغذائى حرصت مصر على تحقيق الأمن الغذائى لشعوب القارة ، حيث تقوم وزارة الزراعة بإنشاء 22 مزرعة نموذجية فى عدة دول إفريقية، من المقرر أن يتم الانتهاء من تنفيذها 2022، بعدما نجحت فى تدشين مزرعتين نموذجيتين للإنتاج الزراعى على مساحة 6 آلاف و2500 فدان فى دولة زامبيا، كما تقوم أيضًا بتنفيذ عدد من المزارع النموذجية للإنتاج الحيوانى فى مالى وكينيا وإريتريا. وإذا كانت دول القارة تعانى من الجفاف وتراجع نصيب الفرد من المياه، إلّا أن بعضها يتعرض إلى فيضانات شديدة تهدد مواطنيها بالتشرد، ومن منطلق مسئولياتها تجاه قارتها، تدخلت مصر لدرء مخاطر الفيضان، حيث أنشأت وزارة الموارد المائية والرى عددًا من مراكز التنبؤ بسقوط الأمطار والتغيرات المناخية فى عدد من الدول، وقامت بمشروعات لمقاومة الحشائش المائية بمنطقة البحيرات العظمى فى أوغندا، كما شاركت فى إعداد دراسات جدوى لإنشاء سد غرب أوغندا، وانتهت شركة "المقاولون العرب" من تنفيذ المرحلة الأولى للسد فى فبراير 2018، فضلًا عن بناء حواجز وسدود صغير بتكلفة 4.5 مليون دولار لحماية المواطنين من الفيضان، والاستفادة من مياه الأمطار.  أمّا المناطق التى تعانى من جفاف، فقد حرصت وزارة الموارد المائية والرى المصرية على تدشين عدد من المشروعات لتوفير المياه النظيفة للمواطنين، ونقل تكنولوجيا استخدام الطاقة الشمسية فى تشغيل الآبار الجوفية، فقامت مصر بحفر 180 بئرًا فى كينيا، و60 فى تنزانيا، و10 آبار فى دارفور بالسودان، و2 بئر فى أوغندا، فضلًا عن تدشين عدد من محطات مياه الشرب، ومشروعات أخرى بتكلفة 10 ملايين دولار سيتم الانتهاء منها 2020. بنية تحتية الواقع أن شركات المقاولات المصرية ساهمت بدور كبير فى تنمية دول القارة الإفريقية وهى مستمرة فى ذلك بتوجيهات رئاسية، حيث تولت تنفيذ مشروعات البنية التحتية والطرُق الكبرى، والمشروعات السكنية، والصحية، وإنشاء المستشفيات، إلّا أن الطرُق استحوذت على النصيب الأكبر من حجم أعمال شركات المقاولات فى الدول الإفريقية. على سبيل المثال فاز  التحالف بين شركتَى "المقاولون العرب" و"السويدى إليكتريك"بتولى  تشييد سد "روفينجى" بمنطقة "ستيلجر جورج" فى تنزانيا بتكلفة تقترب من 3 مليارات دولار، على أن يتم الانتهاء من تنفيذه بحلول 2021. سد "روفينجى".. حلم تنزانيا الذى تأخر تنفيذه سنوات طويلة، ليحقق للبلاد التنمية الشاملة، بعد توفير الكهرباء اللازمة للنهضة الصناعية، حيث من المتوقع أن يصل إجمالى الطاقة الكهربائية للسد نحو 2100 ميجاوات، عبر خط  كهربائى عالى الجهد، لدمجها فى شبكة الكهرباء الوطنية. سد "روفينجى" يُعد من أكبر السدود فى وسط إفريقيا، يصل ارتفاعه إلى 134 مترًا، وتخزين البحيرة الخاصة به يصل إلى 34 مليار متر مكعب من المياه، وتغطى مساحة 1350 كيلو مترًا. والمشروعات التنموية بالخبرات والجهود المصرية لم تكن مقصورة على تنزانيا فقط، بل امتدت إلى نحو 40 دولة إفريقية، بالخبرات والجهود المصرية فشركة "المقاولون العرب"التى تعد أحد روافد القوة الناعمة لمصر، تقوم بتنفيذ شبكة الطرُق التى تربط بين " القاهرة - كيب تاون"، ومن بينها إعادة تأهيل طريق "أجريماريم- يابللو" بإثيوبيا، الذى يبلغ طوله 96 كيلو مترًا، ويربط بين مدينتَى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، ومومباسا، ثانى أكبر مدن كينيا، وتبلغ تكلفته 55 مليون دولار، كما تقوم الشركة بإعادة تأهيل طريق "يرجا تشيفى- أجريماريم" بطول 72 كيلو مترًا بتكلفة 66 مليون دولار. مشروعات تنموية كما تتولى مصر تنفيذ شبكة الطرُق الداخلية فى غينيا الاستوائية، بتكلفة تصل 363 مليون دولار، منها شبكة الطرُق الداخلية لمنطقة سيمو، بتكلفة 90 مليون دولار، وتطوير 6 قرى بتكلفة 43 مليون دولار، وتنفيذ طريق " الأوزك- أكاسى" بطول 60 كيلو مترًا، بتكلفة 111 مليون دولار، وطريق آخر بمدينة أمبينى بطول 11 كيلو مترًا بتكلفة 42 مليون دولار، وتشييد مبانٍ حكومية بمدينة مونجومو بتكلفة 77 مليون دولار.  وأنشأت شركة "المقاولون العرب" كنيسة أعلى جبل بيكو، وطريق ألنجيما كوبى، وشبكات مياه مدينة مالابو، ومدينة فيتش تاون السكنية بغينيا الاستوائية.  وفى كوت ديفوار، تقوم شركة "المقاولون العرب" بتنفيذ مشروع تطوير قرية البضائع وملحق 2 بمطار أبيدجان، والمبانى الخدمية والإدارية الملحقة بها والطرُق، كما قامت الشركة أيضًا بتنفيذ كوبرى جاك فيل، الذى يربط الكوبرى بين ساحل كوت ديفوار ومدينة جاك فيل، التى تقع  فى إحدى الجزر، وتُعد إحدى كبرى المدن فى كوت ديفوار. اما نيجيريا وغينيا وتشاد فهم من أكبر الدول التى تنفذ فيها شركة "المقاولون العرب" العديد من المشروعات التى تمثل  نحو 67% من إجمالى تعاقداتها فى القارة. ومن أهم المشروعات التى يتم تنفيذها فى نيجيريا طريق "إويرى إيليلى" بطول نحو 35 كيلو مترًا، بتكلفة 70 مليون دولار، وازدواج طريق "أنوجو بورت هاركوت" بطول 56.10 كيلو متر، بتكلفة 166 مليون دولار، وإنشاء البنية التحتية لمنطقة "ويى" السكنية التى تشمل مشروعات مياه شرب وصرف صحى بتكلفة 141 مليون دولار، فضلًا عن المجمع الحكومى بتكلفة 44.6 مليون دولار.  ونفذت المقاولون العرب أيضًا مقر حاكم ولاية لاجوس، وطريق مصنع الأسمنت، والمبانى السكنية لعمال مصنع الأسمنت، ومشروعات البنية التحتية للمنطقة السياحية، وشاطئ ليكى، وطريق مدينة كالابار بولاس كروس ريفر، ومبنى هيئة التأمين على الودائع، وقاعة اجتماعات وأخرى للاحتفالات، وطريق فيكتوريا، وطريق أوتاكا- أبوجا، وإسكان ليكى - لاجوس. وفى تشاد، أنشأت المقاولون العرب مبنى وزارة الخارجية والبنك المركزى الإفريقى، ومبنى السفارة النرويجية، كما أنشأت أيضًا مبنى الهيئة الوطنية لإدارة البيئة فى كمبالا بأوغندا، وتنفيذ مبنى وزارة الدفاع بالعاصمة الرواندية كيجالى، ومطار الناضور الدولى بالمغرب. وفى السودان، أنشأت الأيدى المصرية مصنع أسمنت عطبرة ـوكوبرى على النيل يربط بين مدينتَى شندى والمتمة بالسودان، والمرسى النهرى بمدينة أكواجوك بجنوب السودان، فضلًا عن إنشاء كوبرى رادس - حلق الوادى وكوبرى الطويل بتونس، ومبنى وزارة المالية بالجزائر. كما نفذت مصر عددًا من المشروعات فى الكاميرون من بينها إنشاء طريق "بمنجونج- سانماليماه" بطول 74 كيلو مترًا، وكوبرى على الطريق بطول 32 مترًا، طريق "بيكولا – نجوم" بمنطقة سانمليماه بطول 38 كيلو مترًا وعرض 7 أمتار.  وانتهت "المقاولون العرب" من إنشاء طريق "ياوندى- أولاما برواندا"، وتنفيذ مبنى وزارة الدفاع بالعاصمة الرواندية على مساحة 43000 متر. وامتدت المشروعات التى نفذتها شركة "المقاولون العرب" إلى دولة الكونغو من بينها طريق "باشامبا- لونجى" بطول 104 كيلو مترات، وكوبرى معدنى بطول 32 مترًا، إلى جانب 745 مجمعًا صناعيّا. وفى دولة توجو، نفذت مصر  مشروع رفع كفاءة الطريق الوطنى رقم 5 بطول 26 كيلو مترًا، وهو عبارة عن أعمال توسعة للطريق القائم، إضافة إلى أعمال صرف مياه الأمطار وأعمال صناعية وإنشاءات على جانبَى الطريق.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق