المسجد والكاتدرائية.. اللبنة الأولى فى بناء عاصمة مصر الجديدة
إسراء علاء الدين
يعيش أبناء مصر منذ قديم الأزل فى ترابط ونسيج واحد، فلا فَرق بين مسلم و مسيحى، رافعين شعار «الدين لله والوطن للجميع»، ومتمسكين بمقولة أجدادهم «عاش الهلال مع الصليب»، وبمجيء الرئيس «عبدالفتاح السيسى»، الابن البار بمصر سَجّل التاريخُ مرحلة جديدة من مراحل الوحدة الوطنية، وفشلت جميع محاولات قوَى الشر والإرهاب لزعزعتها، يسانده فى ذلك أبناء مصر الذين أثبتوا أنهم يعيشون فى تآخٍ حقيقى، فى ظل مجتمع آمن، لا عنصرية فيه ولا طائفية، تجمعهم وحدة وطنية راسخة.
تلك الفكرة الراسخة فى وجدان المصريين، نفذ ما يؤكدها الرئيس السيسى على أرض الواقع، عندما افتتح مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة فى يناير 2019، وتلاقت أضواؤهما معًا ليلة عيد الميلاد، وامتزج أذان المسجد مع صوت أجراس الكنيسة فى عنان السماء، مسجلين عهدًا جديدًا فى تاريخ الوحدة الوطنية المصرية العريق.
حدث تاريخى ضخم لافتتاح أكبر مسجد وأكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط، سجلته وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية.
وخلال الافتتاح الضخم وقف الرئيس «عبدالفتاح السيسى» وسط جموع حاشدة من المصريين مسجلًا كلمات خالدة ستظل باقية على مَر الزمن، جاء ملخصها:
إن شجرة المَحبة المصرية ستعم العالم أجمع، وثمارها هى المَحبة والتسامح والتآخى، وأن مصر قوية ولا يستطيع أحد التأثير على وحدتها الوطنية، وسنظل واحدًا، وأن الفتن لن تنتهى، وسيحفظ الله سبحانه وتعالى مصر لأهلها.
وتبادَل بَعدها شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر أحمد الطيب، والبابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقسية، الوعظ، فأكد الإمام الطيب من داخل صحن الكنيسة على التصدى بحزم لكل من يعبث بأمن مصر، وأن الدولة الإسلامية ضامنة شرعًا لكنائس المسيحيين ومعابد اليهود، والشرع يكلف المسلمين بحماية المساجد والكنائس بالقدر نفسه، وأن هذا الحدث استثنائى ربما لم يحدث من قبل على مدى تاريخ المسيحية والإسلام، كما أكد أن بناء مسجد وكنيسة فى وقت واحد، والانتهاء منهما فى وقت واحد، تم لهدف واحد وهو تجسيد مشاعر الإخوّة والمَودة بين المسلمين والأقباط.
وخطب بَعدها البابا تواضروس فى المسجد قائلًا: «ليشهد العالم على وحدتنا، أننا نشهد مناسبة غير مسبوقة فى التاريخ، ونرى مآذن هذا المسجد الكريم تتعانق مع منارات كاتدرائية ميلاد السيد المسيح، ومصرنا العزيزة تسجل صفحة جديدة فى كتاب الحضارة المصرية العريقة، وأنه كمواطن مصرى يقف فى هذا المسجد الكريم ويفرح مع كل أخوته الأحباء بهذه المناسبة السعيدة التى تسجل فى تاريخ مصر؛ لتعلو بَعدها الهتافات للمشاركين فى الحفل، وعَلم مصر يرفرف بين أيديهم.
وتُولى الدولة المصرية اهتمامًا خاصّا للعاصمة الإدارية الجديدة؛ خصوصًا بعد اختيارها العاصمة العربية الرقمية لعام 2021.
فى عام 2017 وعد الرئيس السيسى خلال احتفال عيد الميلاد المجيد، بإنشاء أكبر مسجد وأكبر كنيسة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وفى أقل من عامين نفذ الوعد، وقد تم البناء بتبرعات المصريين، وكان الرئيس السيسى أول المتبرعين.
يُعَد أكبر المساجد فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، ومن المقرر اعتماده كمسجد رسمى للدولة، ويُعَد دُرّة المعمار الإسلامى الحديث، فهو جامع شامل لجميع الاحتياجات، سواء الصلاة أو المناسبات أو الجنازات الرسمية، وقد افتتح عام 2019 عقب أذان العشاء.
وتبلغ مساحته نحو 250 ألف متر مربع، بطول نحو 500 متر وعرض 500 متر، ويصل إجمالى سعته نحو 12 ألف مُصلّ، ويضم 4 مآذن بارتفاع نحو 90 مترًا للمئذنة، ويحتوى على قبة رئيسية بارتفاع 43 مترًا وقُطر نحو 33 مترًا، تعتبر أكبر قبة فى الشرق الأوسط، ويبلغ إجمالى عدد القباب 21 قبة، قبة رئيسية و4 ثانوية، و6 قباب صغيرة أعلى المداخل الرئيسية، وقاعات للمناسبات، و10 قباب صغيرة أعلى الأسوار الخارجية، كما يتضمن متحفًا للرسالات السماوية، ودارًا لتحفيظ القرآن الكريم، ومركزًا طبيّا.
تُعَد كنيسة ميلاد المسيح تحفة معمارية ومزارًا سياحيّا فريدًا باعتبارها أكبر كنيسة فى الشرق الأوسط، عملت خلية نحل على تنفيذها على مدار عامَين؛ وفاءً للعهد، ولتعكس رؤية الدولة فى المساواة والمواطنة والحريات، وقام أكثر من 40 رسّامًا بتجميل جدران قبتها بأيقونات السيد المسيح والعائلة المقدسة.
وتقع الكاتدرائية الجديدة شرق مشروع أرض المعارض (إكسبو) جنوبى الحديقة المركزية بالعاصمة الجديدة على مساحة 15 فدانًا، أى ما يعادل 63 ألف متر مربع.
وجاء تصميم الكنيسة مماثلًا لتصميم الكاتدرائية الحالية فى الأنبا رويس بمنطقة العباسية، على شكل صليب، وتحاط قبابها بزهرة اللوتس، وتتكون الكاتدرائية من صحن رئيسى مغطى بقبوين متعامدين قطر كلً منهما 40 مترًا يشكلَان صليبًا، وفى تقابلهما بوسط الصحن قبة الكاتدرائية بقطر 40 مترًا بارتفاع 39 مترًا، وتتضمن أيضًا أنصاف قباب فى الجهات الشمالية والقبلية والغربية، وعلى الجانبين يوجد ممرّان جانبيان يتغطى كل منهما بقبوات متقاطعة قُطر كل منها 6 أمتار، كما تم تصميم منارتين ملحقتين بمبنى الكاتدرائية، تم تصميمها على المعمار القبطى بداخلهما الأجراس.
وتتصدر الأيقونات القبطية داخل الكاتدرائية، صورة مار مرقس الرسول، بالإضافة إلى عدد من صور القديسين، وتُعَد كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الأكبر فى الشرق الأوسط، وتسع لعدد 8200 فرد.
وتتكون من مَقر الكاتدرائية الذى يمتد لـ7500 متر مربع، وكنيسة الشعب التى تتسع لنحو 1000 مواطن، وتحتوى على ساحة رئيسية، إضافة إلى مبنى المقر البابوى، وصالة استقبال وقاعة اجتماعات ومكاتب إدارية.
تم اضافة تعليقك بنجاح، سوف يظهر بعد المراجعة