الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مرابط مصر

طارق حمدي سليمان: الخيول صناعة ثقيلة والاهتمام الرئاسي بها يحافظ على ريادة 200 عام

هي صناعة ثقيلة، متنوعة المجالات، نجاحاتها مرتبطة بتوافر مقومات الخبرة والعلم والاستمرارية، والالتزام بخطط إنتاج مدروسة تمتلك فيها مصر الريادة منذ 200 عام، وهي ريادة لم يستطع أحد انتزاعها.. هكذا لخص ووصف طارق حمدي سليمان، عضو مجلس إدارة جمعية مربي الخيل العربي، مالك "الفريدة"، وأحد كبار المستثمرين في إنتاج الخيل العربي المصري الأصيل.



والذى ورد اسمه في البيان الرئاسي الخاص بالمشروع العالمي لـ"مرابط مصر"، غير أنه فضّل الحديث من واقع خبراته كمربي للخيل، ومن خلال رؤيته الشخصية لما يتمناه لتلك الصناعة، دون التطرق إلى أي تفاصيل تخص المشروع.

وقال: إن توافر الإرادة السياسية، ممثلة في رئيس الجمهورية، وما يتبع ذلك من جميع أجهزة الدولة، يُعيد لمصر ريادتها العالمية وينهض بالصناعة، بما يوفره ذلك الدعم من فتح أسواق العالم أمام الإنتاج المصري من الخيول العربية الأصيلة، وما يتبع ذلك من تنمية في كل الصناعات المرتبطة.

 

أكد سليمان، أن صناعة الخيل العربي المصري، بما تقوم به الدولة من رعاية، يحوّلها إلى صناعة مربحة لكل العاملين بها، لافتًا إلى أنها كانت لبعض الوقت غير مربحة نتيجة وقف جزئي للتصدير، إلا أنها لم تُصب من يعمل بها أبدًا بخسائر أو ضائقة مالية، لما لها من بركة ورعاية إلهية.

وأشار إلى أن وقف التصدير كانت له جوانبه الإيجابية، المتمثلة في زيادة الإنتاج والاهتمام بالمزارع وتطويرها، وبات لدى مصر ما يكفي للمنافسة عالميًا مع الفتح الكلي للتصدير، موضحًا أن اهتمام الدولة وعلاقاتها بدول العالم، وفي القلب منها الصين، ينبئ بمستقبل واعد لتلك الصناعة.

هل تربية الخيل صناعة، أم مجرد هواية، وكيف بدأت رحلتكم مع الخيل العربي المصري الأصيل؟

قطعًا هي صناعة، فهي تشمل برامج إنتاج ورؤية وخبرة ودراسة، وترتبط بها أنشطة تجارية وصناعية ورياضية ورعاية طبية، ينقصها فقط أنها صناعة لا تعمل بالطاقة.

بدأت هاويًا بفرسة واحدة، ثم تحوّلت إلى الصناعة التي يأتي التنوع بها من هدف المربي، فهناك من يدخلها مستهدفًا الربح، وآخر للوجاهة الاجتماعية، وثالث يشبع رغبة لديه، وهناك من يتخذ من تربية الخيول مشروعًا فرعيًا على هامش استثماراته، وأيضًا من يتعمق ويتفرغ لتلك الصناعة

متى يصبح المربط مربح اقتصاديًا وقادرًا على تحقيق هامش ربح يكفي لتطويره وتنميته؟

توجه الدولة بصفة عامة هو تطوير هذه الصناعة، وما تقوم به من محاولات لاستعادة التصدير بشكل كامل، يعظّم من عوائد تلك الصناعة، ويفتح أسواق العالم أمام المربي المصري، ويجعلها صناعة مربحة، الآن هي غير مربحة لعدم قدرة المربي على تسويق إنتاجه، "ولو قلت للناس اليوم ادخلوا الصناعة لتأكلوا منها ذهبًا، أكون بغش"، لكن الخيول لم تتسبب أبدًا في خسائر لأصحابها، أو جعلتهم في عوز أو أزمة للإنفاق عليها، لما لها من بركة وعناية إلهية، ويربح منها من يخلص لها.

وأؤكد لك أن تربية الخيل العربي المصري، ستتحول إلى صناعة مدرة للربح، مع ما تتخذه الدولة من إجراءات وإصلاحات حاليًا.

تعني أن ما تم الإعلان عنه رسميًا من استعادة هذا الإرث التاريخي المصري، والنهوض بمجالاته المرتبطة يعظم قدرات الصناعة وفرص ربحيتها؟

نعم، خاصة أن استكمال استعادة التصدير بشكل كامل، يحقق إقبالًا كبيرًا على إنتاج الخيل العربي المصري الأصيل، وأيضًا أرباحًا تحفز مستثمرين كبارًا في مصر على العمل في صناعة الخيل.

فخامة الرئيس عندما أعطى توجيهات بأن تعمل كل مؤسسات الدولة المعنية على الارتقاء بصناعة الخيل، وهي التصريحات التي نُشرت بوسائل الإعلام، يعني أن رأس الدولة مهتم بالارتقاء بهذه الصناعة، وهناك إرادة سياسية للارتقاء بالخيل العربي المصري، وبالتالي فإن من المؤكد أن كل معني بالدولة أو القطاع الخاص يجب عليه دعم هذا التوجه، وقرارات الرئيس لاستعادة ريادتنا.

كيف ترى أثر تلك الإرادة السياسة على مربي القطاع الخاص؟

مظلة الدولة ودعمها يُعطي الصناعة قوة وثقلًا، ويُسهم في ارتقائها، ويستفيد من ذلك القطاع العام والخاص، لأن المربي لا يستطيع العمل دون غطاء سياسي، حتى وإن حقق نجاحات وبطولات في المحافل الدولية، وتخيل تجمع جهود المزارع الخاصة مضاف إليها جهود الدولة تحت إرادة سياسية، قطعًا سيرتفع شأن الجواد العربي المصري، لأن الدولة بما تملكه من ثقل ووزن وأهمية وقدرة على التأثير في المحافل الدولية، يجعل من تحقق الإرادة السياسية بداية ضرورية لاستعادة ريادة مصر في السوق العالمية للخيول العربية.

 

 
 
الدعم السياسى لصناعة الخيل تخلق قدرة تنافسية مصرية فى المنافسات الدولية
الدعم السياسى لصناعة الخيل تخلق قدرة تنافسية مصرية فى المنافسات الدولية

 

 وقف التصدير منذ 2010 إلى 2017 كيف ترى أثر ذلك على الصناعة؟

حصل خطأ إداري أوقف التصدير وجعل مصر مغلقة على نفسها، لكن رب ضارة نافعة، فقد احتفظنا بإنتاجنا و"اشتغلنا"، وأصبح لدينا خيول عالية الجودة تستطيع خوض المنافسة في كل أسواق العالم، فدائمًا ننظر للقضايا من جانبها الإيجابي، وكل المعنيين بالدولة، يتابعون فتح التصدير، وبالفعل تم فتح التصدير جزئيًا، وفي طريقنا للفتح الكامل.

وفق المعلن من إجراءات، وما سبقها من إنجازات رئاسية تحققت في مشروعات عدة، فإن المشروع المنجز يكون شاملًا لكل ما له علاقة، فكيف ترى انعكاسات المشروع العالمي "مرابط مصر" على قطاعات السياحة والرياضة، وغيرهما؟

سؤال مهم جدًا.. صناعة الخيل تتخطى استثماراتها عالميًا 300 مليار دولار، وفق الدراسات التي تمت ونشرتها جهات عالمية متخصصة، وتشمل خطوط الإنتاج، والتربية، والجوائز المالية التي تُصرف للفائزين في المسابقات وأيضًا رعاية الفعاليات الدولية، وبيع وشراء الخيول، وبيع وشراء السائل المنوي للفحول المميزة، والصناعات الغذائية المرتبطة، وصناعات السروج، والمزادات، ومسابقات الجمال، والرياضات المرتبطة بالفروسية وقفز الحواجز، وغيرها ذات الصلة، والصناعات الدوائية، والعمالة، و"السياس" والأطباء البيطريين والمدربين، كل هذه أموال تدور في الصناعة.

ومصر لديها قيمة نوعية نادرة، تتمثل في الدماء النقية للخيل العربي المصري، وكذلك العنصر البشري، السايس المصري لم يدرب بعد في أكاديميات، ومع ذلك يعمل بالخبرة التي اكتسبها بصورة تفوق جميع الموجودين في العالم، وتتسابق الدول العربية على استقطاب العمالة المصرية الخبيرة، وتوجيهات القيادة السياسية بأن ندرب العمالة في هذا القطاع لخلق فرص عمل لهم محليًا ودوليًا.

ونستطيع تصدير يد عامله للعالم كله، إذا قمنا على تدريبها علميًا، فالعالم يرحب بالعامل المصري في هذه الصناعة، و"السايس" المصري رجل مميز وشاطر، ومحب للخيل، ولديه ضمير وإخلاص في عمله، فإذا دربناه سنصدر يد عاملة خبيرة، ونستطيع من خلال التدريب والتأهيل أن نعمل على جلب تعاقدات لهم، ولا مانع أن يحصل القائم على التدريب وخلق فرص العمل على نسب من العقود بالخارج ذات القيمة الكبيرة.

تجربة "بولندا" من التجارب الدولية الناجحة لدرجة أن هذه الصناعة باتت أحد أهم مصادر الدخل القومي، هل ترى أنها قابلة للتكرار في مصر؟

صناعات الخيل، تعد أحد أعمدة الاقتصاد البولندي، هؤلاء الناس "اشتغلوا" لفترة طويلة على هذه الصناعة وبشكل علمي، وأصبحت تدر عليهم دخلًا ماديًا ضخمًا، من خلال تنظيم مزادين ينتظرهما مربو الخيول في العالم سنويًا للشراء.

وهذا بسبب أنهم وضعوا برامج والتزموا بها، لأن خط الإنتاج هنا مبني على خبرات متصلة ومستمرة لأكثر من 20 عامًا، لذلك نجحوا.

والنجاح مرهون في أي مكان بوضع برامج إنتاج بخبرات علمية، وثبات واستمرارية، لأن أساس إدارة خط الإنتاج الخبرة والذوق الرفيع، وعلم دراسة التناسل، من خلال لجنة متميزة متواصلة، ومصر لديها مقومات ويحدث هذا في مزارع مصرية يشرف ملاكها بأنفسهم على إدارتها.

هناك قيمة مضافة لإنفاق المربي على تدريب العمالة في مجال التدريب، كيف ترى ذلك؟

العمالة في هذه الصناعة عامل أساسي لنجاحها، وتعظيم خبراتهم، يفيد المربي في تقليل نسب نفوق الخيل، وارتفاع جودة الإنتاج، لأن السايس المدرب يرعى الحصان بحرفية، من خلال التغذية السليمة، التي تحول دون إصابته بمشكلات معوية، ويرعى نشاط الخيل ويرصد أي تغير على حالته، فيدخل الطبيب في الوقت المناسب، فتقل نسب المخاطرة، وبالتالي يُسهم في رفع جودة الإنتاج وقوة ونشاط الخيل، فتزيد قدرة المربط على إنتاج أبطال للمنافسة في السباقات الدولية وتحقيق أرباح، لذا الإنفاق على التدريب يحقق أرباحًا للمربي.

كيف ترى انعاكسات التطوير المرتقب على قدراتنا التنافسية في المسابقات والمحافل الدولية؟

مصر دولة تمتلك أنقى دماء للخيل في العالم، وأجود السلالات العربية، وهو الخيل العربي المصري، في مزرعة "الزهراء"، ومزارع خاصة تصل 2500 مزرعة، هؤلاء الناس إذا تضافرت جهودها لإنتاج أجمل حصان لمسابقات الجمال، والسفر للتنافس في المحافل الدولية، تحت علم مصر، وليس مسميات فردية، فإن هذا سيفتح السوق للإنتاج المصري، كما أن العلاقات الجيدة لمصر بدول العالم، الأوروبية والآسيوية والشرقية، وأغلب الدول العربية، فإن ذلك يفتح باب التصدير المصري للعالم.

والصين دولة لها علاقات اقتصادية قوية جدًا بمصر، وهي من أكبر الأسواق الواعدة في صناعة الخيل العربي، وستستحوذ على نسبة تصل إلى 35 ٪ من السوق العالمية، ولها اشتراطات معينة في الإنتاج الذي تشتريه، إذا حققناها في إنتاجنا ستكون سوق واعدة للخيل العربي المصري.

هل دخول الصين بقوة في المنافسة يؤثر علينا وعلى المُنتج العربي؟

طبعًا، لكن المنافسة هذه تجعل السوق تتسع، والشمس تشرق للجميع، وبالتالي نمو الصناعة عالميًا في صالحنا، وليس ضدنا، فمصر تمتلك الريادة في صناعة الخيل العربي المصري الأصيل، منذ 200 سنة، ولم يستطع أحد أخذ هذه الريادة منا، وما يحدث الآن من اهتمام رئاسي بها، يجعلنا نواصل تلك الريادة والتحكم في هذه الصناعة، لأننا نملك السلالات ذات الدماء النقية، ونحتاج إدارة جيدة، في السابق، الآن الدولة مركزة بأعلى مستوياتها للارتقاء بهذه الصناعة.

هناك تباين في وجهات النظر، حول مكان محطة "الزهراء"، التي تمثل قيمة مصرية عالمية بثروتها من الخيول الأصيلة.. البعض يرى مكانها بات غير مناسب لتنظيم فعاليات عالمية، وآخرون يرون الإبقاء على مقرها الرئيسي، وأن يكون لها فرع بمشروع المرابط، كونها أشبه بالمتحف، كيف ترى ذلك؟

المتحف بموجوداته وليس بمبانيه، والزهراء بموجوداتها، من خيول عربية مصرية أصيلة، التي سوف تنتج على أرض الزهراء الحالية أو أي أرض أخرى للزهراء، فهي الزهراء بثروتها في أي مكان.

 

فتح أسواق التصدير يحقق أرباح للمربين.. الصورة من محطة الزهراء
فتح أسواق التصدير يحقق أرباح للمربين.. الصورة من محطة الزهراء

 

 

 

كيف تقيّم مستوى الأطباء البيطريين في مصر المتخصصين في الخيول، ورؤيتك لتتوسع في تخريج كفاءات بهذا التخصص؟

أكفأ أطباء في هذا المجال في مصر، والطبيب المصري المدرب المحترف، يتم خطفه بعقود عمل كبيرة للعمل للإشراف على مرابط بالخارج، والمشكلة ثقافة النظرة الدونية في مصر للطب البيطري على أنه درجة ثانية، وهذه الثقافة يجب أن تتغير، ومن المهم جدًا أن تقوم الدولة بإنشاء عدد من المستشفيات البيطرية، لمنع الاحتكار في هذا المجال، لتوفير الخدمة الطبية للمربين، وبناء كوادر طبية ممارسة عمليًا.

ومشروع عالمي مثل المعلن عنه، يمكن أن يكون به مركز للتدريب، والعلاج والاستضافة، ومع ذلك لأن مصر دولة كبيرة تستطيع أن تنشئ فروعًا لهذه المستشفيات في مختلف المحافظات.

مشروع مرابط مصر سيكون في منطقة خضراء على مساحة كبيرة بحسب المعلن، وهناك مربون كبار لديهم مزارعهم، كيف ترى القيمة المضافة لهم وإمكانية الاستفادة من المشروع دون نقل مرابطهم القائمة؟

كمربي مالك لمزرعة، أرى أن من المهم جدًا أن يكون لدينا مكان مقصد لكل المهتمين بالصناعة، مثلًا عندما أصبح لدينا مدينة الأثاث حرص جميع المنشغلين بالصناعة على التواجد بها، والمستورد القادم من الخارج، يعرف إلى أين يتجه للانتقاء من بين المتنافسين والعارضين والمنتجين، وكذلك مدينة الجلود، الجميع انتقل إليها، وباتت مقصدًا للمهتمين، وكذلك نحتاج مكانًا جامعًا يكون مقصدًا لكل مهتم بالخيول من خارج أو داخل مصر، وهذه استراتيجية للدولة، تخدم مصلحة الصناعات المتخصصة.

وحتى إذا لم أنتقل للمكان، واحتفظت بمكاني، يمكنني الاستفادة من امتلاك مقر بالمكان، الذي أقترح أن يكون به مكاتب تسويق بها خبراء معتمدون، لتسهيل التسويق، وكذا أماكن لبنية أساسية مجهزة للبطولات والفعاليات، واستضافة الأنشطة ذات الصلة، وإنتاج أفلام ترويجية للإنتاج المميز، وغيرها من المكاسب التي يمكن أن تحقق الفائدة للمربي، بالتواجد في هذا المكان.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق