الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أبوالروس.. مغنى بالعافية؟!

 يندهش البعض حين يعلم أن عددًا من الفتوات خاضوا تجربة الغناء، ومن أشهَر هؤلاء "أبو الروس وجليلة سكسكة" وغيرهما. وأغانى الفتوات، كانت قالب غنائى شديد التفرُّد، عرفته الأحياء العريقة فى مصر عقب خفوت صوت أناشيد ثورة 1919. ولأن للفتونة رجالها المعدودين، وتقاليدها العتيقة؛ فإن رجالها صاروا ندرة من المؤدين، يتصفون بالشجاعة والإقدام، إلى جانب خشونة الصوت وغلظته.



تكونت جوقة غناء الفتوات من مطرب شعبى ومجموعة من الكورس الرجالى والنسائى يُطلق عليهم "العياق"، وهم يرددون بعض الجُمل الغنائية خلف المطرب لتأكيد مفهوم ما، أو للتحذير من فعل ما.

جمع عامل مشترك بين تلك الأغانى؛ حيث يبدأ استهلالها بلحن خالد الذكر سيد درويش "السلام الإسكندرانى"، ثم ينتقل إلى المقام الموسيقى والضرب الإيقاعى الخاص بكل أغنية. 

عرفت بدايات "أغانى الفتوات" مع المطرب المؤلف الملحن أحمد عثمان الشهير بإبراهيم جكلة، وهو صاحب لحن أشهَر صورة غنائية بالإذاعة "عيد ميلاد أبو الفصاد"، وكان له دوره الكبير فى تزعّم مظاهرات ثورة 1919 مع جوقة العياق الخاصة به.

وعُرف إبراهيم جكلة من خلال مشاركته فى أوبريت إسماعيل يس فى سراى المجانين الذى غنّى فيه مقطع "نيرون" الذى يريد إشعال روما، ومن أهم مقاطع أغانيه:

العياق: الشومة النومة كوا النومة

جكلة: شومة الزقومة

العياق: زقومة النومة كوا النومة

جكلة: سبهالى جدى وارتاح فى النومة

من ساحة لساحة مالهاش فى الراحة

سبقانى وراحة ترقص فى عزومة

العياق: ياعزومة النومة كوا النومة

جكلة: بص لإنجازها تجرى لمن عازها

لا هى خايخة ودايخة ولا كَلْها بارومة

ويُذكر أن إبراهيم جكلة، الذى ظهر أيضـًا فى فيلم "صراع فى الوادى" من إخراج يوسف شاهين، هو المؤسّس الأول لنقابة العوالم 1943، وهى أول تجمُّع للمطربين والممثلين.

وكانت جوقة عياق جكلة مكونة من: إسماعيل يس، محمود شكوكو، حسن فايق، فايد محمد فايد، سيد سليمان، محمد فوزى، عبدالمنعم مدبولى.

ومن أشهَر من غنّى أغانى الفتوات "المعلم قنزيح"، وهو مطرب أجش الصوت، وله طباعه الخاصة، فإذا حضر إليه أحد أصحاب الأفراح والليالى؛ فإن رفضه وقبوله الغناء يتم وفق استساغة الشخص من عدمه، وإذا بدأ الغناء ينتقل من فتوة إلى فتوة؛ ليصفق له جميع الفتوات المتواجدة حتى لا يحدث أى شجار. 

ولعل الذاكرة تحفظ دور فريد شوقى "ملك الترسو" فى فيلم "بداية ونهاية" من إخراج صلاح أبو سيف سنة 1960؛ حيث يؤدى دور البلطجى "حسن" وهو يغنى لمعازيم الفرح بالعافية، وعندما يعترض أحد المدعوين على رداءة الأداء الغنائى، يأتى الرد سريعـًا من فريد شوقى؛ إذ يضربه على طربوشه ليكبسه فى رأسه، وهو يغنى بصوته الأجش النشاز "والله زمان.. زمان والله".

وبمنطق القوة، يدور الحوار التالى بين حسن وأصحاب الفرح:

-    إيدك على بقية المعلوم

-    معلوم إيه بقى يا سى حسن ما الفرح باظ على إيدك أهو!

-    بس ياض أنا بتكلم مع أبوك، أنا غنيت ولّا ما غنيتش؟!

-    غنيت يا سى حسن.. غنيت.

- خلاص إيدك على بقية الحساب، وتانى مرّة تبقى تستنضف المعازيم، مش تلمّلى اللمامة بتوع الحتة وتقولى الفرح باظ. ربنا يتمم بخير.

 - ربنا يخرب بيتك!

وفى الثقافة الجماهيرية، تبنّى رائد الفن الشعبى زكريا الحجاوى، تراث أغانى الفتوات، وقام الملحن صلاح محمود بتلحين عدد من تلك الأغانى، وكانت الفرقة الموسيقية مكونة من عازفى الآلات النحاسية إلى جانب الأوكورديون والطبلة.

واستمرت فرقة الآلات الشعبية فى تقديم هذا اللون ضمن برنامجها فى ليالى سرادقات السيدة زينب والحسين وحدائق الدرّاسة.

ثم لم يتم الالتفات إلى هذا اللون من الغناء، فتوارَى واندثر، فلا السينما سجلته، وكذلك الإذاعة، والتليفزيون.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق