حياة تحت القناة
عادل عبدالمحسن
على مدَى الـ 150 عامًا الماضية، لم يفكر 10 حُكام تعاقبوا على حُكم مصر فى العهدين المَلكى والجمهورى، فى ربط سيناء بمختلف أنحاء الجمهورية، حتى جاء الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2014م وقرّر أن يُنهى هذه العُزلة بحفر ٤ أنفاق أسفل قناة السويس بعمق 70 مترًا وأطواله5820٠م. بخلاف النفق الخامس نفق الشهيد أحمد حمدى.
لا تتوقف أهمية هذه الأنفاق عند مجرد ربط محافظة مصرية ببقية المحافظات، فهذا الأمر له أبعاده الجغرافية والسياسية والحضارية والاقتصادية والاجتماعية والزراعية. فيما يخص البعد الجغرافى؛ فعَبْر هذه الأنفاق تم ربط قارة آسيا –سيناء- ,بإفريقيا -بقية مناطق جمهورية مصر العربية- هذا الربط له أهمية استراتيجية كبرى في تأكيد دور مصر المحوري في القارتين إفريقيا وآسيا .
مثلت هذه الأنفاق - أيضا - نقلة اقتصادية كبرى في مصر والشرق الأوسط حيث تحولت المنطقة المحيطة بالقناة الى مراكز اقتصادية جديدة أضيفت للسوق المصري وهذا بدوره له فوائد عديدة منها وفرة السلع بغزارة للمستهلك المصري بالإضافة إلى المساهمة في نمو الصناعة المصرية ورفع كفاءتها نظرا لتعدد المراكز التى يؤدي إلى المنافسة وارتفاع جودة المنتج فضلا عن توفير فرص عمل ضخمة للمصريين.
فائدة كبرى أضافتها هذه الانفاق وهي اكتساب مصر خبرة إنشاء الأنفاق بدلا من الاعتماد على شركات أجنبية، و أشار الرئيس السيسى إلى هذا الأمر عندما قال في ابريل الماضي عند افتتاح نفق الشهيد أحمد حمدي 2 «الحلم كان بعيدا علينا خصوصًا أننا كنا هانشترى ماكينات من الخارج، اكتسبنا الخبرة فى إنشاء الأنفاق ومصر تواجه الصعاب بالعمل والعلم والإخلاص".
وكان الرئيس السيسى، قد أكد فى كلمته للشعب المصرى، بمناسبة الاحتفال بالذكرى السابعة والثلاثين لتحرير سيناء "إن الأطماع فى سيناء لم تنته، والتهديدات وإن تغيرت طبيعتها فإن خطورتها لم تقل".
هذه الأطماع وتلك التهديدات جعلت حتمية ربط سيناء بالدلتا هدفًا استراتيجيّا مركزيا للدولة المصرية، فضلا عن ذلك؛ فربط أرض الفيروز بقلب الوطن يُنهى معاناة المواطنين، عن طريق تسهيل حركة التنقل، وتيسير تداوُل البضائع وحركة انتقالها بين شرق وغرب مدن القناة. توزعت هذه الأنفاق فى جنوب بورسعيد وشمال الإسماعيلية.
فيما يخص شمال الإسماعيلية يشمل المشروع نفقَى سيارات؛ حيث يخدم كل نفق خطا مروريّا واحدًا يمر أسفل القناة عند علامة الـ كم 73.250 يبلغ طول النفق 5820م، وتتضمن الأنفاق ممرات هروب تُستخدم فى عمليات إخلاء الأفراد فى حالات الطوارئ.
أمّا أنفاق جنوب بورسعيد بالمشروع فمثل السابق يشمل نفقى سيارات يخدم كل واحد منهما اتجاهًا مروريّا واحدًا، وتمر هذه الأنفاق أسفل القناة عند علامة الـ كم 1950 بترقيم القناة.
فى 5 مايو 2019م افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسى نفقى الإسماعيلية، أسفل جنوب قناة السويس، مُنهيًا عُزلة بين شرق وغرب القناة دامت 149 عامًا و5 أشهُر و18 يومًا.. أمّا نفقا بورسعيد اللذان افتتحهما الرئيس فى 26 نوفمبر2019م؛ فأنهيا عُزلة عُمرها 150 عامًا و9 أيام بين شرق القناة وغربها منذ افتتاح القناة.
تبدأ رحلة العبور عبر الأنفاق من الإسماعيلية إلى سيناء من المنطقة الأمنية خارج النفق والتى تحتوى على 10 نقاط تفتيش بكل اتجاه بإجمالى 20 نقطة فى الاتجاهين من وإلى سيناء، حيث يتم بها إجراءات التفتيش لكل سيارة باستخدام أحدث أجهزة الأشعة والكلاب البوليسية.
وقد تم العمل بالأنفاق وفقًا للمعايير الدولية وبأسلوب علمى متقدم؛ حيث يحتوى كل نفق على آخر أسفل منه ممرات للطوارئ، وأنظمة مكافحة الحرائق، وكاميرات مراقبة، فضلًا عن نظام إضاءة "ليد" حديث، وكذلك وجود مكبرات الصوت لكل 100 متر لتوجيه قائد السيارة فى حالة حدوث أى طارئ أو عُطل.
وبفضل هذه الأنفاق أصبح الوصول إلى شبه جزيرة سيناء لا يحتاج سوى 15 دقيقة من أنفاق الإسماعيلية وبورسعيد.
لم يكن الإنجاز الوحيد فى هذا المشروع هو مجرد الربط بين أجزاء الوطن المتباعدة؛ بل يحسب لهذا المشروع الضخم أنه تم بأيادٍ مصرية بتكلفة نحو 25 مليار جنيه، وشيّدها 3 آلاف مهندس وفنى وعامل مصرى بداية من يوليو 2016م حتى 2019م
كان الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، قد أعلن في أغسطس الماضي تشغيل مجموعة أنفاق القناة "تحيا مصر بالإسماعيلية و3 يوليو ببورسعيد"، على مدار 24 ساعة موضحا أن قرار التشغيل، يبدأ الأحد 9 أغسطس 2020، على أن يتوقف التشغيل بشكل جزئى أيام السبت والأحد والإثنين، لمدة 6 ساعات فقط من الساعة الثانية صباحا وحتى الساعة الثامنة صباحا، لاستكمال أعمال الصيانة والتطوير.
تم اضافة تعليقك بنجاح، سوف يظهر بعد المراجعة