أرض الفيروز على خريطة المشروعات العالمية
«جراحة تنموية» فى قلب سيناء
رجب المرشدى
قبل أيام قليلة..أعلنت المنصة الإعلامية "Capital Finance International"CFI البريطانية، المتخصصة فى مجال الاقتصاد والأعمال، حصول محطة المحسمة لمعالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى بالإسماعيلية على جائزة أفضل مشروع عالمى لإعادة تدوير واستخدام المياه لعام 2020.
ذكرت لجنة تحكيم الجائزة، إن مشروع المحسمة، يُعد أكبر مشروع من نوعه عالميّا؛ حيث تبلغ سعته اليومية من المياه مليون متر مكعب، كما أن المحطة المقامة على مساحة 42 ألف متر مربع بمحافظة الإسماعيلية تسهم فى الحفاظ على موارد المياه الطبيعية من خلال استخدام مياه الصرف الزراعى المعالجة كحَل بديل ومُستدام لتلبية احتياجات الرى لـ 70 ألف فدان فى سيناء، فضلًا عن الحفاظ على البيئة الطبيعية فى بحيرة التمساح غرب قناة السويس والإنتاج السمكى بالبحيرة التى كان يتم التخلص من مياه الصرف فيها طوال السنوات الماضية.
هذا المشروع هو واحد من مئات المشاريع التى تُجرى على أرض الفيروز فى جراحة تنموية دقيقة لقلب سيناء فى كل المجالات تقريبًا، والهدف واحد، هو أن سيناء جزءٌ غالٍ من مصر ويجب أن تنتبه إليه يد التنمية التى تجرى فى ربوع مصر.
منذ أن تولّى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحُكم كانت سيناء دومًا فى القلب، وكان ملف تنميتها هو أحد الملفات المُلحة التى بدأ بها الرئيس، شملت أهالى سيناء وتوفير مدن جديدة تليق بهم وربط سيناء بالوطن بمجموعة من الأنفاق والطرُق، فضلا عن مشروعات زراعية وصناعية وتعدينية كبيرة؛ حيث بلغت قيمة المشروعات التى تجرى على أرض سيناء ستمائة مليار جنيه.
بالعودة مرّة أخرى لمحطة المحسمة التى تم إنشاؤها على مساحة 10 أفدنة باستخدام النظام الرأسى، مما يوفر نصف المساحة المطلوبة مقارنة بالمحطات التقليدية، على مدار 5 ملايين ساعة عمل كى يتحقق حلم التنمية فى سيناء بإنشاء واحدة من أرقى محطات معالجة مياه الصرف الزراعى فى الشرق الأوسط.
مشروعات التنمية فى سيناء، التى يحرص الرئيس السيسى على متابعتها وافتتاحها شملت الانتهاء من أعمال الحفر فى "نفق الشهيد أحمد حمدى2" وخروج ماكينة الحفر من النفق، من أجل ربط سيناء بأرض الوطن والربط بين ضفتَى القناة من خلال 20 نقطة عبور و6 أنفاق عملاقة، بالإضافة إلى 5 كبارى عائمة على قناة السويس وكوبرى السلام.
نفق الشهيد أحمد حمدى2 يتكون من 2 حارة مرورية ويبلغ طوله 4250 مترًا، وتم تنفيذه وفق المواصفات القياسية العالمية.
قامت الدولة بوضع خطة قومية لتنمية الموارد المائية حتى عام 2037 وإيجاد حلول مستدامة تضمن حقوق الأجيال القادمة من المياه، تشترك فى تنفيذها قطاعات وأجهزة الدولة المَعنية مع تنفيذ مشروعات لإيجاد مصادر بديلة وغير تقليدية من خلال محورَيْن:
المحور الأول، يتم من خلال التوسع فى تنفيذ محطات تحلية مياه البحر؛ حيث تم تكليف الهيئة الهندسية اعتبارًا من عام 2014 بتنفيذ 73 محطة تحلية، منها 20 محطة على أرض سيناء بطاقة 323 مليون متر مكعب سنويّا.. فضلا عن معالجة مياه الصرف الصحى والزراعى؛ حيث يجرى تنفيذ 27 محطة مالجة مياه صرف صحى وزراعى بجميع المحافظات، منها 8 محطات على أرض سيناء، وذلك لتوفير مياه الرى بطاقة 2.5 مليار متر مكعب سنويّا بتكلفة 17 مليار جنيه، منها محطة معالجة مياه بحر البقر التى تُعَد أكبر محطة للمعالجة الثلاثية فى العالم وتصل الطاقة الإنتاجية لها 5.6 مليون متر مكعب / يوم تكفى لزراعة 400 ألف فدان شرق القناة.
توفير مساحات من أراضٍ جديدة قابلة للزراعة ومحدودية التوسع الأفقى فى الأراضى القديمة وتعظيم كفاءة استخدام المياه وتطبيق تقنيات الزراعة الحديثة وخَلق مجتمعات زراعية وتنموية جديدة.. والاهتمام بالتنمية الزراعية فى سيناء جاء من منطلق أنها ذات بُعد استراتيجى للدولة المصرية، بالإضافة إلى توافُر مقومات التنمية الزراعية، فضلًا عن توافُر البنية التحتية من شبكات الطرُق وغيرها, واستغلال الطاقات البشرية فى أغراض التنمية وإتاحة فرص عمل جديدة وربط سيناء بمنطقة الدلتا وجعلها امتدادًا طبيعيّا لها.
المشروعات الزراعية على مساحة (400) ألف فدان المُنَفذ منها (56) فدانًا بنسبة تنفيذ (14%) حتى 2014، بسبب عدم توافر المياه كان هو أكبر التحديات التى كانت تعوق تنفيذ مشروعات التوسع الأفقى للزراعة فى سيناء؛ حيث تم الإنفاق على البنية التحتية وضخ استثمارات بالمليارات ترتب على ذلك ارتفاع نسب التنفيذ من 14% إلى 67%.
- واستكمالًا لتكليفات الرئيس السيسى؛ فإنه يتم حاليًا تنفيذ إضافة مصدر آخر لمياه الرى بطاقة قد تصل إلى 5,6 مليون م3 / يوم إلى ترعة الشيخ جابر الصباح بشمال سيناء، بما يتيح استكمال تنفيذ المشروع بالكامل ومساحات إضافية أخرى ليصل إجماليها إلى أكثر من 500 ألف فدان، أيضًا إجمالى الأراضى المقترحة للزراعة بشمال ووسط سيناء والتى تصل إلى 758,11 ألف فدان.
فى أبريل الماضى أصدر المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، دراسة خاصة بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء، تحت عنوان "سيناء: رؤية جديدة للتنمية" عن السنوات من 2014 إلى 2020 بمشاركة نخبة من خبراء المركز والباحثين.
وأكدت الدراسة أن ما يجرى فى سيناء من حركة تعمير وتطوير لم تشهده أراضيها من قبل، وسيُنتج حتمًا أهداف الدولة بوضع سيناء على قدم المُساواة مع باقى الأقاليم المصرية، بَعد ما عانته من تهميش، وذلك فى إطار النظرة التنموية الجديدة والشاملة لها، التى لن ينتهى تنفيذها إلا بنهاية استراتيجية الدولة المصرية طويلة الأجل، التى تُعبر عنها استراتيجية مصر 2030، تلك التى تهدف أساسًا لإعادة صياغة مصر بالكامل وتقديمها بشكل جديد للعالم، وهو ما لن يتم إلا ببعث سيناء من جديد.
وأشارت الدراسة إلى أنه رُغْمَ مجهودات التنمية الجدية عبر العقود الفائتة لشبه جزيرة سيناء، لاسيما بعد تحريرها؛ فإن الدولة أخذت على عاتقها نهجًا جديدًا فى تطوير المنطقة بمشاريعها الخدمية والاقتصادية المختلفة بداية من عام 2014. كانت الأولوية لمشاريع البنية التحتية التى لطالما كانت حَجَر الأساس لجذب الاستثمارات وتسهيلها. كما كان للمُدن الجديدة والمناطق الصناعية نصيبٌ من تلك المجهودات فى محاولة لبناء حياة أفضل للمواطن المصرى القاطن بشبه جزيرة سيناء؛ خصوصًا محافظة شمال سيناء التى قامت قوات الجيش المصرى المسلحة بعملية شاملة ناجحة لتقويض الإرهاب المستهدف لحياة المواطنين.
وتُولى الدولة أهمية كبرى للاستثمار فى التعليم فى سيناء، من خلال تنفيذ المشروعات التى تعمل على إنشاء ورفع كفاءة المدارس والإدارات التعليمية بسيناء، فعلى مستوى التعليم ما قبل الجامعى نلاحظ زيادة عدد الفصول الدراسية فى سيناء لتصل إلى 5021 فصلًا عام 2019 مقابل 4793 فصلًا خلال عام 2016 بنسبة زيادة أعلى من معدل النمو فى عدد الفصول فى القاهرة.
وفى قطاع الصحة، تفوق معدلات سيناء اليوم مثيلاتها فى سائر أنحاء الجمهورية، فهناك عدد من المستشفيات الكبرى التى أقامتها القوات المسلحة فى كل من العريش وشرم الشيخ، ويستهدف المشروع القومى لتنمية سيناء زيادة عدد أسرّة المستشفيات إلى 6000 سرير لمواكبة الزيادة المتوقعة فى عدد السكان، من خلال إنشاء 55 مستشفى تابعًا لوزارة الصحة و23 مستشفى للقطاع الخاص.
يمكننا وصف ما يجرى فى سيناء من حركة تعمير وتطوير بالجراحة التنموية التى لم تشهدها أراضيها من قبل، وهو ما سيُنتج حتمًا مراد الدولة فى وضعها على قدم المُساواة مع باقى الأقاليم المصرية، بعد ما عانته من تهميش وترك، وذلك فى إطار النظرة التنموية الجديدة والشاملة لها، التى لن ينتهى تنفيذها إلا بنهاية استراتيجية الدولة المصرية طويلة الأجل، والتى تُعبر عنها استراتيجية مصر 2030.
تم اضافة تعليقك بنجاح، سوف يظهر بعد المراجعة