السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أمهات الشهداء: هكــــذا صنعنا أبطالاً للوطن

مصر ستظل شامخة رغم أنف المغرضين
مصر ستظل شامخة رغم أنف المغرضين

فى عرين الأسود رجالٌ، قاتلوا ببسالة، دفاعًا عن الوطن، "فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ".. هؤلاء صنعتهم أسَرُ أبطال، قبل أن يتخرّجوا فى القوات المسلحة مَصنع الأبطال. أمّهات الشهداء، تحدثن لـ"الكتاب الذهبى"، كيف صَنعن الأبطال، ما هى القيم والمبادئ التى غرسنها فى نفوسهم؛ لتثمرَ وطنية وبطولة وفداءً.. كيف ترى الأمهاتُ تكريمَ الله لأبنائهم بالشهادة، وماذا قُلن لشباب مصر، الذين ضحى من أجلهم أبناؤهن.



 

حكاياتُ الأمهاتِ وذكرياتُ نشأةِ أبنائهن وأمنياتهن، وساعات والأيام ما قبل الشهادة، توحى بأن للشهداء كرامات، فما من أمّ التقيناها إلا وأكدتْ أن ابنها طلبَ الشهادة من الله، ومنهم من طلبَ من أمّه أن تدعو له أن ينولها.

 

الأمّهاتُ لا يَقللنَّ بطولة وفداءً، فقد تحمّلن لوعة القلق، ومرارة الفَقد، محتسبات صابرات، مؤكدات أن مصرَ تستحق تضحية أبنائهن بأرواحهم، بَيْدَ أنهن يُطالبن شبابَ الوطن أن ينتبه إلى أن هناك من ضحّوا بأرواحهم من أجل الوطن وشعبه، فعليهم الحَذر من الشائعات ودعاوى التحريض والتخريب والهدم، طالبن الشباب بأساليب مختلفة مع اتفاقهن فى المضمون بأن يُعمروا مصرَ ويصبروا فى تلك المعركة، فمن أجل بقاء الوطن مرفوع الرأس، من أجل البناء والاستقرار، ضحّى الشهداءُ، فلنحقق لهم ما ضحّوا من أجله.

 

الشهيد محمد عبده وشقيقته
الشهيد محمد عبده وشقيقته

 

والدة الشهيد نقيب محمد عبده لشباب مصر: ابنى واصل القتال مصابًا.. وعليكم بالصبر لبناء الوطن

 

"مصرُ ستظل شامخة رُغْمَ أنف المغرضين".. تقول السيدة أمل المغربى، والدة الشهيد نقيب "محمد أحمد عبده"، لم تمنعها آلام الفَقد التى تضاعفت، بفُقدان ابنتها المهندسة "منة" التى لحقت بأخيها الشهيد قبل أيام من موعد زفافها، فقد رأت أخاها الشهيد فى منامها، قبل مرضها، يطلب منها ترك الدنيا للحاق بها فى جنة الخلد. تقول الأم: "حكت ابنتى لى الرؤيا، قبل أن تدخل فى غيبوبة استمرت ثلاثة أيام ثم فاضت روحها إلى بارئها".

 

المقربون لقّبوا أمَّ الشهيد بالخنساء، فهى الصابرة المُحتسبة، الراجية رحمة ربها، المُحبة لوطنها، لم يكن من السهل أن نتحدث إليها فتجتر ذكرياتها، وما يصحب ذلك من ألم الفراق، لكنها تحدثت، فلديها ما ترويه عن تربيتها لابنها الشهيد، وما تريد أن تقوله لشباب مصر لأجل الوطن.

 

تقول: "رزقنى الله بمحمد، طفل جميل، يمتاز بالشقاوة والذكاء، فدخَل المدرسة الابتدائية مبكرًا، كان مُطيعًا رُغم شقاوته، نابغًا متفوقًا فى جميع المراحل التعليمية، فما من عام دراسى فى مرحلة تعليمية إلا وحصل على شهادة تقدير لتفوقه.

 

 تضيف الأم "حصل فى الثانوية العامة على نسبة 94% علمى رياضة، اقترحتُ عليه الالتحاق بكلية الهندسة، لكنه تمسّك بحلمه فباركتُ تقدّمه للالتحاق بالكليات العسكرية، لتمسّكه بحلمه.

