الجمعة 13 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تحيا المواطنة

الدكتور القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية:

أعضاء بالكونجرس الأمريكي قالوا لنا: وطنية الرئيس السيسي وإنجازاته في ملف المواطنة واقع لا يتطلب حديثكم عنه

القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية تصوير : محمد السيد
القس أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية تصوير : محمد السيد

"لسنا في حاجة لأن تحدثونا عن وطنية الرئيس عبدالفتاح السيسي، ومواقفه الداعمة للمواطنة، فقد بات ذلك واضحًا ومعلومًا لنا، فهو من صدر في عهده قانون بناء وترميم الكنائس والحاكم المسلم الوحيد الذي يذهب إلى الكاتدرائية كل عيد لتهنئة المسيحيين، وهو من يبني مسجد وكنيسة في كل مجتمع عمراني جديد لتأكيد المساواة.



تلك الكلمات وجهها أعضاء بالكونجرس الأمريكي للقس الدكتور أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر، خلال زيارة ووفد مرافق له لأمريكا، كشف عنها في حواره معنا، للتدليل على أثر إنجازات الرئيس في ملف المواطنة، مؤكدًا ما اتخذته دولة 30 يونيو بقيادة الرئيس السيسي، من خطوات كبيرة وغير مسبوقة.

 

وفي صالون أنيق تزينه الصور التذكارية والافتتاحات الرسمية لمشروعات الكنيسة الإنجيلية بالهيئة القبطية الإنجيلية، التقينا الدكتور القس أندريه زكي، عقلية منفتحة، ملم بتفاصيل المشهدين السياسي والديني.

فقد دعا لتشكيل مجلس قومي لدعم المواطنة، يشكل من ممثلي المؤسسات التعليمية، والدينية، والإعلامية والثقافية، لما لها من دور، مشيرًا إلى أن الإرادة السياسية متحققة، وقطعت خطوات كبيرة، لترسيخ دولة القانون التي تساوي بين الحقوق والواجبات، بيد أن الدولة والحكومة ليست وحدها المنوط بها تحمل المسؤولية، ومن ثم نحتاج لاستراتيجية وتعاون بين كل المؤسسات لتنعكس إصلاحات الدولة على العقل الجمعي المصري.

ويرى أن الرئيس محق في الدعوة لتجديد الخطاب الديني، فهو ضرورة لبناء المستقبل، لكن بطء حركة المؤسسات الدينية يجعل التعاطي يستغرق مزيدًا من الوقت.

ونوه إلى أن قانون بناء الكنائس سمح بتوفيق أوضاع نحو 1070 كنيسة إنجيلية وأبنية ملحقة، معتبرًا أن عددًا كبيرًا من المراكز البحثية الغربية التي تحرض ضد مصر، تمول وتعمل لحساب جهات أجنبية معادية، فيما ترتدي ثوب الاستقلال الزائف.

وإلى نص الحوار:

 - المواطنة هي حصن الأمة، من وجهة نظرك كيف ندعم لبناتها ونحوّلها إلى ثقافة عامة؟

في البداية أؤكد أن مصر 30 يونيو تتجه نحو المواطنة بخطوات ثابتة، فالمواطنة ليست مجرد شعار بل أصبحت واقعًا معاشًا، ومرتبطة بقضايا كثيرة على أرض الواقع، والدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ترسخ المواطنة عبر عدة محاور: 

المحور الأول: إصدار قانون بناء الكنائس، والاهتمام بإنشاء أوقاف وهيئات للكاثوليك والإنجيليين.

المحور الثاني: الاهتمام ببناء المسجد والكنيسة في كل مدينة جديدة، ويعد ذلك أحد أهم الدلالات على توافر الإرادة السياسية لتفعيل المواطنة، حيث تم نقلها من فكر الصفوة أو النخبة إلى فكر العامة، وعززت دولة 30 يونيو فكرة أن الجميع له حق فى مكان للعبادة.

ففكرة المواطنة تنمو عمليًا على أرض الواقع، لا نظريًا، وما يحدث في مصر نقلة مهمة تؤكد أن الدولة عازمة على استكمال ترسيخها وإعلاء دولة القانون، حيث إن تفعيل فكرة المساواة في الحقوق والواجبات، هي ما تبني المواطنة السليمة، يضاف إليها اللُحمة الوطنية، وهي حقيقة ملموسة، لذلك أؤكد أن مصر في الطريق الصحيح لدولة المواطنة والقانون.

- أشرت إلى أن دولة 30 يونيو تخطو بثبات نحو ترسيخ حقيقة المواطنة، مستندًا لما تحقق على الأرض، وفي المقدمة الإصلاح التشريعي، بإصدار قانون ترميم وبناء الكنائس، كم كنيسة من 1500 التابعة للطائفة الإنجيلية في مصر، استفادت من القانون، وأثره على السلام الاجتماعي؟

بالفعل، لدينا 1500 كنيسة، وقد تقدمنا للجنة لتوفيق أوضاع 790 كنيسة وبيت مؤتمرات وبيت خلوة، نتحدث عن توفيق فعلي لأوضاع 1070 كنيسة ومكان، يقنن، وبالتأكيد أنهى القانون أزمة كان يُعاني منها مسيحيو مصر منذ القرن العشرين، فإجراءات البناء أو حتى الترميم كان يواجهها صعوبات عديدة، وتستغرق الإجراءات وقتًا طويلًا ومعظم التصاريح كانت شفوية دون تقنين قانوني، لذلك فإن مميزات هذا القانون إنه سمح ببناء وترميم الكنائس بطريقة عملية ومنظمة، تبدأ بالتقدم بطلب يتم الرد عليه خلال سقف زمني 4 أشهر، وفي حالة عدم الحصول على رد يتم السؤال عن الأسباب، ويحق الطعن على القرار حال الرفض، وهذا حقق راحة نفسية لنا، عكس الماضي، كنا ننتظر التصريح 10 سنوات بلا أي رد، ولذا فالقانون أحد دعائم المواطنة على أرض الواقع.

 

رئيس الطائفة الإنجيلية فى حواره مع رئيس التحرير
رئيس الطائفة الإنجيلية فى حواره مع رئيس التحرير

 

- القانون أحد الدعائم، فما هي الدعائم الأخرى من وجهة نظركم لبناء عقلية نقدية تواجه دعاوى الطائفية والتطرف؟

هناك 4 جهات ومؤسسات تلعب دورًا مهمًا وحيويًا على أرض الواقع، المؤسسة التعليمية والدينية والثقافية والإعلام، وجميعهم يلعبون دورًا خطيرًا، فالمؤسسة التعليمية تخلق العقول وتُساهم في بناء أجيال لديها معرفة كاملة أو منقوصة، تملك قدرات نقدية من عدمه، والدولة المصرية بما تبذله من تطوير للمناهج وتطوير للعملية التعليمية تخلق جيلًا جديدًا قادرًا على النقد، واستخدام المنهج العلمي في التفكير.

أما الثقافة، فنحن نسأل عن نوع الدراما والأفلام أو المسرح الذي نقدمه، والقائمين على الثقافة في مصر لديهم هذا الوعي، وأتذكر أنه خلال افتتاح المسجد والكنيسة في العاصمة الإدارية الجديدة، دعت رئاسة الجمهورية وفدًا كبيرًا من الطائفة الإنجيلية الأمريكية، وعُرض خلال الحفل عمل درامي للأطفال حول الآخر وقبوله وتعدديته، وكان هذا العمل مصدر إبهار للحاضرين لأنه قدم نماذج جديدة، فالثقافة بفروعها المتنوعة تلعب دورًا مهمًا في تشكيل المواطنة على أرض الواقع.

وبالنسبة للمؤسسة الدينية والخطاب الديني، يجب أن يكون واعيًا بالآخر ويعزز مفهوم التسامح، بمعنى أن تكون هناك مساحة لخلق الاختلاف، وأرى أن دعوة الدولة والرئيس لتجديد الخطاب الديني في محلها، إذ إنه يلعب دورًا محوريًا في بناء المستقبل.

أما الإعلام، فهو أخطرهم جميعًا، حيث إنه يمتلك قدرات تلقينية ومرئية تستطيع تشكيل الوعي والثقافة والقيم، وبالتالي هذه الأبعاد الأربعة هي المنوط بها دعم دولة المواطنة، وأتمنى تشكيل مجلس قومي لدعم المواطنة، تُساهم فيه المؤسسات الأربع، لتكون هناك استراتيجية لتحقيق الأهداف وانسجام في التعاطي مع هذه القضية.

- يحسب للكنيسة الإنجيلية دورها الكبير في إنشاء المدارس، والمستشفيات، حيث تم إنشاء أول مدرسة للبنات في أسيوط 1856، فهل تلك المدارس لها استراتيجية لتعزيز ثقافة المواطنة، وما هي المناهج المقدمة في تلك المدارس؟

 في مدارسنا نسعى إلى الارتقاء بالمنظومة التعليمية وبناء الشخصية، لأن التعليم إذا لم يرتبط بتكوين الشخصية يصبح تلقينًا يضيع مع الوقت، أما التركيز على "بناء الشخصية" يمكنه تكوين شخصية ناقدة.

وأذكر أن عددًا من القيادات النسائية في مصر  من الشخصيات العامة والوزيرات خريجات كلية رمسيس للبنات، نحن نرتبط بالمجتمع من خلال التعليم والصحة، ولا نتقوقع على أنفسنا، بل نبني جسورًا للتواصل مع الآخر.

- كيف ترى الخطوط الفاصلة بين الدور السياسي والخدمي للمؤسسة الدينية عبر العمل التنموي والاجتماعي، وأثر ذلك على تعزيز ترابط النسيج المجتمعي، وتخفيف الأعباء عن المواطن؟

أرى أن مصر ما بعد 30 يونيو شهدت تحولًا واضحًا للأقباط، قبل ذلك كانت الكنيسة تمثل التعبير السياسي عن بعض الأقباط، وبعد 30 يونيو أصبح هناك تمثيل أكبر لهم، والمشاركة السياسية للمسلم والمسيحي بلا أدنى تمييز، وهذا حد من الارتباط بالمؤسسة الدينية، ويُعيد الممارسة السياسية إلى مسارها الطبيعي. 

 

 

 

- ذكرت الانعكاس الإيجابي لبناء المسجد والكنيسة في كل مجتمع عمراني جديد، والعاصمة الإدارية الجديدة نموذجًا، هل تلك الصورة وصلت المنظمات الأجنبية التي كثيرًا ما تعزف على أوتار الطائفية، أو لبعض المصريين المتاجرين بهذه الورقة في الخارج؟

هناك مجموعة توجهاتها دائمًا سلبية، ولا يرون من الكوب سوى النصف الفارغ، تلك الجماعات مرتبطة بمصالح أو دعم خارجي من جهات معادية لمصر أو نفسيات تفكر بطريقة معينة، تلك الجماعات تهمش نفسها بنفسها لأن الواقع يفرض نفسه، وأيضًا هناك جماعات أخرى ترى وترصد التطور الموجود في مصر، وقيل لنا خلال  إحدى زياراتنا للكونجرس الأمريكي مؤخرًا بوضوح شديد: لا نريد أن يحدثنا أحد مرة أخرى عن دور الرئيس السيسي الوطني ودعمه للمواطنة، فذلك أصبح واضحًا أمام الجميع.

نحن عرفنا رؤية الرئيس السيسي مع المواطنة، فهو أول حاكم مسلم يزور الكاتدرائية كل عيد ليقدم التهنئة، وهو الذي يثير الوعي حول المسجد والكنيسة معًا فيخلق أرضية للمساواة، هذا بجانب أنه لعب دورًا في قانون بناء الكنائس والقوانين الملازمة لهيئة الأوقاف الإنجيلية والكاثوليكية وغيره بهدف دعم المساواة، ولذلك الدور الذي يقوم به الرئيس والحكومة المصرية لا يحتاج إلى أحاديث أو شرح لأننا نعرفه ونتابعه، لدرجة أن أحد أعضاء الكونجرس كان يحكي لنا بنفسه ما قام به الرئيس، وما تقوم به الحكومة المصرية، إذن المجتمع الأمريكي لديه إدراك جديد للدور الذي تقوم به الدولة المصرية، ممثلة في رئيسها وحكومتها في عملية التقدم.

ومع ذلك سيستمر بعض الناس المدعومين بقوى خفية يتحدثون عن السلبيات، وخطورتهم تكمن في أن بعضهم ينشئون مراكز بحثية ترتدي ثوب الاستقلال، لكنها في الحقيقة تحمل أجندات معادية تخدم جهات تمويلها، بإصدار تقارير تحوي أكاذيب أو مبالغات بهدف النيل من مصر.

وكرجل دين لا أكذب حين أقول: كل دولة بها الإيجابي والسلبي ونحن نحتاج إلى أن نطور من أدائنا وننظر إلى التفاصيل الداخلية، فنحن في تقدم مذهل وهناك خطوات جادة بعد 30 يونيو، يجب أن نفتخر بها، وعلينا أن ننظر أيضًا إلى التحديات الموجودة لدينا، ونتعامل معها بجدية.

- ماذا كان شعورك عندما اعتلى تنظيم الإخوان الحكم في مصر؟

دراستي الأكاديمية كانت في الإسلام السياسي حتى درجة الدكتوراه، وفي يناير2011 لم أذهب إلى الميدان لكن عندما سألنا: هل هذا التيار المتواجد فى الميدان مرتبط بالإسلام السياسي أم لا ؟ قيل هذا تيار وطني "ارفع رأسك فوق أنت مصري"، وبالتالي 25 يناير كانت أحد أهم دلالتها أنها تحرك وطني شعبي يسعى إلى تغيير المنظومة في مصر، ومباشرة بعد تغيير النظام صعد تيار الإسلام السياسي بسرعة كبيرة جدًا، والذين يدرسون الحركات الدينية السياسية يعرفون أنها تملك عقول الناس ومشاعرهم، وتملك تمويلًا ضخمًا، وقدرات، وعندما قالوا إنهم سيجلسون 500 عام في الحكم لم يستبعد ذلك من درسوا تأثير الحركات الدينية المرتبطة بالسياسة في الحكم، وبالتالي فإن ثورة 30 يونيو معجزة القرن الـ21، فالشعب المصري انتفض بعد عام واحد من حكمهم  ونجح في التغيير، وهنا كانت المفاجأة وسيقف التاريخ أمام عظمة ما حدث، والذى لا يمكن التعامل معه باستهانة، كانت مصر في طريق، والآن هى في طريق آخر.

- الشعب المصري حافظ على هويته بثورة 30 يونيو، لكن لاتزال هناك محاولات للانقضاض على ما يتحقق من تنمية شاملة في كل المجالات لعرقلة استعادة مصر لقوتها وريادتها بما تمتلكه من مقومات حضارية وجغرافية وثروة بشرية، إحدى هذه المحاولات تتمثل دائمًا في تشويه الصورة الذهنية عنها في الغرب.. فكيف ترون تقرير البرلمان الأوروبي الأخير وافتراءاته على مصر في مجال حقوق الإنسان، وقد ذكرت أن كثيرًا من الأوروبيين يرون ما يحدث على الواقع، ويقولون لسنا في حاجة لتقول لنا ما يحدث على أرض الواقع لأننا نرصده، وفي السياق ذاته نجد تقارير تخرج من منظمات من حين لآخر لتشويه الصورة الذهنية لدى الرأي العام العالمي.. فما دوركم ودور منتدى الحوار الأوروبي في تصحيح هذه الصورة؟ 

لا توجد دولة ليس لديها مشكلات، وإذا قلنا ليس لدينا مشكلات فإننا نخدع أنفسنا، مع التأكيد على أن الدولة والحكومة ليست مسؤولة عن القيام بكل شيء، بل جهات أخرى ومتنوعة شريكة في المسؤولية، وتلك الجهات ليست مدركة بالضرورة لعقل الدولة التي تسعى إلى احترام حقوق الإنسان وتعزيز قضية المواطنة، وقبل الحديث عن الغرب علينا دائمًا أن نراجع أنفسنا، مراجعة النفس للتعرف على الإيجابيات وتعظيمها، والسلبيات ومواجهتها.

وقد أشرت إلى أن بعض المراكز البحثية الأجنبية التي تدعي الاستقلالية وتصدر تقارير عن مصر تعمل في الخفاء لحساب جهات أجنبية، وأتصور أن جزءًا من مشكلتنا مع الغرب هي "العقلية المسبقة" الموجودة لدى بعض الحكومات، وبعض المراكز الغربية، لديهم عقلية متجمدة لا تريد تغيير الصورة السلبية الراسخة بها، رغم ما يقوله الواقع من إنجازات تتحقق في مصر.

فضلًا عن اعتماد البعض على الشائعات وهي خطيرة للغاية، فقد تسمع شائعة عن أن مصر بها آلاف المعتقلين، فأين هم؟ لا تجدهم من الأساس، فالشائعات أيضًا تلعب دورًا مهمًا.

 

الرئيس السيسى يشارك المواطنين فى احتفالات أعياد الميلاد
الرئيس السيسى يشارك المواطنين فى احتفالات أعياد الميلاد

 

- أشرت إلى إنجاز الدولة المصرية إصلاحات هيكلية وجذرية في ملف المواطنة على أرض الواقع، ولكن يبقى من لا يستوعب ولا يتعاطى مع ذلك، فما تقييمك لمدى التعاطي المجتمعي مع الاستراتيجيات التي توضع والنماذج التي تقدم للمجتمع مثل بناء المسجد والكنيسة في كل منطقة، وحضور الرئيس للقداسات وغيرها من الرسائل المهمة، وما مدى انعكاساتها في الشارع المصري، وعلى منظمات المجتمع المدني وعلى المعنيين بالخطاب الديني؟

أولًا: تجديد الخطاب الديني سيحتاج إلى وقت، لأن المؤسسات الدينية بطبعها محافظة وحركتها نحو التغيير والتطوير بطيئة، وهذا بحكم أن الدين يقترن بالثوابت والمتغيرات وهي عملية معقدة، لأنها مرتبطة بفهم النص، وأسباب التنزيل، وكيف يخاطب النص الحركة الراهنة، وبالتالي فهي عملية معقدة وتحتاج وقتًا.

ثانيًا، تغيير الثقافة والعادات والتقاليد يأخذ أيضًا وقتًا، والآن تجد أن القيادة السياسية والدولة والحكومة تسبقها بعدة مراحل، وهذا ما نجده في تعامل الرئيس والحكومة بعد 30 يونيو، حيث أصبحت مصر دولة المواطنة والاستقرار والتنمية، وهذا ما أكده الإصلاح الاقتصادي الأخير، فلولاه ما صمدنا أمام أزمة "كورونا" طول تلك الفترة.

أيضًا أشير إلى أن التغيرات الثقافية المرتبطة بقضية المواطنة ستأخذ وقتًا، ولذلك يجب أن يكون لدينا صبر والتزام وجَلد في التعامل معها، وأرى أحيانًا أن هناك فجوة بين من يصنعون القرار ومن ينفذونه، تلك الفجوة تقل بالتعليم والثقافة والخطاب الديني الجديد، وهذه العوامل تلعب دورًا مهمًا في بناء مجتمع يمارس ما يؤمن به من خلال ثقافته.

- بالإشارة إلى "كورونا"، كيف كانت تجربتك الشخصية بعد إصابتك بالفيروس، وما هي الإجراءات التي اتخذت مؤخرًا من جانبكم لحماية رواد الكنيسة؟

تجربتي الشخصية مع الفيروس تجربة صعبة للغاية، لأننى أجريت تحاليل لم ترصد أى آثار للفيروس، وتم التشخيص على أنها نزلة برد فقط، وتلقيت العلاج على أساس ذلك، وبعد أسبوع كامل ظهرت الأعراض، وهذا تسبب في نقل العدوى لأسرتي بالكامل، زوجتي وأبنائي الثلاثة، تجربة المرض تحمل بداخلي مشاعر كثيرة معقدة للغاية، وخلال رسالتي في عيد الميلاد المقبل سأشير تفصيليًا لتلك التجربة.

أما ما يخص الدولة المصرية وتجربتها مع كورونا، فأرى أنها تعاملت بحنكة ومهارة عالية جدًا مع أزمة كورونا، والدليل على ذلك أن الدول المتقدمة كلها عاشت محنًا، صحيح مرت علينا أوقات صعبة، لكن عندما تقارنها بالدول التي تملك منظومة صحية متكاملة أكثر تقدمًا، تجدنا أبلينا بلاء حسنًا في التعامل مع الجائحة.

هناك تغيرات مهمة على أرض الواقع، والدولة المصرية تبنت سياسات جديدة من نوعها، فمثلًا حزمة الإصلاح الاقتصادي التي ارتبطت بشروط صندوق النقد، ارتبطت بحزم اجتماعية اهتمت بالفقراء ومحدودي الدخل، وتلك الجهود جعلتنا صامدين وتجاوزنا الأزمة بنجاح منقطع النظير، وهذا يعكس رؤية الدولة الحكيمة في توفير السلع والأدوية، وإنشاء مستشفيات عزل ومستشفيات أخرى ميدانية جديدة، وهو ما يؤكد أن مصر بعد 30 يونيو دولة مختلفة لم يتوقعها المصريون.

 

ثورة 30 يونيو انتصرت للمواطنة
ثورة 30 يونيو انتصرت للمواطنة

 

- ما هي الإجراءات الاحترازية للكنيسة خلال أزمة كورونا؟

اتخذنا العديد من القرارات الثورية؛ حيث إننا علقنا احتفالات رأس السنة، وأشير إلى أن احتفال عيد الميلاد المقبل، سيقوم به فقط أعضاء المجلس الإنجيلي العام ورؤساء المذاهب، وسيتم توجيه الدعوة لرئيس الجمهورية فقط، حتى يحضر معنا مندوب الرئيس، ممثلًا عن الدولة، فالكنيسة التي كان يحضر بها 3000 شخص سيحضر فقط فيها 30 شخصًا بسبب كورونا.

وتم تعليق العبادات حتى 15 يناير باستثناء الآحاد المتروكة لكل رئيس مذهب، ولو الكنائس تريد أن تحتفل بأعياد الميلاد في يوم الأحد 3 يناير فسيكون ذلك وسط الإجراءات الاحترازية المشددة.

- هناك خطوط فاصلة بين احترام وقدسية الأديان وبين الحرية في الرأي والتعبير، ما رأيك في الأزمة الأخيرة بشأن رسوم الكاريكاتير في فرنسا؟

قضية الرموز الدينية لا فصال فيها، والاقتراب منها يعد تعديًا على حرية الآخرين، ولا توجد حرية مطلقة على حساب حرية الآخرين، لا يمكن إهانة رموز دينية بحجة حرية التعبير، لأن ذلك ليس حرية، بل يعد انتهاكًا لحرية الآخرين.

وأرى أن كل المؤمنين بديانة، عندما يتم المساس برموزهم الدينية يتألمون ويشعرون بخيبة أمل شديدة، خصوصًا لدى شعوب المنطقة العربية، فالرموز الدينية لدينا ليست موضع فصال أو هزل أو استخفاف، ومرات يكيل الغرب بمكيالين في قضايا حرية التعبير والرأي، "أنا كمسيحي عندما أسمع كلامًا غير مناسب عن السيد المسيح فإنني أتألم، وكذلك الأمر بالنسبة للمسلمين، فكل منا له مقدساته ورموزه".

- مصر خاضت معركة واسعة ضد الإرهاب والتطرف وحققت انتصارات كبيرة، كيف ترى ما تحقق على أرض الواقع؟

أرى أن مصر واجهت الإرهاب بمفردها في معظم الأوقات ونيابة عن العالم كله.

وأن قوة ثورة 30 يونيو تكمن في أنها غيرت النظام في مصر، وأيضًا هي أفشلت مشروعًا ضخمًا كان يخطط لتقسيم المنطقة إلى حروب دينية بين السنة والشيعة، وهم الأغلبية، وبعض التصورات الأخرى التي من شأنها دعم تيار الإسلام السياسي بهدف إلهاء المنطقة فى حروب، إلا أن ثورة 30 يونيو أفشلت كل ذلك، وهو ما جعل بعض الدول تقف بالمرصاد لتلك الحركات.  

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق