
ماهر حسن
مقاهى القاهرة فى 200 سنة
تاريخ لم يُكتب بعد!
تشكل المقاهى تاريخًا اجتماعيّا وثقافيّا موازيًا على مدى طويل.. كانت بمثابة منصات ربطت المثقف بالشارع، بعض هذه المقاهى التاريخية مازال ينبض بالحياة والبعض الآخر لم يعد موجودا من الأساس. وشكل المقهى فى الحياة اليومية لكبار رموز الفكر والأدب والفن مكونًا أساسيّا وجزءًا لا يتجزأ من برنامجهم اليومى أو الأسبوعى.
من هذه القامات توفيق الحكيم ويوسف إدريس ونجيب محفوظ وعبدالقادر القط ونجيب سرور ويحيى الطاهر عبدالله وأمل دنقل وغيرهم كثيرون، حتى إن نجيب محفوظ كان يتردد على المقاهى منذ كان طالبًا فى الثانوى، ومن المقاهى التى تردد عليها على مدى مسيرته الفيشاوى وقشتمر وعرابى والفردوس، ثم ركس ولونابارك، ومقهى سى عبده الذى ورد ذكره فى الثلاثية، وعلى بابا الذى كان يفتتح به برنامجه اليومى لسنوات وكازينو الأوبرا، ومقهى ريش وكازينو قصر النيل كل خميس. مقهى الشيخ جمال لم يشتهر مقهى مثلما حظى مقهى متاتيا بالعتبة بشهرة تاريخية ووطنية أيضًا، وترجع شهرته إلى الشيخ جمال الدين الأفغانى الذى اتخذ من المقهى مقرّا يلتقى فيه تلاميذه ومريديه، وكان الاسم الأصلى لهذا المقهى هو "مقهى البوستة"، ذلك لأنه كانت على مقربة من مصلحة البريد "البوستة"، وقد اختار "الأفغانى" هذا المقهى ليمثل جسرًا شعبيّا بين النخبة والشارع المصرى لكى تصل أفكاره لعموم الناس، وكان الأفغانى يجلس فى صدر المقهى ويتحلق حوله فى نصف دائرة تلاميذه ومريدوه، وكانوا يمضون الليل حتى بزوغ الفجر. كان من المداومين على حضور جلسته الإمام محمد عبده والزعيم سعد زغلول والشاعر محمود سامى البارودى وشيخ المحامين إبراهيم الهلباوى والأدباء إبراهيم المويلحى وأديب إسحق ويعقوب صنوع وعبدالله النديم. قصة ميلاد وتأسيس هذا المقهى تعود إلى العام 1869، وفى مناسبة الاحتفالات العالمية التى صاحبت افتتاح قناة السويس حيث كلف الخديو إسماعيل المهندس الفرنسى هوسمان بإعادة تخطيط ميدان العتبة، لكن ولأسباب غير معروفة ترك "هوسمان" المهمة وتولى الأمر بعده مهندس إيطالى، اسمه "متاتيا"، وهو الذى قام بتحديث المنطقة المركزية لمدينة القاهرة، وخطط حديقة الأزبكية. واختلفت المصادر حول العام الذى بُنيت فيه عمارة "متاتيا" الشهيرة التى حملت اسم المهندس الإيطالى والتى حملت أيضًا اسم المقهى الشهير. فبين أعوام (1870 و1875 و1877) أنشأ ذلك المهندس عمارة شامخة فى القلب من ميدان العتبة، كان بها واحدة من أهم اللوكاندات "لوكاندة مصر"، كما قام المهندس متاتيا باستقدام عدد من فِرَق الأوكروبات الأوروبية التى كانت تقيم عروضها أسفل العمارة، كما أنشأ مقهى عموميًّا حمل اسمه واسم العمارة "متاتيا"، وكان هذا المقهى هو الأكبر فى القاهرة من حيث المساحة، والأهم من حيث الموقع الجغرافى، حيث كان يطل على ترام العتبة الشهير، وكان يشغل بقية واجهة عمارة متاتيا المطلة على ميدان العتبة، كما كان أول مقهى بالمعنى المتعارف عليه بين المثقفين والوطنيين أصحاب الفنون. أمر الخديو إسماعيل فى عام 1876، فى إطار مشروعه القاهرة باريس الشرق، بردم بركة الأزبكية والبرك المحيطة بها (ميدان العتبة الآن) - وهناك أنشأ الأوبرا المصرية، وكانت هذه العمارة (عمارة متاتيا) تقع خلف دار الأوبرا القديمة . وقد تعاقبت أجيال من المثقفين على هذا المقهى مثل الشاعر أحمد شوقى والكاتب عباس العقاد والشاعر حافظ إبراهيم، كما كان يلتقى فيه الشاعر خليل مطران والشيخ التفتازانى والكاتب حبيب جاماتى وكثير من الشوام والمصريين، وقد تم هدم المبنى الذى يقع فيه هذا المقهى العام 1999 فى إطار مشروع نفق الأزهر. وفى ذات يوم كان "الأفغانى" خارجًا فى جنح الظلام من المقهى فقبض عليه هو وخادمه أبو تراب واقتادتهما الشرطة تحت الحراسة إلى السويس، حيث ركب السفينة التى حملته إلى منفاه فى الهند. مقهى عبدالله يحتل مقهى عبدالله بالجيزة موقعًا وسطًا بين جامعة القاهرة والأحياء المهمة المحيطة بها كالدقى والمنيل، حيث معظم سُكنى أساتذة الجامعة والكُتّاب، وكان من أشهر رواده الكتاب والمفكرين محمد مندور وعبد القادر القط ونعمان عاشور وأنور المعداوى وزكريا الحجاوى، وعبدالمحسن طه بدر ورجاء النقاش ومحمود السعدنى، وكان "المعداوى" نجم هذا اللقاء، ولحق بهم الشاعران صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطى حجازى، ومع هدم المبنى الذى كان يقع به المقهى تحوّل اللقاء إلى مقهى "أنديانا" فى الدقى، ومقهى آخر قبالته اسمه "باراداى"، فإنضم إليهم الكاتب المسرحى سعد الدين وهبة، ثم تحوّل الناقد الكبير عبدالقادرالقط إلى كازينو غرناطة، وبعده إلى كافيتريا إمفتريون بمصر الجديدة، حيث ظلوا يلتقون صباح كل جمعة لسنوات طويلة. كان لمقهى "عبدالله" قانون خاص، حيث كان أول من يصل إلى المقهى من حقه الحديث دون انقطاع، وكان يطلق على رواد ذلك المقهى "المكلمنجية". لكن الناقد الراحل رجاء النقاش وصف قهوة "عبدالله" التى أغلقت أبوابها فى الخمسينيات من القرن الماضى بأنها لم تكن مكان لهو وتسلية وترفيه، بل كانت مكان علم وتثقيف من طراز فريد. وقال "فى هذه القهوة كنا نسمع بالتفصيل خبايا النظريات الأدبية والفكرية الجديدة عند ظهورها، وفيها كنا نسمع أجمل قصائد الشعر الجديد بعد ميلادها بلحظات وقبل نشرها على الناس، بل كنا نتعرف هنا إلى المواهب الجديدة فى كثير من المجالات قبل أن يصبح أصحاب هذه المواهب من النجوم الساطعة فى سماء الأدب والفن والصحافة. وعلى هذه القهوة تعرّف "محمود السعدنى" إلى كبار الكُتّاب والأدباء والسياسيين، وكانت مسرحًا لواحد من أهم كتبه "مسافر على الرصيف"، وعلى القهوة كان يجلس الناقد الشهير آنذاك أنور المعداوى، فعرض عليه السعدنى باكورة أعماله الأدبية، وعبر النقاش الذى دار حولها، كشف السعدنى عن قدرات إبداعية متميزة. الخواجة الصربى كان مقهى إيزافيتش ملتقى مثقفو الأربعينيات الحالمون بالعدل والحرية، وفيه كُتبت قصائد وتوهجت قصص حب ودارت معارك فكرية وأدبية وسياسية، وبعد يوليو 1952 كان من أشهر رُوّاده كانوا الشعراء عبدالرحمن الأبنودى، وأمل دنقل، وسيد حجاب والناقدان إبراهيم فتحى وسيد خميس ، والكاتبان يحيى الطاهر عبدالله، وبهاء طاهر، وشهد المقهى حركة اعتصام الطلبة عام 1971 التى طالبت بمحاكمة المسئولين عن النكسة، وحسم الرئيس أنور السادات للموقف من الحرب، وفيه كتب أمل دنقل قصيدته "الكعكة الحجرية". أمّا فترة النضج والازدهار لهذا المقهى فكانت بين عامى 1957 و1974، وهى الفترة التى شهدت ميلاد كثير من الأدباء والفنانين. و"إيزافيتش" هو على اسم عائلة يوغسلافية من الصرب جاء ثلاثة أشقاء منها ليفتتحوا هذا المقهى، وكان يملكه أحد هؤلاء الأشقاء وهومثقف يوغوسلافى هاجر إلى مصر فارّا من النظام الشيوعى هناك، وكان المقهى يقع على ناصية شارع محمد محمود المطلة على ميدان التحرير. وأصبح المقهى ملتقى لأهم المثقفين من الأربعينيات حتى منتصف سبعينيات القرن الماضى. حتى إن الناقد والمفكر لويس عوض أهدى كتابه "بلوتولاند" إلى "الفتيات الضاربات على الآلة الكاتبة وإلى آكلات السندويتشات من إيزافيتش"، كما أن الشاعر عبدالرحمن الأبنودى كتب عن أشهر جرسوناته "عم جمعة" قصيدة جميلة يقول فيه "عم جمعة جرسون قهوة إيزافيتش... الأسمر أبو وش يهش ينش الكلمة الوحشة بره العش". وفى هذا المقهى أيضًا كانت تلتقى قديمًا عناصر من الطليعة الوفدية، وبعد ثورة يوليو أخذ يتوافد عليه مثقفو الثورة وعلى رأسهم لويس عوض ثم الأبنودى وعبدالرحيم منصور وأمل دنقل ويحيى الطاهر عبدالله وصلاح عيسى وسيد خميس وإبراهيم أصلان وحتى نجيب محفوظ، الذى ما إن انتقل إلى كازينو الأوبرا حتى لحق به عدد من المترددين على ندوته ثم إلى "ريش" . قعدة المشاهير يطل مقهى وادى النيل على ميدان التحرير، ووفق رواية مديره حسن محمد عثمان شريف فإن المقهى تأسس فى 1960 على يد والده محمد عثمان شريف مع شريكين له، وكان هو مديره المسئول. وقد تردد الكثير من المشاهيرعلى هذا المقهى بين كُتّاب وفنانين ومثقفين وسياسيين، وبخاصة فى الستينيات والسبعينيات، ومنهم طبعًا نجيب محفوظ وكُتّاب وفنانون نوبيون، وبخاصة حين كانوا فى مبتدأ مسيرتهم الإبداعية منهم موسيقار النوبة على كوبان والفنانون حسن جزولى وحسن السيسى ونصر شلالى والفنان السودانى محمد وردى. وكان المقهى قد تعرّض لحادث إرهابى فى عام 1993، حيث قام شخص بوضع قنبلة محلية الصنع فى كيس أسود وتركها بين البابين، و وقع هذا الحادث فى 3رمضان، وتم افتتاح المقهى بعد نحو 25 يومًا، بحفل حضره وشارك فيه المطربون سمير الإسكندرانى ومحمد نوح والريس متقال ومطربون ومطربات آخرون، وكان من المدعوين الفنان عادل إمام الذى قام بإلقاء كلمة ندد فيها بالإرهاب، والفنانون حسين فهمى وفايزة كمال وميرفت أمين. ويحرص مدير المقهى بين فترة وأخرى على إحداث تجديد به، ولكن بحرص ظاهر وملفت على الحفاظ على هوية وتاريخ وشكله بثوبه الأصلى وروحه النوبية بعيدًا عن شكل المقاهى الحديثة التى انتشرت فى شوارع القاهرة. عمارة إيفيلينو لايزال "الجريون" حافلًا ويتردد عليه بعض من الصفوة فى الثقافة والفنون.. ومعنى اسمه مرتبط بإحدى الحشرات التى يعتبرها الفرنسيون تميمة مثلما يعتبرها المصريون وهى الجعران، وكان يمتلك المكان فى أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات مصرى يهودى اسمه ميشيل شلهوب، باعه قبل أن يهاجر بشكل نهائى، وآل للسفير سميح زايد الذى كان سفيرًا لمصر فى الأرجنتين، الذى قبل دخل شريكًا مع العراقيين سهيل العانى ومالك العانى، و"الجريون" مطعم وبار وكافيتريا، و يقع فى شارع قصر النيل، وقد أنشئ داخل ممر عمارة الخواجة "إيفيلينو" الشهيرة، التى اشتراها منه فيما بعد الدكتور "بهى الدين شلش" طبيب العيون المعروف. ارتبط هذا المكان منذ إنشائه فى أربعينيات القرن الماضى بوجود العائلات الأرستقراطية والطبقات الغنية والباشوات والفنانين الكبار والأدباء والمثقفين والسياسيين، وأصبح مكانًا مفضلًا لسهراتهم، ومناقشاتهم الاجتماعية، وكان من أشهر زبائن الجريون الموسيقار محمد عبدالوهاب، وزوجته إقبال نصار، والفنان فريد الأطرش، والفنان عبدالسلام النابلسى، حتى إن كوكب الشرق أم كلثوم كانت تأتى المطعم أثناء الحفلة التى تقيمها فى أول كل شهر على مسرح قصر النيل، الملاصق للجريون، فى الاستراحة الفاصلة بين أغانيها. "سهيل العانى"- مدير الجريون- حكى قبلًا قصة طريفة نقلت إليه تقول إن "عبدالوهاب" حينما كان يأتى "الجريون" ويطلب فاكهة كان يطلب معها "جردلًا" من الماء كى يقوم بتنظيفها مرّة أخرى بنفسه، لأنه كان يعانى وسواس التلوث والمرض بشكل كبير، أيضًا قصة أخرى عن فريد الأطرش الذى فاجأته أزمة قلبية بالمطعم وتم نقله إلى المستشفى. وظل المطعم على هذه الحال حتى ثورة يوليو عام 1952، وبدأ ينحسر أو يختفى تردد الطبقات الأرستقراطية عليه، وتأثر "الجريون" بهذا فى مقابل انتعاش لمقهى "البستان" الشعبى ومقهى "ريش" المجاور له الذى كان يتردد عليهما المثقفون . ولم تتغير حال "الجريون" فى بدايات سنوات حُكم الرئيس أنور السادات ، وكانت مقاهى الشارع هى التى تحظى بتردد المعارضين عليها من الشعراء والأدباء، أمثال أمل دنقل، ويوسف إدريس، ونجيب سرور، وكذلك قيادات القوى اليسارية، أمثال: خالد محيى الدين، ورفعت السعيد، وحسين عبدالرازق، وغيرهم، و القوى الطلابية، مثل: أحمد بهاء شعبان وعبدالله رزة، وغيرهما، إلى أن شهد الجريون كأى مكان فى مصر فى 6أكتوبر 1973 فرحة عارمة واحتفالات بالنصر وبدأ يستعيد شعبيته ولكن بزبائن مختلفين تمامًا عن "زبائن زمان". و تم إغلاق "الجريون" فى أواخر السبعينيات حتى منتصف الثمانينيات، وكان المطعم مملوكًا للسفير"سميح زايد"ولم يتمكن من إدارته، فأغلق قرابة السنوات الخمس، ثم عاد للعمل مرّة أخرى فى ظل حالة الاستقرار السياسى، وسارعمله بشكل طبيعى، وكان يتوافد عليه والصحفيون، والأدباء، وكان ملتقى لطوائف المثقفين والنخبة والفنانين. وفى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك تحوّل إلى ملتقى ثقافى للشخصيات العامة والسياسية والمثقفين و الفنانين ، فكان يرتاده قيادات حزب التجمع، لأن مقر الحزب يقع بجوار المطعم، ومن الشعراء والأدباء: أحمد فؤاد نجم وسليمان فياض اللذان لهما كتابات على جدران المطعم. كما تردد عليه عدد من الفنانين بعد عروضهم المسرحية وحفلات أفلامهم، مثل: عادل إمام ويحيى الفخرانى ومحمود عبدالعزيز ويسرا ومحمود حميدة وسميحة أيوب وأحمد عبدالعزيز ورغدة وسوسن بدر وحمدى الوزير ونيللى وعلى الحجار، و المخرجون مجدى أحمد على وخيرى بشارة ورضوان الكاشف ومحمد خان، حتى إن "الجريون" شهد على خروج أفلام ومسلسلات للسينما والتليفزيون مثل فيلمى «استاكوزا» و«كابوريا»، وكان أحمد زكى يراجع السيناريو بالمطعم مع عبدالحى أديب، الذى كان شبه ملازم للمكان وله مائدة محددة، و شهد المكان خروج فيلمى «الكيت كات» و«عصافير النيل» وغيرهما من الأفلام. ومقاه آخرى كان مقهى اللواء يقع فى شارع مظلوم باشا فى حى عابدين فى جوار مبنى جريدة الأهرام القديم، وقد سُمى بهذا الاسم تيمنًا باسم جريدة اللواء التى كان يصدرها الزعيم مصطفى كامل، وكان يؤمّه كبار رجال الفكر والأدب والصحافة، ومن بينهم أنطون الجميل رئيس تحرير الأهرام الذى كان يتخذ إحدى موائد المقهى مكتبًا مصغرًا له ومن حوله يتحلق الأدباء والشعراء، وهناك ركن مخصص لإبراهيم الدسوقى أباظة باشا القيادى الوفدى ومن حوله كان يجلس فؤاد باشا أباظة وفكرى أباظة والشاعران طاهر أبو فاشا وعبدالحميد الديب، وكان يرتاد المقهى فى الظهيرة الكاتب الدكتور محمد حسين هيكل، و كان من رواده الشعراء والكتاب حافظ إبراهيم وعبدالعزيز البشرى وأحمد شوقى، وميخائيل تقلا، وحافظ إبراهيم وصالح عبدالحى وزكى مبارك وكامل الشناوى. أما مقهى سوق الحميدية، فيقع في شارع الفلكى، ويطل أيضا على ميدان باب اللوق، واسمه على اسم أشهر أسواق سوريا، افتتحه صاحبه السورى عام 1960 عقب الوحدة الشاملة التى تمت بين مصر وسوريا فى 1 فبراير 1958 وانهارت فى 28 سبتمبر 1961 وهى واحدة من أهم التجارب الوحدوية العربية.. ويقال إن جمال عبدالناصر افتتح هذا المقهى عند بدء نشاطه «وهى معلومة لم أستطع التثبت منها حتى هذه اللحظة»، وهذاا لمقهى ليس كبيرا فمساحته لا تتجاوز الـ120 متر وهو من دورين.. والعصر الذهبى لهذا المقهى فى الستينيات حتى نهاية الثمانينيات، حيث كان مقرا مفضلا للكتاب والفنانين والصحفيين ومنهم عباس الأسوانى وعبدالمنعم رخا فنان الكاريكاتير والصحفى المخضرم محمد نجيب وعبدالوهاب مطاوع ومحمد نوح وعبدالله غيث وحمدى غيث وزكريا سليمان وسعد أردش ومحمد الدفراوى وعبدالرحمن عرنوس ونبيل الحلفاوى وزوجته السابقة الفنانة فردوس عبدالحميد ومحمد كامل القليوبى. ومن الطريف أن الشاعر الكبير أمل دنقل كان يطلق على التجمع الصغير الملتف حول مائدة والمكون من شاعر العامية عبدالسلام شهاب والكاتب الصحفى عبدالوهاب مطاوع ومحمد نوح وعبدالمنعم رخا «جمعية منتظرى سعد زغلول» لأنهم كانوا أعضاءب حزب الوفد الجديد وكانوا يكرهون عبدالناصر وعصره «وما من حوار يدور بينهم إلا ويذكرون فيه عبدالناصر بالسوء».. محمد نوح كان يستعرض إمكاناته فى التلحين ويجذب الصحف من الرواد ويجلس ليلحنها، مما يستفز الفنان عبدالرحمن عرنوس الذى ينازعه الصدارة الفنية فى المقهى،فيسخر منه وهو يقول: «أصل عنده فرقة اسمها النهار ومبتغنيش إلا بالليل»! فيرد محمد نوح بسرعة: «وإيه يعنى ما إنت عندك فرقة اسمها أولاد البحر وعمرهم ما عاموا حتى فى البر»! أمّا كافيتريا لاباس فلقد كان ملتقى العاملين فى حقل السينما والدراما، وقد شكّل مرحلة انتقالية سريعة لشلة نجيب محفوظ بعد إغلاق ريش والشاعر العراقى عبدالوهاب البياتى طوال فترة وجوده فى مصر.
تم اضافة تعليقك بنجاح، سوف يظهر بعد المراجعة