 

 وفّقَه الله واجتاز الاختبارات وكان من المقبولين، فى الكلية الحربية، تخرّج عام 2010، والتحق بالمدرعات وكان مُلمّا بتفاصيل الدبابة، قادرًا على صيانتها فى حال أى أعطال، فحقق أمنيتى له بأن يصبح مهندسًا، وكذلك حلمه وحلم والده بأن يصبح ضابطًا".

 

تواصل أمُّ الشهيد: "فور تخرُّجه مباشرةً خدم فى سيناء عامًا ونصف العام، ثم اجتاز اختبارات قوات حفظ السلام، وذهب فى بعثة إلى الكونغو لمدة 11 شهرًا، ثم عاد إلى الخدمة بسلاح المدرعات بالإسماعيلية، لم يخبرنى أنه عاد إلى سيناء، وفى الإجازات كما نتحدّث عن بطولات قواتنا فى سيناء، فيقول ربنا معاهم ولم يخبرنى، رأفةً بى حتى لا يثاورنى القلق عليه.

 

كنتُ أنتظر يومَ عودته على أحَرّ من الجَمر، أعلم مواعيد إجازاته، كان فى ذلك اليوم يفترض أن يأتى فى إجازة قبيل الظهر، تأخر اتصلتُ به فكان هاتفه مغلقًا، بدأ القلق يصيبنى؛ لأفاجأ بابنى "مازن" قام يصرخ ماما ماما أخى استشهد ومواقع التواصل الاجتماعى ناشرة صورته، صرخت واحتسبته عند الله شهيدًا.

 

علمتُ من قادته أنه كان شجاعًا مقدامًا، فقد استطاع فى أربعة أشهُر قضاها فى سيناء بعد نقله من الإسماعيلية أن يصنع مَجدًا، فكان من أبطال الأول من يوليو 2015، واجه الإرهابيين وقتل منهم كثيرين، فى ذلك اليوم الذى شهد هجومًا متزامنًا على الأكمنة فى الشيخ زويد لاحتلالها مبنى حكوميّا لرفع العَلم عليه، لكنه والأبطال أحبطوا المخطط".

 

تقول الأم: "روى لى قائده أنه صلى الفجر فى ذلك اليوم، وجهز حقيبته لنزول إجازته هو وبعض رفاقه، وقبل التحرك جاءت رسالة استغاثة تفيد تعرُّض أكمنة لهجوم إرهابى متزامن، إلا أنه من دون تفكير قرر المشاركة فى قوات الدعم، قال له قائده أنت فى إجازة غير مكلف لكنه أبَى إلا أن يكون بين رفاقة مقاتلًا.

 

وصل لموقع الاشتباكات، فجَّر وحده 20 سيارة دفع رباعى، تناثرت أشلاء التكفيريين، وخلال الاشتباكات أصيب بطلق نارى فى ذراعة، أصر على مواصلة القتال قائلًا: اليوم فرصتنا لنفنى الإرهابيين ونأخذ بحق الشهداء، فظل يقاتل حتى أصيب بشظايا قذيفة آر بي جيه، فنطق الشهادة كما أخبرنى زملاؤه قبل أن يلقى الله شهيدًا فى أرض المعركة".

 

والدة الشهيد أبوشقرة غرست فيه الفضائل والأخلاق منذ الصغر
والدة الشهيد أبوشقرة غرست فيه الفضائل والأخلاق منذ الصغر

 

الحاجة سعاد: محمد ضحى بروحه من أجل مصر فلا تضيعوها

بمرارة الفقد، وقوة العزيمة، والإيمان بأن الوطن يستحق الغالى والنفيس، تحدّثت الحاجة سعاد على يوسف،  والدة الشهيد النقيب "محمد سيد عبدالعزيز أبو شقرة"، لـ"الكتاب الذهبى"، عن نجلها الشهيد وكيف صنعت البطل، الذى قدّم روحَه فداءً لمصر.

 وقالت والعبرات تلمع فى عينيها: "محمد ابنى الوحيد، الذى رزقنى الله به بعد ثلاث بنات، منذ صغره حرصتُ على أن أغرس فيه قيمَ الصدق والأمانة والمَحبة والتضحية، وعشق تراب الوطن، والأخلاق الحميدة والحفاظ على الصلوات الخمس".

تضيف بعد أن عجزت عن منع العبرات من التساقط: "كان نفسى أفرح به، فقد ترك خطيبته قبل استشهاده بشهر، وعندما سألته عن السبب قال بالنص: "لا أريد لها أن تكون أرملة وهى فى شبابها"، فكان يشعر أنه سيستشهد.

تضيف "ابنى الشهيد ربيته على حب الخير، فكان مُحبّا للأطفال ولفعل الخيرات، وكان يكفل يتيمًا تقرّبًا إلى الله، وكان يرعى الطفل اليتيم ويغرس فيه حب الوطن والأخلاق الحميدة، بخير ما يفعل الأب مع ابنه".

تكمل والدة الشهيد: "من صغره كان يحلم بالالتحاق بكلية الشرطة، كثيرًا تمنّى أن يكون ضابطًا، وقد تحقق حلمه وتخرج فى كلية الشرطة عام 2003، والتحق بجهاز الأمن الوطنى، وسرعان ما أبدى نجاح فى عمله وبات من أمهر أبناء قوات مكافحة الإرهاب".

بفخر تضيف: "فلذة كبدى، كان مُحبّا للفكاهة، وروحه مرحة، وشخصيته قوية وصارمة فى الوقت ذاته، قادرًا على القيادة، حقق نجاحات كبيرة، ورصد كثيرًا من الإرهابيين فى الداخل وفى الخارج، فلقبته جماعة الإخوان الإرهابية بالشبح؛ لقدرته على تنفيذ عمليات خطرة، بنجاح ومهارة، فكان هدفًا للتنظيم الإخوانى الإرهابى قبل وصوله للحُكم وازدادت رغبتهم فى الخلاص منه بعد وصولهم لحُكم مصر".

تكشف والدة الشهيد: "علمت أنه فى مهمة خاصة ولم يخبرنى بمكانها، ولا طبيعتها، فهو كان كتومًا يحافظ على سرّية عمله؛ خصوصًا أنه ذو طبيعة خاصة، كانت المهمة فى سيناء، علمت بذلك بعد استشهاده هناك".

تضيف: "علمت بلقب "الشبح" من زملائه الذين عثروا على مخطوطات بها رقمه الكودى مع إرهابيين تم القبض عليهم"، موضحة، أنه "تم استدعاؤه للمشاركة فى عملية تحرير الجنود المختطفين فى سيناء فى ظل حُكم الإخوان، وعندما وصلوا لمكان احتجازهم وجدوهم قتلى، وهو ما يؤكد أن الإرهابيين أعوان محمد مرسى سعوا لاختراق الأمن الوطنى وسرّبوا المعلومات، وهم مَن قرروا الخلاص من ابنى لدوره فى مواجهتم".

تضيف: "جماعة الإخوان الإرهابية غدرت بابنى، فكان فى فندق غير مُأمّن، ورصدت الكاميرات تلقيه مكالمة هاتفية قبل خروجه، ثم لحقت به سيارة دفع رباعى، وأطلقوا عليه النار فواجههم بسلاحه الذى كان معه- طابنجته- وقتل عددًا منهم قبل استشهاده".

أمّ الشهيد تؤكد أن معلومات وصلتها تفيد بأن خيرت الشاطر وراء قتل نجلها انتقامًا منه، وأن خلافًا حدث بين محمد مرسى والشاطر عقب استشهاده، فمرسى كان يعلم باستهداف رجال الشرطة لكنه كان يرى أن توقيت استهداف ابنى لم يكن مناسبًا؛ خصوصًا أنهم لم يصلوا بعد لمرحلة التمكين بتحقيق هدف السيطرة على المؤسّسات.

تفتخر والدة الشهيد أبوشقرة، بأن دماء ابنها ساهمت فى تحرير الوطن من قبضة جماعة الإخوان الإرهابية،.. مضيفة "عزائى أنه شهيد فى سبيل الوطن، ودماءه لم تذهب هدرًا فقد عادت مصر لأبنائها وسقط حُكم الجماعة الإرهابية".

أمّ الشهيد، بعثت برسالة عبر "الكتاب الذهبى" لشباب مصر، قائلة: "ابنى ضحّى بروحه هو وغيره من شهداء الجيش والشرطة، فلا تضيّعوها، حافظوا عليها، فقد رزقها الله بالرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يصلح ما أفسده آخرون، تكاتفوا خلفَ الدولة، وقريبًا يجنى شعبُ مصر ثمارَ الإنجازات التى تتحقق كل يوم ونراها رُؤىَ العين". 

 

الشهيد مصطفى محمود
الشهيد مصطفى محمود

 

ربيته على الأمانة والصدق وحب الوطن وحباه الله بحدة الذكاء

"أعطانى الله وديعة ثم استردها".. بثقة المؤمن تبدأ السيدة عزة محمد عثمان، والدة الشهيد نقيب بحرى "مصطفى محمود" حديثها، مضيفة: "لقد حافظتُ على وديعة الله منذ أن رزقنى إيّاها، ربيته على الصدق والأمانة وحُب تراب الوطن، وحُب العلم والاطلاع، وحباه الله  منذ صغرة بسرعة البديهة، والذكاء الحاد، وبشاشة الوجه.

اهتمامه بالعلم وانضباطه جعله دائم التفوق، فى جميع المراحلة العلمية، ففى الثانوية العامة تفوّق، ولحُبّه للحياة العسكرية المنضبطة، قدّم أوراقه لكلية الشرطة والكلية البحرية، وتم قبوله فى الاثنتين، فاختار الالتحاق بالكلية البحرية، وتفوّق فى دراسة العلوم العسكرية البحرية".

مستطردة "تخرَّج فى الكلية البحرية بتفوّق، وحصل على 13 فرقة، وحصل على المركز الثامن عالميّا، فى فرقة يشارك بها قوات من جيوش العالم".

تضيف والدة الشهيد: "ابنى عاش رجُلًا، واستشهد بطلًا"، فرحمه الله، كان يطلب منّى دائمًا الدعاءَ له، فكان يتمنى الشهادة فى سبيل الله مدافعًا عن الوطن، فرُغم حُبه للعلم وحلمه بالحصول على منحة للدراسة فى أمريكا، عندما جاء التصديق عليها كان قد نقل للخدمة فى سيناء، فرفض تركها وفضّل المرابطة فى سيناء، كان يقضى بها ثلاثة أشهُر متواصلة دون إجازات".

تقول والدة الشهيد الشهير بـ"بوتشر": "قال مش همشى من هنا إلا بعد تطهير سيناء، فالإرهابيون عمرهم قصير".

وتتذكر أمّ الشهيد، عندما قال لها ابنها أنه سيسافر لسيناء  فقالت له:"أنتم فى مَعيّة الله لو رجعت يا مصطفى حترجع راجل، ولو استشهدت حتموت بطل؛ لأنى ربيتك أنت وأخواتك على الرجولة".

تقول " قبل شهرَيْن شعرتُ أنه سيستشهد، كنت أطمئن نفسى بمحاولة الاتصال به، وكان هاتفه دائمًا مغلقًا، حتى اتصل بى قبل استشهاده بيوميْن، وكأنه يودعنى، ومن الغريب أيضًا أنى لبست الملابس السوداء قبل علمى بخبر استشهاده بساعتيْن، فقد استشهد يوم 14 مارس 2018".

وبملامح تجمع بين الحزن والسرور، قالت: "ما  أسعدنى أن ابنى ارتقى رجُلا، فقد قتل أربعة من الإرهابيين وأصاب ثلاثة، وكان مقدامًا، شجاعًا، رفض أن يترك مكانه لكى يحمى 16 ضابطًا، فقد قام بملحمة بطولية، فكان قناص المجموعة القتالية، وقنص عددًا من العناصر التكفيرية، التى اكتشفها خلال تربصها بقواتنا المسلحة، فبدأ بالاشتباك وأبلغ بإصابته لأول إرهابى، فهربوا كالفئران، وكلما قتل واحدًا منهم زاد سخطهم وسعيهم لاستهدافه، حتى استشهد وهو قابض على سلاحه".

دعت السيدة عزة إلى مصر بالرخاء والنماء، متمنية أن يراعى شباب مصر حجم التضحيات التى قدّمها الشهداء، وأن يحافظوا على وطنهم، ويدعموا استقراره.. داعية لدعم الجيش والحذر من شائعات الأعداء، و"ألا يضيّعوا دماءَ الشهداء هباءً".

 

الشهيد مع والدته
الشهيد مع والدته
الشهيد مع والدته
الشهيد مع والدته

 

 

ابنى تَربّى مكافحًا وزغردت يوم زفافه لحور العين

"ودعته يوم زفافه لحور العين بالزغاريد، وارتديت الملابس البيضاء فى جنازته، فقد نذرت فى حياته أن أرتديها يوم زفافه، لكن قدّر الله له الشهادة".. تقول الحاجة سلوى محمد أحمد على، أمّ الشهيد مجند "مصطفى خضر".

وتضيف: "ربيته على الرجولة وتحمُّل المسئولية، وحُب العمل، والاعتماد على النفس، فكبَر أمام عينى بارّا بأسرته، مكافحًا، يعمل بمجرد أن بات قادرًا على العمل لدعم أسرته والوقوف إلى جوار أخوته، فقد ترك ملذات الدنيا وعاش مكافحًا".

تضيف والدة الشهيد: "مصطفى أول فرحتى، أنجبته في ٢ مارس ١٩٩٣، أوليته اهتمامًا كبيرًا منذ صغره، فأدخلته مدارس خاصة، كان متفوقًا يتمنى أن يصبح "صيدلى"، وبدأ يخطط لهذا فحصل على المراكز الأولى فى المرحلتيْن الابتدائية والإعدادية، مما يؤهله للدخول للمرحلة الثانوية العامة، ولكن حدث ما لم يخطر على البال، مرض والدُه العائل الوحيد للأسرة، وقرر الأطباء احتياجه لإجراء عملية "قلب مفتوح"، ولم يتمكن مصطفى من تحقيق حلمه، وصمم أن يلتحق بالتعليم الفنى الصناعى، حتى لا يُحمل الأسرة أعباءَ الثانوية العامة فى ظل احتياج والده للعلاج، وليساعد الأسرة خلال الدراسة".

تتذكر والدة الشهيد "التحق بقسم التبريد والتكييف، وبدأ رحلة كفاح معى، فخلال الدراسة عمل فى مهن حُرّة، فعمل بأكثر من صنعة ليوفر دخلًا يساعد أسرته، ثم بدأت رحلة الكفاح الحقيقية لابنى فلذة كبدى والذى لم يستمتع بطفولته مثل باقى الأطفال، كان أمْرًا مُرهِقًا جدّا على طفل فى سنّه أن يتحمل العمل بثلاث وظائف فى وقت واحد، نهارًا فى الاستثمار، وبعد الظهر كان يعمل فى محل شنط، وفى المساء عمل فى تصوير الحفلات، وساعدنى كثيرًا على سداد مصاريف علاج والده".

 تضيف أمّ الشهيد: "عندما أتم عامَه التاسع عشر من العمر، قام بتقديم أوراقه للجيش لأداء واجبه الوطنى، وفى هذا اليوم التقى بجميع أصدقائه وقالوا له حد يقدم فى الجيش من غير ما يتم استدعاؤه؟! فقال لهم أنا بحب مصر ونفسى أموت شهيدًا، فظلوا يمزحون: "أنت بتتمنى الشهادة، وأنت لسّه أول يوم؟!" وكأن أبواب السماء مفتوحة، فرد عليه صديقه محمد مصطفى :أنا كمان نفسى أموت شهيد.. وسبحان الله محمد استشهد قبل مصطفى فى أحداث سجن بورسعيد أيام ثورة 25 يناير. 

وقالت أمّ الشهيد إن قلبها كان مقبوضًا  قبل استشهاده بأسبوعَيْن وشاهدت حلم وفاته، وكان قد قضى 9 أشهُر خدمة كان خلالها نموذجًا للالتزام والقدوة الحَسَنة، وفى الزيارة الأخيرة جمع العائلة وعزمهم على الطعام ووزع علينا كروتًا عليها اسمه وصورته، فضحكنا وقلنا عامل فيها وزير، فضحك وقال "أنا أفضل من الوزير، سأعمل سائقًا".

لم يكن مُرتبًا لمصطفى أن يخرج هو فى المأمورية التى استُشهد فيها؛ حيث كان مكلفًا بها مجندٌ آخر من زملائه، لكنه مرِض، فتم تكليف ابنى، فذهب برفقة 5 شهداء آخرين- ظابط وأربعة من زملائه المجندين- لإحضار تعيين الكتيبة، كان هو سائق السيارة، وهم لا يعلمون أنهم على موعد مع القدر العظيم والمكانة العالية من رب العالمين، وفى طريق أبوصوير بالإسماعيلية هجمت عليهم عدة سيارات تقل إرهابيين، واشتبكوا معهم يوم 7 أكتوبر 2013، فاستشهد ابنى، ابن مصر ومحافظة بورسعيد الباسلة.    

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق