الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
كرامات أصحاب الخطوة؟!

كرامات أصحاب الخطوة؟!

 يقف المريدون فى تضرُّع وخُشوع، أمام مقامات وأولياء الله الصالحين الذين تنسب لبعضهم ما يسمى بـ«بالكرامات» حتى تكاد لا تخلو من زيارات العشاق وأصحاب الحاجات، ويتساوَى فى ذلك الفقراء والأثرياء، الذين يأتون للزيارة من كل فج عميق.



ومن حُب آل البيت، أحب المصريون أولياء الله الصالحين، ومن ينتهى نسبُهم إلى الرسول «ص».

 

لهذه الأسباب، يعشق المصريون السيد البدوى، أو أحمد بن على بن يحيى الذى يرجع نسبه إلى الحسين، ووُلد فى مدينة فاس بالمغرب، وتنَقّل بين المدن حتى استقر فى طنطا.

ولقب بـ"البدوى" أو "الملثم"؛ لأنه كان يغطى وجهه باللثام مثل أهل البادية، وتنسب إليه الطريقة البدوية، ذات الراية الحمراء.

وفى ذكرى مولده، لا تجد فى طنطا "مقر مسجده" موطئ قدم، ويتهافت المريدون على قبره اعتقادًا منهم بأن من زاره سيكتب الله له حجة وعمرة، وسيكون شفيعًا لهم يوم القيامة.

ويتناقل مريدوه ما جاء فى كتاب "تبرئة الذمة فى نصح الأمّة" عن أن السيد البدوى دعا الله بثلاث دعوات، فأجاب دعوتين، وأبطل الثالثة، دعا الله أن يُشفعه فى كل مَن زار قبره فأجاب الله ذلك، ودعا الله أن يكتب حجة وعمرة لكل من زار قبره، فأجاب الله ذلك، ودعا الله أن يدخله النار، فرد الطلب، فسألوا لماذا؟ فقال: "لو دخلتها فتمرغت فيها تصير حشيشًا أخضرَ، وحق على الله ألا يعذب بها الكافرين"!

"شَعرة النبى"

بعد وفاته، بَنى تلاميذه خلوة كبيرة بجوار قبره، تحولت فيما بعد إلى زاوية للمريدين، وفى العصر المملوكى بنى "على بك الكبير" المسجد والقباب والمقصورة النحاسية حول الضريح؛ ليكون تحفة معمارية، ومنذ ذلك الوقت ظل المسجد مثار اهتمام حكام مصر على مدار التاريخ؛ حيث تمت توسعته وترميمه عدة مرّات، وكان يتم فيه إلقاء الدروس الدينية على غرار الجامع الأزهر.

الغرفة الملحقة بمقبرة السيد البدوى، تتضمن عدة مقتنيات داخل فاترينة زجاجية مستقلة أبرزها ما يقولون إنه "شَعرة النبى"، إلى جانب 7 قطع أخرى تم وضعها داخل فاترينة زجاجية أخرى، تضم "عباءتين"؛ الأولى شتوية من صوف وَبَر الجَمل، ولونها نبيتى، والعباءة الثانية صيفية لونها بنى، وعمامة بيضاء ولثام، ومسبحة طولها 10 أمتار، ومكونة من 999 حبة مصنوعة من خشب العود والعنبر تفوح منها رائحة المسك، وعصا خشبية طولها 30 سنتميترًا ومشطين صغيرى الحجم، كان يستخدمهما فى تمشيط شَعره.

السيد أحمد البدوى يُنسَب له العديد من الكرامات، حسب زعم بعض الروايات منها ما رواه ابن حجر العسقلانى وتلميذه الحافظ السيوطى، أن امرأة أسر الإفرنج ولدَها، فلاذت به، فأحضره الله تعالى إكرامًا له فى قيوده على رؤوس الأشهاد، ثم تكررت تلك الكرامة خلال الحروب الصليبية، ولذلك انتشرت مقولة فى التراث الشعبى المصرى.. "الله الله يا بدوى جاب اليُسرى أو الأَسْرَى".

صاحب العِلم

فى مدينة دسوق، بمحافظة كفر الشيخ، تحوّل ضريح ومسجد القطب الصوفى "إبراهيم الدسوقى" صاحب العِلم، إلى قِبلة للمتصوفين، ويرجع نَسَبُه إلى الإمام الحسين، وارتبط بعلاقة وطيدة بالسيد أحمد البدوى، وتولى منصب شيخ الإسلام فى عهد السُّلطان بيبرس.

ويَنسب بعض المتصوفين للدسوقى عددًا من الكرامات الخارقة للعادة، من أبرزها أن تمساح النيل، خطف صبيّا من على شاطئ دسوق، فجاءت أمُّه مذعورة إلى الدسوقى تستنجد به فأرسل نقيبه إلى الشاطئ لينادى: "معشر التماسيح؛ مَن ابتلع صبيّا فليعيده»، فخرج من المياه متجهًا إلى الدسوقى، الذى أمر بلفظ الصبى حيّا، وقال للتمساح: "مت، فمات فى حينها".

كما نَسب بعضهم له أن أحد تلاميذه اتجه إلى السوق بالإسكندرية لقضاء بعض الحاجات إلى شيخه، فتشاجر مع أحد التجار، فاشتكاه التاجر إلى قاضى المدينة، الذى كان يكره الأولياء، فأمر بحبس تلميذه وإهانته، فأرسل التابع إلى شيخه يستغيث به من ظلم القاضى، فكتب له الشيخ الدسوقى، فلما وصل الخطاب للقاضى، جمع أصحابه واستهزأ بحامل الخطاب، وعند مواصلته القراءة، قضى نحبه فى الحال! 

حارس القوافل

عند حميثرة بصحراء عيذاب بالبحر الأحمر، يوجد ضريح ومسجد القطب الصوفى أبوالحسن الشاذلى، المولود فى المغرب، وتصوف فى تونس، ثم اختار الإسكندرية ليقيم بها، حتى توفى فى حميثرة بالبحر الأحمر، وإليه تنسب الطريقة الشاذلية.

أبوالحسن الشاذلى، كان يحج كل عام، رُغم الصعوبات الكبيرة وعدم الأمان فى طريق الحج، وعندما انشغلت مصر وجيشها بصد هجمات المعتدين، اعتذر السُّلطان لأهل مصر لعدم استطاعته إرسال فِرَق من الجيش لحماية قوافل الحج فى الذهاب والعودة.

ورُغم فتوى العز بن عبدالسلام، بعدم جواز الحج أثناء المخاطر؛ فإن أبوالحسن الشاذلى أصر على أداء مناسك الحج رُغم أنه كفيف، وقرّر أن يسافر بالمَحمل والحجيج دون وجود الجيش أو حراسة تحميهم من اللصوص وقُطاع الطرُق، وتكفل أبوالحسن الشاذلى بحمايتهم.

وعندما اقترب اللصوص وقُطاع الطرُق من قافلة الحج وجدوا أسوارًا عالية لا يستطيعون النفاذ منها، فعلموا أن الأمر يرجع إلى كرامة من الله عَزّ وجَلّ لأحد الأولياء فى المحمل، فسألوا إذا ما كان بين الحجيج رجلٌ صالحٌ. فعرفوا أنه أبوالحسن الشاذلى، فنادوا خلف الأسوار مذعنين بالتوبة يبكون ورقت قلوبهم لله، وذهب الشاذلى بالحجيج واللصوص للحج، وزيارة سيدنا محمد بالمدينة المنورة، ثم عاد بهم إلى مصر.

فلما دخل القاهرة استقبله الفقهاء وقائد الجيش، فرأوا المجرمين، فوضع العز بن عبدالسلام رأسَه بين يدى أبوالحسن الشاذلى باكيًا، وقال له أنت شيخى، فرد عليه الشاذلى، بل أنت أخى، ولقب بعد ذلك بـ"حارس القوافل".

وفى آخر سنة خرج فيها للحج، قال لخادمه، استصحب فأسًا وقُفة وحنوطا، وما يجهز به الميت، فقال له الخادم لِمَ ذلك ياسيدى؟!

فقال له: "فى حميثرة سوف ترى".. وعند حميثرة اغتسل أبوالحسن الشاذلى وصلّى ركعتين، وقبضه الله عَزّ وجَلّ فى آخر سَجدة من صلاته، ودُفن هناك.

سُلطان الإسكندرية

من يزور الإسكندرية، لا بُدّ أن يقرأ الفاتحة على ضريح أبوالعباس، المُطلع على الأسرار، الذى حظى بلقب "سلطان الإسكندرية" لكثرة كراماته ومريديه.

هو شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن المرسى، الملقب بـ"المرسى أبو العباس"، وُلد بالأندلس؛ حيث كان جده قيس بن سعيد بن عبادة واليًا على مصر من قِبَل على بن أبى طالب، وعندما عزمت عائلته السفر لأداء فريضة الحج، غرقت السفينة عند شواطئ تونس، فمات والده ووالدته، ونجا هو وشقيقه.

المرسى أبوالعباس، ورث الطريقة الشاذلية من أبى الحسن الشاذلى، ومما ينسب له من كرامات أنه كانت لديه قدرة على معرفة ما يدور فى خاطر الرجُل أمامه فيخبره بأنه يفكر فى كذا وكذا.

ذاعت شهرته فى القرى والبلدان، وبمجرد ما يرد اسم الإسكندرية على ألسنة المصريين، يرددون "مَدد يا مرسى يا أبوالعباس".

أما فى قنا فيعتبر ضريح ومسجد العارف بالله عبدالرحيم بن أحمد حجون الشهير بـ"عبدالرحيم القنائى"، من أشهَر معالم المدينة؛ حيث وُلد بالمغرب عام 1127، وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين، حفظ القرآن فى الثامنة من عمره ودرس الحديث والتفسير، والبلاغة والفقه على مذهب الإمام مالك.

انتقل عبدالرحيم القنائى بين المدن والبلدان، وفى مكة والمدينة التقى بالشيخ مجد الدين القشرى، أحد أبناء مدينة قوص، واصطحبه معه من مكة، حتى استقر به المقام فى قنا، وتزوج وكوّن أسرة من 11 صبيّا، و8 بنات، وكان يعمل نهارًا بالتجارة وليلًا يجتمع بمريديه، ومن أهم كتبه تفسير القرآن، رسالة فى الزواج، أحزاب وأوراد، وكتب الأصفياء.

زعم الصوفيون لعبدالرحيم القنائى كرامات متعددة، أبرزها أن أسدًا أكل عِجْلًا كان يدور فى ساقية، فقالوا للقنائى أن الأسد أكل العجل، فأتى بالأسد ووضعه مكان العجل ثلاثة أيام، وكان يُطعمه حتى لقب بـ"الأسد".

وقالت الروايات الصوفية أيضًا، إن عبدالله القرشى كان موجودًا فى قنا، وبُشّر بقدوم عبدالرحيم القنائى، وعندما كان يرش المياه كان يقول بصوت عالٍ: "يا قنا جايلك مَلك"، وعندما جاء "القنائى" استقبله القرشى استقبالًا جميلًا، مثل باقى أهالى قنا، وكان ملثم الوجه، لا يظهر منه إلا عيناه، وحينما كان يصب عليه الماء كى يتوضأ، نظر إليه القنائى فوجد الشيب يملأ رأسه ولحيته. 

فقال له من لم يزرك لا تقبل منه زيارتى، ومن جاء ليطلب منى طلبًا ولم يستجب له فليشتكى عند عبدالله القرشى، تقديرًا واحترامًا له.

صديق الخضر

بناءً على رؤية منامية، تأمره بالرحيل إلى مدينة الأقصر، جاء  يوسف عبدالرحيم بن يوسف، الملقب بـ"أبوالحجاج الأقصرى" قادمًا من بغداد ومكة، واستقبله المصريون بالترحاب البالغ؛ حيث وجدوا فيه ضالتهم المنشودة.

ويرجع نسب يوسف عبدالرحيم بن يوسف إلى جعفر الصادق ومنه إلى  الإمام الحسين، وذاعت شهرة أبوالحجاج الأقصرى فى مختلف البلدان. وبدأ الناس يتوافدون للجلوس فى حضرته، ونال استحسان السُّلطان الأيوبى، فأسند له منصب مُشرف ديوان الحسبة والخراج، وهى وظيفة لا ينالها إلا الثقات، الذين يلتمس فيهم السُّلطان النزاهة والفقه، إلا أنه لم يستمر فيه طويلًا حيث فَضّل حياة الزهد والورع.

ذاعت كراماته بَرّ مصر؛ حيث تنسب حكايات الشعرانى، عن الحجاج قوله أنه يجتمع بالخضر، وكان يطبخ القمح كثيرًا، فقيل له ما سر ذلك، فقال الخضر زارنى ليلة، وقال لى: "اطبخ لى شوربة قمح، فلم أزل أحبها لمَحبة الخضر عليه السلام لها، وكان يشترط على أصحابه ألا يطبخوا فى بيوتهم إلّا لونًا واحدًا حتى لا يتميز على أحد".

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق