الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أصول السراج التركية.. ولغز الكراغلة

يكذب الأتراك وأتباعهم من دراويش العثمانية الجديدة بالسهولة نفسها التى يتنفسون بها، يروّجون الأكاذيب والأباطيل، وكأن صفحات التاريخ كانت سرّيّة، وأنه لا يمكن لأحد قراءتها أو الاطلاع عليها وتفسيرها سواهم، يتحدثون بثقة يُحسدون عليها عن أمجاد الخلافة العثمانية.



 

بينما مصادر التاريخ تفيض بمخازيهم وجرائمهم فى كل مكان ابتلى بوجود العثمانيين، سواء القدامَى أو الجُدد، فلا فرق بين الأجداد والأحفاد، فكلهم فى ميزان التاريخ الأسود والاستغلال والنهب سواء.

 

 

 

 

نالت ليبيا نصيبًا وافرًا من الجرائم التركية، سواء خلال الاحتلال العثمانى المباشر لأراضيها ونهب ثرواتها لتمويل خزائن الباب العالى، أو بتسليم ليبيا فريسة سهلة للاحتلال الإيطالى، والتآمر على المقاومة الليبية الوطنية ضده.

وما أشبه اليوم بالبارحة، فها هم العثمانيون الجُدد يعودون إلى ليبيا ليحاولوا استكمال مسيرة أجدادهم والسَّيْر على ذات النهج المُخزى، وليواصلوا جرائمهم بحق دماء وثروات الليبيين.

لم يستغرق سقوط ليبيا فى قبضة العثمانيين سوى سنوات قليلة عقب استيلاء "سليم الأول" على مصر، فليبيا هى الامتداد الطبيعى لأرض الكنانة، وكان سقوط ليبيا فى يد العثمانيين فى عهد السُّلطان سليمان القانونى- ابن سليم- الذى سعى إلى توسيع حدود إمبراطوريته على حساب الأراضى العربية؛ وبخاصة فى شمال إفريقيا فى محاولة لاستغلال الهيمنة على البحر المتوسط للضغط على خصومه الأوروبيين.

 وكان وقوع ليبيا بيَد العثمانيين فى منتصف القرن السادس عشر بداية لصفحة سوداء فى تاريخ ذلك الشعب الطيب؛ حيث عانى أهلها من ويلات القتل وقطع الرؤوس والمجازر الدامية، التى لم يراعِ فيها العثمانيون أنهم يتعاملون مع شعب مسالم، وصولًا إلى استخدام ليبيا كورقة فى المغامرات العثمانية، والتضحية بهم على مذبح الخيانات العثمانية وتسليمهم فريسة سهلة للاحتلال الإيطالى.

جينات الخيانة

يبدو أن جينات التآمر والخيانة التركية لاتزال ممتدة من الأجداد إلى الأحفاد، فقد اتبع الأتراك اليوم النهج نفسه الذى كان يتبعه العثمانيون، وهو مبدأ "فرّق .. تسُد"، وقد استخدموه ببراعة فى تفرقة القبائل الليبية واستمالة بعضها ضد البعض الآخر، واستقطاب عدد منهم بأدوات شتى؛ ليلقوا بهم فى آتون القتال ضد البريطانيين لخدمة المصالح العثمانية والألمانية.

ويحاول المشروع الأردوغانى للعثمانية الجديدة فى الوقت الحالى  السير على المنهج العثمانى فى كل شىء؛ خصوصًا فى استخدام الخونة، وتمزيق الشعوب وإشاعة الانقسامات بين القبائل، وقد وجد فى حكومة الوفاق الوطنى فى ليبيا بقيادة "فايز السراج" والميليشيات التابعة لها فى طرابلس ما يكفى من الخونة ليكونوا نقطة ارتكاز لتحقيق حلمه، والخطورة الحقيقية أن العلاقة بين أردوغان والسراج لا تبدو مجرد علاقة مصلحة فقط، بل تحاول أن تنتحل لها جذورًا يسعى العثمانيون الجُدد لتوظيفها لصالحهم، كما نجحوا فى توظيف كل خيانات التاريخ، وكلمة السّرّ فى تلك الجذور التى يسعى الأتراك لاستغلالها هى.. الكراغلة الليبيون!

والكراغلة هم طائفة إثنية نتجت عن تزاوج الأتراك بالنساء الليبيات خلال سنوات الاحتلال العثمانى لليبيا (1551 - 1911)،  ويقع هؤلاء " الكراغلة " الذين ينتمى إليهم السراج شخصيّا، فى مرتبة متقدمة ضمن قائمة الاستدعاءات التاريخية التى يستخدمها الرئيس التركى لشرعنة وجوده العسكرى الحالى داخل الأراضى الليبية.

ويطلق لفظ "الكراغلة"، وهى كلمة تركية تعنى (أبناء الرقيق)، على كل الذين أنتجتهم عمليات التناسل التى وقعت بين الأتراك والنساء المَحليات فى أقاليم الشمال الإفريقى (ليبيا وتونس والجزائر) عبر زواج مِلْك اليمين. ورُغم اندماج هؤلاء فى المجتمعات الليبية والتونسية والجزائرية بعد سقوط الدولة العثمانية؛ فإنهم إلى اليوم يحتفظون بتقاليد تربطهم بالماضى العثمانى، منها مثلًا اتخاذهم للمَذهب الحنفى الذى كان المذهب الرسمى فى زمن الأتراك، مقابل اعتناق أهالى شمال إفريقيا المعلوم للمذهب المالكى. ومنها كذلك احتفاظهم بألقابهم التركية، وبناء مساجدهم على الطراز المعمارى العثمانى. 

وخلال السنوات التالية لسقوط نظام "معمر القذافى" العام 2011، انخرط كراغلة ليبيا فى خضم الصراعات السياسية التى شهدتها البلاد على السُّلطة. ولكن لم يلتفت إلى أصولهم التركية، إلّا بعد أن بدأ الرئيس التركى أردوغان فى التدخل العسكرى المكثف بالشأن الليبى منذ أواخر 2019، إذ أشار إليهم فى خطابه أمام البرلمان التركى (يناير 2020)، الذى ألقاه بعد التوقيع على مذكرتى تفاهم مع  ما تسمى بحكومة الوفاق الوطنى فى طرابلس، قائلًا: "فى ليبيا ثمّة أخوة لنا من العرب ضد حفتر، الذى يريد القضاء عليهم. ومن يستهدفهم حفتر فى هذا البلد إخوتنا الأمازيغ والطوارق، وأحفاد بربروس وتورغوت رئيس".

 والإشارة هنا إلى "خير الدين بربروس"، القرصان الشهير فى الشمال الإفريقى الذى قاتل تحت راية العثمانيين خلال القرن الـ 16، أمّا  "تورجوت رئيس" فهو الأميرال العثمانى الذى سيطر على طرابلس الغرب، وهى إشارة إلى كراغلة ليبيا الذين تجرى فى عروقهم دماء ليبية وتركية، ومن المفارقات أن العديد من القطع البحرية التى حشدها أردوغان لاحتلال ليبيا، تحمل بعضًا من أسماء تلك الشخصيات العثمانية، فى دلالة واضحة على النهج التركى فى إعادة إحياء "العثمانية" وإرثها البغيض فى المنطقة. 

والشاهد أن مجموعة مهمة من كراغلة ليبيا قررت أن تفسد على "أردوغان" مخططه باستخدامهم، ففى أعقاب حديثه أمام البرلمان التركى، اتهم مجلس مشايخ وأعيان قبائل الكراغلة فى ليبيا، الرئيس التركى، بالترويج لأكاذيب حول وجود نحو مليون ليبى من أصول تركية يرغب فى حمايتهم.

 وقال المجلس، فى بيان إن "تصريحات الرئيس التركى الإخوانى باطلة وغير مسئولة، أجدادنا وأجداد أجدادنا وآباؤنا وأولادنا وُلدوا وعاشوا فى هذا الوطن وتربينا على خيره ولن نسمح لأى دخيل أن يدنس أرضنا".

كما أضاف البيان إن "أبناء الشعب الليبى الذى طرَد العثمانيين والطليان وقضى على عهد الاستبداد، وانتصر على الدواعش والمتطرفين سيكون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن ينتهك حرمة أرضه وسماه"... وتابع: "إننا مع جيشنا البطل وقائده المظفر المشير خليفة حفتر وكافة رفاقه من ضباط وجنود وقوات مساندة ونؤيدهم ونقف صفّا واحدًا معهم".

ورُغم ذلك التبرؤ؛ فإن الأمْرَ لا ينفى أنه لايزال بين الكراغلة مَن يدعم الوجود التركى فى ليبيا، ومن بين هؤلاء شخصيات هى الأبرز فى الغرب الليبى المتحالف مع أردوغان، وعلى رأسهم "فايز السراج" نفسه الذى كشفت تقارير صحفية، استندت إلى مذكرات مصطفى فوزى السراج، والد فايز السراج، أن جدّه الأعلى كان ضابطا تركيًّا جاء من إزمير إلى طرابلس تقريبًا عام 1840، وتزوج من امرأة ليبية أنجب منها ذرية كان أحد أعضائها الحاليين هو رئيس ما تسمى بحكومة الوفاق.

وهناك كذلك "صلاح بادى"، من كراغلة مصراتة، وواحد من مؤسّسى ميليشيات فجر ليبيا، والمُدرج منذ نوفمبر 2018 على قائمة عقوبات الأمن الدولى بسبب جرائم حرب ارتكبها فى ليبيا أثناء الإطاحة بنظام القذافى وبعد ذلك، وتؤكد تقارير صحفية أن "بادى" يتنقل بشكل مستمر بين ليبيا وتركيا، باعتباره واحدًا من أكبر عملاء أردوغان فى ليبيا.

ارتكب العثمانيون مجازر دموية بحق الليبيين ربما أشهَرُها مذبحة الجوازى، حين دعا الحاكم العسكرى التركى "يوسف باشا القرمانلى" شيوخ قبيلة الجوازى للحضور إلى القلعة التركية، التى كانت تُعرَف باسم "قصر بنغازى" بغرض إكرامهم وطلب الهدنة، على اعتبار أن سكان القبيلة كانوا يرفضون الاستبداد التركى. 

وبالفعل لبَّى شيوخُ وأعوان الجوازى النداءَ، وبمجرد جلوسهم داخل القلعة، أعطى "القرمانلى" إشارته للحرس الخاص لتنفيذ الهجوم عليهم، إذ تم ذبحهم جميعًا، وبعد تصفية الشيوخ، الذين كان يناهز عددهم الـ 45، طالت المذبحة جميع أفراد القبيلة، ليتجاوز عدد الضحايا أكثر من 10 آلاف فرد، من بينهم الكثير من النساء والأطفال. 

 

 

 

شلالات دماء

مذبحة جديدة تضاف إلى التاريخ الدموى للعثمانيين فى ليبيا كان بطلها "محمد رائف باشا" والى طرابلس الجديد، الذى تسلم مَهامه فى سبتمبر 1835، وقد بدأ عهده البائس بقَمع  الليبيين عندما قاد حملة عسكرية على إقليم "تاجوراء" الذى امتنع سكانه عن دفع الضرائب، ورفضوا توريد محاصيلهم إلى أسواق طرابلس.

وبعد مقاومة شديدة من أهالى "تاجوراء" سقط 500 شهيد على يد العثمانيين الذين استولوا على أموال وبضائع التجار، وأنهوا دور "تاجوراء" التجارى، ونهب الجنود ممتلكات الأهالى، وخطفوا 100 فتاة و145 طفلًا، وفَرّ عددٌ كبير من الأهالى إلى الصحراء.

وكانت مقاومة الليبيين ورفضهم للممارسات العثمانية صداعًا دائمًا فى رأس الباب العالى، وهو ما يؤكد زيف الادعاءات العثمانية بأن استيلاءهم على الأراضى العربية كان بدعوة من أهلها. 

فقد انتشرت المقاومة الوطنية للاحتلال العثمانى، رُغم كل الدعايات المكثفة لاستغلال دعاوَى الخلافة لتخدير الشعوب العربية المُسلمة، وإيهامهم بالسُّلطة الدينية للباب العالى.

وأثارت مقاومة الليبيين ذعر السُّلطان "محمود الثانى"، فأرسل حملة عسكرية فى 22يونيو 1836 بقيادة "طاهر باشا"، شملت 12 سفينة حربية على متنها 3 آلاف جندى، بينهم 300 من الخيالة، وحملت السّفن المَدافع والذخائر والمؤن العسكرية. 

بدأ "طاهر باشا" حملته العسكرية بالهجوم على مصراتة، وتواصلت المعارك مدة 28 يومًا متواصلة، وتكبّد الأتراك خسائر بشرية كبيرة وصلت إلى 600 قتيل، وفى 9أغسطس 1836 تمكن "طاهر باشا" من الاستيلاء على مصراتة، وعيّن ضابطا عثمانيّا حاكمًا للمدينة واستخدم العثمانيون كل الوحشية الممكنة حتى أسفر القتال عن حصد أرواح 80 ألف ليبى، من المدنيين الأبرياء.

لم تقتصر الوحشية العثمانية فى ليبيا على ميادين القتال، بل امتدت إلى كل ميادين الحياة، فقد مارس العثمانيون صورًا فجّة من العنف من أجل نهب ثروات الليبيين، وفرض العديد من الضرائب والجبايات، مستخدمين فى سبيل ذلك كل صنوف التعذيب والإهانة بحق الشعب الليبى.

واتبع العثمانيون نظام الالتزام الذى طبقوه على كل الولايات العربية، وكان يعتمد على بيع حق جمع الضرائب لأحد الأشخاص، على أن يتولى توريد حصة معينة للباب العالى، بغض النظر عن إجمالى ما يجمعه لنفسه من دماء وأقوات الشعب.

ولأجل ذلك كانت تسخر قوة القمع العثمانية لمواجهة أى محاولة للاعتراض، وكان الوالى العثمانى يعرض حق تحصيل الضرائب فى مزاد علنى؛ ليستقر على ثرى عثمانى أو أحد قادة الجيش؛ لينطلق هؤلاء فى نهب الليبيين، وإذا عجز شخصٌ عن الدفع يتم القبض عليه، ويُربط فى ذيل حصان حتى السجن، ما دفع بعض الفقراء إلى الهروب من بيوتهم فور وصول الجباة العثمانيين. 

تآمر عثمانى

لم تتوقف مأساة الاحتلال العثمانى لليبيا على تلك الجرائم المُخزية، بل اكتملت المأساة ببلوغ التآمر العثمانى ذروته، بعدما فرّط العثمانيون فى الأراضى الليبية وجلبوا إليها الاحتلال الإيطالى، وتآمروا ضد زعماء المقاومة الليبية.

ولا ينسَى الشعبُ الليبى كيف باعت الدولة العثمانية ليبيا إلى إيطاليا فى تلك المعاهدة الشهيرة التى أطلق عليها معاهدة “أوشى” (لوزان)، التى وُقّعت عام 1912.

ووفقًا لتلك الاتفاقية وجد الشعبُ الليبى نفسَه وحيدًا فى مواجهة إيطاليا على الأراضى الليبية، بعد أن جثم الاحتلال العثمانى على صدور الليبيين لمدة تزيد على 350 عامًا، لم تشهد البلاد فى عهدها رُقُيّا، أو نهضة.

لم يكن دورُ العثمانيين الأتراك فى الاحتلال الإيطالى لليبيا مقصورًا فحسب على التخاذل العسكرى داخل ميدان الحرب، بل سبق ذلك تواطؤ تركى ظاهر مع إيطاليا، خوَّل للأخيرة اختراق ليبيا اقتصاديّا، ووضع الخُطط الحربية المُثلى لغزو البلاد تحت مرأى ومسمع الأتراك، بل إن العثمانيين عمدوا إلى نزع السلاح من الليبيين قبيل الغزو الإيطالى، كما قاموا بسَحب الحاميات العسكرية التركية من المدن لتسهيل عملية الغزو، وجعلها سهلة ميسورة على الطليان. 

وعن تلك المواقف المخزية والتآمر التركى على ليبيا منذ عقود طويلة، يشير كتاب "جهاد الأبطال فى طرابلس الغرب"، الذى كتبه مفتى ليبيا ومؤرخها الأشهَرُ "الطاهر أحمد الزاوى"، وصدر عام 1950.

"منذ ثلاثمائة سنة والليبيون فى صراع مرير مع الترك للتخلص من ظلمهم واستبدادهم وفساد حُكمهم.. وقد ثار عليهم الليبيون أكثر من ثلاثين مرّة فى فترات من الزمن متتابعة، قام بها رؤساء القبائل فى كل من طرابلس وبرقة. وما كان السكوت عن الثورة فى بعض الأحيان إلّا انتظارًا للفرص والظروف المواتية".

ويتابع: "واستمر الترك فى حُكمهم الفاسد: فوضى فى الحُكم. وسلب الأموال بالضرائب الفادحة والغصب وعدم الاهتمام بالإصلاح. ففشى فى الشعب الجهل لعدم وجود المدارس، وتمكن فيه الفقر لقلة التجارة والزراعة، وانعدمت الصناعة وكثرت فيه الأمراض لقلة الأطباء وأصبح فى حالة دونها كل ما يتصوره الإنسان من بؤس".

ويضيف: "وجاء الاحتلال الإيطالى فى أكتوبر سنة 1911 وقد هيأت له تركيا جميع الوسائل التى تسهل عليه احتلال ليبيا. فسحبت جيشها وسلاحها، وبقى الشعب فى فقره وجهله ومرضه وقلة وسائل دفاعه. بقى وحده أمام الحقيقة الرهيبة: جيوش جرارة وأساطيل مدمرة وطائرات تدك القرى والمدن بقنابلها".

جريمة تتجدد!

كشف الهجوم الإيطالى على البلاد عام 1911 عن الجريمة التاريخية للأتراك بحق ليبيا، التى لم تكن مؤهلة- ككل الولايات العثمانية التى تم إضعافها عمدًا- لصد عدوان خارجى، وسرعان ما سقطت بيَد المحتل، وبقيت مقاومة وطنية فى شرق البلاد، بقيادة الحركة السنوسية، التى انتمى "عمر المختار" إليها، وكان جنديّا فى صفوف قواتها التى حاربت المحتل الإيطالى، وبفضل إخلاصه تولى منصب قيادة المقاومة الليبية، حتى استشهاده عام 1931.

فى العام الثانى من الحرب 1915، وصلت غواصة ألمانية على متنها عددٌ من الضباط الأتراك إلى شرق ليبيا، بقيادة الضابط التركى "نورى باشا"، وكان السيد "أحمد الشريف"- ابن عم الملك إدريس- هو إمام السنوسيين، وطلب الوفد منه إعلان الحرب ضد بريطانيا فى مصر، ولعبوا على وتر التضامن الدينى، غير أن وُجهاء السنوسيين رفضوا الطلب التركى، ورأوا فيه مؤامرة لاستغلالهم بذريعة الدين.

رُغم ذلك استمر تواجُد الأتراك فى شرق ليبيا، ونجحوا فى تجنيد عدد من السنوسيين، بما توافر لهم من أموال، وبإثارة الحماسة الدينية، واستمروا فى ابتزاز السيد "أحمد الشريف" باسم الدين لإعلان الحرب على بريطانيا، ومهاجمة مصر، ودبرت تركيا هجمات على الحدود المصرية، ورطت فيها عناصر من بسطاء السنوسيين، بهدف قطع علاقة بريطانيا-مصر معهم، وإجبار  "الشريف" على إعلان الحرب.

حاول الأتراك الزج بالسنوسيين فى غرب ليبيا فى صدام مع الفرنسيين فى الجزائر، لكن قائدهم السيد "صفى الدين" لم يستجب للأتراك. وهاجم الأتراك مدعومين بالزعيم المصراتى "رمضان السويحلى" السيد صفى الدين، ووقعت بينهم معارك متعددة انتهت بهزيمة الأتراك فى مصراتة.  

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق