الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

النيل قضية وجود

لمصر حقوقٌ تاريخيّة فى مياه نهر النيل، أكّدتْ عليها الاتفاقياتُ الدوليّة المختلفة بين دول حوض النيل، باعتبار نهر النِّيل شبكة مياه دوليّة لجميع دول حوضه.



ولأن نهر النِّيل هو مصدر حياة للمصريين، يتوقّف عليه شئون حياتهم، وخطط التنمية؛ فإن الدولة تعمل جاهدة على حماية حقوقها، استنادًا على معيارين، الأول: حقوقها التاريخيّة فى مياه النهر، والثانى: مبدأ الحصول على حصة عادلة منه تناسب استخدامها.

نهرُ النِّيل على امتداده، هو هبة من الله؛ حيث تَشكّل على مَرّ السنين من هطول الأمطار بغزارة على دول المنابع الاستوائية بإفريقيا الوسطى، والهضبة الحبشية بإثيوبيا، وشق طريقه إلى مصر، دون تدخُّل بشرى؛ فاعتمدت شعوب دول المنبع على الأمطار فى شئونها، بينما استخدمت دولتا المصب مصر والسودان المياه الواردة من روافد النِّيل إليها على مدى تاريخيهما؛ ولذلك فالكمية الواردة من المياه عند أسوان، هى حق تاريخى فى المياه للبلدين. 

وتأتى نحو 86 فى المئة من مياه نهر النِّيل من الهضبة الإثيوبية «59 فى المئة من النِّيل الأزرق، و14 فى المئة من نهر السوباط، و13 فى المئة من نهر عطبرة»، بينما تساهم البحيرات الاستوائية بنحو 14 فى المئة فقط من مياه نهر النيل.

حقوق أزلية

أكّدتْ الاتفاقياتُ الدولية الأولى المُبرمة بين دول حوض النِّيل على حقوق مصر التاريخية فى مياه النيل؛ ولكنها لم تُحدد حصة مُعينة من المياه لأى دولة من دول الحوض، ومنها مصر؛ حيث حُددت تلك الحصص فى اتفاقية 1959، التى استندت للمرّة الأولى إلى المعيار الثانى الذى يتمثّل فى "الحصول على حصة عادلة من المياه". 

ورُغم أن تلك الاتفاقيات كانت تستهدف فى الأساس تعيين الحدود بين المستعمرات الإفريقية؛ فإنها أقرّت التزامًا دوليًّا تمثّل فى الحفاظ على الحقوق التاريخية لدولتَى المصب مصر والسودان؛ حيث ألزمت دول حوض النِّيل بعدم القيام بأى أعمال تمسُّ أو تعدّل من تدفق مياه النِّيل إلا بموافقة دولتَى المصب. 

وتضمُّ تلك الاتفاقيات مجموعة من الوثائق الدوليّة، منها ثلاث وثائق مُلزمة لدولة إثيوبيا بصفتها منبع النِّيل من الهضبة الحبشية؛ وأخرى تلتزم بها دول منابع النِّيل الاستوائية.

أولًا- الاتفاقيات المُلزمة لإثيوبيا، وهى:

1 - بروتوكول روما 

وهو بروتوكول وُقّع بين بريطانيا وإيطاليا- المُحتلّة لـ إريتريا وقتها-، بمدينة روما، فى 15أبريل من عام 1891، وكان يستهدف تحديد مناطق السيطرة لكل دولة فى دول شرق إفريقيا.

ونَصَّ هذا البروتوكول فى مادته الثالثة على تعهُّد الحكومة الإيطاليّة بعدم إقامة أىّ مُنشآت لأغراض الرى على نهر عطبرة "أحد أهم روافد النِّيل من الهضبة الحبشية"، يكون من شأنها تعديل تدفّق مياه النِّيل على نحو محسوس.

2 - معاهدات أديس بابا 1902  

وهى مجموعة من المعاهدات وُقّعت فى 15مايو 1902 بمدينة أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية. بين بريطانيا وإثيوبيا من جانب، وبريطانيا وإيطاليا وإثيوبيا من جانب آخر، بخصوص تعيين الحدود بين السودان المصرى الإنجليزى، وإثيوبيا، وإريتريا.

ونصّت المادة الثالثة من الاتفاق الأول- بشأن تعيين الحدود بين إثيوبيا والسودان-، على تعهّد منليك الثانى، إمبراطور إثيوبيا وقتها، بعدم إقامة أو السماح بإقامة أىّ أشغال على النِّيل الأزرق وبحيرة تانا، ونهر السوباط، يُمكن أن توقف تدفّق المياه إلى مجرَى نهر النيل‏. وتكرّر النص نفسه فى المادة الثالثة من الاتفاق الثانى الخاص بتعيين الحدود بين السودان، وإثيوبيا، وإريتريا.‏

3 - مذكرات 1935

وهى مذكرات جرَى تبادلها عام 1935، بين كل من بريطانيا، وإيطاليا، بصفتها نائبة عن إثيوبيا وقتها. 

وأقرّت فيها حكومة روما بالحقوق المائيّة المُكتسبة لمصر والسودان فى مياه النِّيل الأبيض والنِّيل الأزرق، والتعهّد بعدم إقامة أىّ منشآت فى أعالى النِّيل على هذين الفرعين أو روافدهما يكون من شأنها التعديل أو المساس بكمية المياه التى تتدفق فى المجرَى الرئيسى بصورة محسوسة، والعمل بما يتفق والمصالح العليا لمصر والسودان، وبأن تكون المشروعات التى تقام محققة بدرجة مناسبة للاحتياجات الاقتصادية لشعبيهما.

ثانيا- الاتفاقيات المُلزمة للمنابع الاستوائيّة:

1 - اتفاق بريطانيا والكونغو المستقلة:

وَقّعت بريطانيا اتفاقًا مع حكومة الكونغو الديمقراطية، فى 19مايو من عام 1906، بمدينة لندن، عدّلت بها اتفاقية بروكسل التى أبرمت فى 12مايو من عام 1894.

وألزمت المادةُ الثالثة من الاتفاقية حكومةَ الكونغو بعدم إقامة أو السماح بإقامة أىّ منشآت على نهرَى «سمليكى»، و«الأسانجو»، ينتج عنها التأثير على تدفّق المياه، أو المساس بكمية المياه المحمولة من المنابع إلى بحيرة ألبرت، من دون موافقة حكومة السودان المصرى البريطانى.

2 - الاتفاق الثلاثى 1906:

فى 13ديسمبر سنة 1906؛ وقّعت اتفاقية فى لندن، بين الثلاثى الاستعمارى: بريطانيا وفرنسا وإيطاليا. نَصَّت فى مادتها الرابعة بشكل صريح بالحفاظ على مصالح مصر وبريطانيا فى حوض النِّيل؛ خصوصًا فيما يتعلق بالتحكّم بمياه النِّيل وروافده، مع الأخذ فى الاعتبار المصالح المحليّة للدول المشاطئة للنهر.

3 - اتفاقية 1929:

تُعتبر اتفاقية تقاسُم مياه النيل؛ إحدَى أهم الاتفاقيات الدوليّة التى تؤكّد على حق مصر التاريخى فى مياه نهر النيل.

وَوُقّعت تلك الاتفاقية فى السابع من مايو سنة 1929، بين الحكومة المصرية، وبريطانيا نيابة عن دول أوغندا، كينيا، تنزانيا، والسودان. 

ورُغم أن بريطانيا استهدفت من الاتفاقية رفعَ حصة السودان من المياه لزراعة أرض الجزيرة بعد الانتهاء من العمل فى سد سنار، فى عام 1925، لكنها اهتمت فى المقام الأول بتأكيد حق مصر التاريخى فى مياه النِّيل. 

وكان مقدارُ المياه الذى يصل إلى أسوان عند توقيع الاتفاقية يُقدّر بـ48 مليار متر مكعب سنويًّا، مقابل 40 مليارًا فى 1920، وهو ما اعتبر وقتها حق مصر التاريخى من مياه النيل، الذى أكّدت عليه تلك الاتفاقية، إلى أن أضافت عليه اتفاقية 1959، الحصة المُخزنة بعد إنشاء السد العالى.

وتُنظّم تلك الاتفاقية العلاقة المائية بين مصر، ودول منابع النِّيل الاستوائية.

وأعطت مصرَ حقَّ الاعتراض (الفيتو) على إقامة أىّ أعمال على مجرَى النهر دون موافقتها؛ كما تضمّنت بنودًا تخصُّ العلاقة المائية بين دولتَى مصر والسودان.

ووردت بعض بنودها فى الخطاب المرسل من رئيس الوزراء المصرى، والمندوب السامى البريطانى، الذى أكّد على:

- اهتمام الحكومة المصرية الشديد بتعمير السودان، وموافقتها على زيادة الكميات التى يستخدمها السودان من مياه النِّيل دون الإضرار بحقوق مصر الطبيعية والتاريخية فى تلك المياه.

- موافقة الحكومة المصرية على ما جاء بتقرير لجنة مياه النِّيل عام 1925، واعتباره جزءًا لا ينفصل من هذا الاتفاق.

- ألا تقام بغير اتفاق سابق مع الحكومة المصرية، أىُّ أعمال رى أو توليد قوى، أو أىُّ إجراءات على النِّيل وفروعه، أو على البحيرات التى تنبع سواء من السودان أو البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية، من شأنها إنقاص مقدار المياه الذى يصل لمصر، أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أى وجه يُلحق ضررًا بمصالح مصر.

- تقديم جميع التسهيلات للحكومة المصرية لعمل الدراسات والبحوث المائية لنهر النِّيل فى السودان، وإقامة أعمال هناك لزيادة مياه النِّيل لمصلحة مصر، بالاتفاق مع السُّلطات المحلية. 

وهذا الاتفاق هو الأول من بين اتفاقيات مياه النِّيل، الذى تكون فيه الدولة المصريّة طرفًا أصيلًا كدولة مستقلّة ذات سيادة، وذلك بعد حصولها على الاستقلال المشروط عن السيطرة البريطانية بموجب تصريح 28فبراير 1922، الذى أنهَى الحماية البريطانية على مصر، واعتبرها دولة مُستقلّة ذات سيادة. 

أمّا الاتفاقُ "البريطانى- البلجيكى"؛ فوقّع ذلك الاتفاق فى 23نوفمبر 1934 بين بريطانيا نيابة عن تنزانيا، وبين بلجيكا، التى نابت عن رواندا وبوروندى، بشأن المياه بنهر «كاجيرا»- أحد منابع نهر النِّيل الاستوائية-، بصفته أحد روافد بحيرة فيكتوريا.

ونَصَّ هذا الاتفاقُ على تعهُّد كل من بريطانيا وبلجيكا‏,‏ إذا ما قامت بتحويل أىّ كميات من مياه نهر «كاجيرا»- فى المنطقة الواقعة داخل حدود تنزانيا، رواندا، وبوروندى-، بغرض توليد الكهرباء‏,‏ بأن تعُيد هذه الكمية دون أى نقصان محسوس إلى مجرَى النهر عند نقطة مُعينة قبل أن يدخل النهر حدودَ الدولة الأخرى.

أى أن الاتفاقية أباحت سَحْبَ المياه بغرض توليد الكهرباء، بشرط إعادتها مرّة أخرى إلى مجرَى النهر، بعد تحقيق هذا الغرض، للحفاظ على تدفق المياه إلى باقى دول الحوض.‏

وتبادلت الدولة المصرية عدة مذكرات مع بريطانيا فى الفترة الممتدة بين عامَى «1949 - 1953»؛ حيث استمرت بعد ثورة يوليو 1952. وكانت هذه المذكرات المتبادلة بشأن إقامة خزّان على مَخرج بحيرة فيكتوريا بأوغندا، بغرض إنشاء محطة توليد كهرباء من شلالات «أوين» فى الدولة نفسها.

ونَصَّ مضمون تلك المذكرات بشكل واضح على احترام أوغندا حقوق مصر التاريخية فى مياه النّيل، والاقتسام السابق أو الاستخدامات السابقة، والتأكُّد من أن تشغيل المحطة لن يؤثر على كمية المياه المتدفقة لمجرى النهر، التى تصل إلى مصر، أو يؤثّر على تاريخ وصولها للحدود المصريّة، أو يُخفّض منسوبها على نحو يضر بمصالح مصر.

فضلًا عن عدم المساس بمصالح مصر المقررة وفقًا لاتفاق ‏1929،‏ وعدم تأثير أىّ أعمال تقوم بها محطة كهرباء أوغندا على تدفُّق المياه المارة عبر الخزّان. ‏

وتحمّلت الدولة المصرية جزءًا من تكاليف إقامة السد، مقابل ما ستحصل عليه من نصيب فى المياه المُخزّنة داخل الخزّان.

وهو ما أوضحته مذكرة للخارجية المصرية مؤرّخة فى فبراير 1949، جاءت ردّا على مذكرة بريطانية بتاريخ 15يناير من العام نفسه، ذُكر فى مضمونها: «لمّا كانت سياسة الرى المصرية تقوم على أساس عدة مشروعات للتحكّم فى مياه النّيل، تشمل من بينها التخزين السنوى، وتكوين احتياطى فى بحيرة فيكتوريا؛ فإنه يبدو بالتالى أنه من المصلحة المتبادلة لكل من مصر وأوغندا أن تتعاونا فى بناء الخزان عند مَخارج البحيرة لأغراض الرى فى مصر، وتوليد الكهرباء لصالح أوغندا".

حصة مصر

استندت اتفاقية 1959 إلى مبدأ الحق فى الحصول على حصة عادلة من مياه النهر، تناسب احتياجات الشعب المصرى، وخطط التنمية، والمشروعات الجديدة، التى على رأسها مشروع السد العالى بأسوان.

وحددت تلك الاتفاقية للمرّة الأولى حصة محددة لمصر من مياه النيل، قُدّرت بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويًّا.

ووُقّعت هذه الاتفاقية بالقاهرة، فى الثامن من نوفمبر 1959، بين دولتَى مصر والسودان، وجاءت مُكمّلة لاتفاقية عام 1929، وليست لاغية لها.

 وتضمّنت عدةَ مَحاور أساسية، تمثّلت فى التأكيد على حقوق البلدين التاريخية من مياه النّيل، عدم الإضرار بحقوق دول حوض النّيل، وتنظيم مشروعات ضبط مياه النِّيل وتوزيع فوائدها فى ظل المُتغيّرات الجديدة التى ظهرت على الساحة وقتها، وهو الرغبة فى إنشاء السد العالى، ومشروعات أعالى النِّيل لزيادة إيراد النهر، وإقامة عدد من الخزانات فى أسوان، واستغلال المياه المُهدَرة بطول مجرى النهر؛ خصوصًا عند منطقة المستنقعات السودانية، والتعاون الفنى بين مصر والسودان.

وحددت الاتفاقية حق مصر المكتسب من مياه النِّيل الواصلة عند أسوان بعد تجاوُز النهرُ حدودَ السودان، بنحو 48 مليار متر مكعب سنويًّا «قبل احتساب الحصة الزائدة التى من المفترض أن تضيفها مشروعات ضبط مياه النيل»، مقابل أربعة مليارات متر مكعب كحق تاريخى مكتسب لدولة السودان- قبل إضافة الحصة الزائدة من مشروعات الضبط.

ووافقت الاتفاقية على قيام مصر بإنشاء مشروع السد العالى بأسوان لضبط وحفظ مياه النيل، على أن يوزّع صافى فوائد السد المُقدّرة بـ 22 مليار متر مكعب، بين مصر والسودان؛ فتحصل السودان منها على 14.5 مليار متر مكعب، مقابل 7.5 مليارات لمصر.

 وبذلك يصبح النصيب الكلى لمصر وحصتها الإجمالية من مياه النِّيل 55.5 مليار متر مكعب سنويًّا (حق تاريخى 48 مليار+ نصيب مكتسب 7.5 مليار)، بينما بلغت حصة السودان الإجماليّة 18.5 مليار متر مكعب. على أن توزّع أى زيادة فى إيراد النِّيل مناصفة بين الدولتين.

كما وافقت الاتفاقية على قيام السودان بإنشاء سد الرصيرص على مجرى النِّيل الأزرق، وأىّ أعمال أخرى، تراها السودان لازمة لاستغلال نصيبها دون الإضرار بحصة مصر.

ونصّت الاتفاقية على سداد الدولة المصرية تعويضًا شاملًا عن الأضرار التى تلحق بالممتلكات السودانية نتيجة التخزين فى السد العالى لمنسوب 182 مترًا، قُدّر بـ15 مليون جنيه مصرى، مقابل التزام السودان بترحيل سُكّان حلفا، وغيرهم من السُّكّان السودانيين المضارين من غمر أراضيهم بمياه التخزين خلف السد. 

مصالح مشتركة

‏نَصَّ اتفاقُ مصر وإثيوبيا عام ‏1993 على امتناع الطرفين عن القيام بأىّ نشاط يتعلق بمياه النِّيل يمكن أن يضر على نحو محسوس بمصالح الطرف الآخر‏,‏ بما يعنى أن هذا الاتفاق يؤكد بوضوح وبما لا يدع مجالًا للشك حماية الاستخدامات السابقة لكل من مصر وإثيوبيا‏.‏

 كما أكد هذا الاتفاق ضرورة حماية مياه النِّيل والحفاظ عليها، والتعاون والتشاور بخصوص المشروعات المشتركة، وبما يساعد على تعزيز مستوى تدفق المياه وتقليل الفاقد منها‏.‏

واقترحت مصر فكرة مبادرة دول حوض النِّيل فى عام 1997، وفى العام نفسه؛ أنشأت دول حوض النِّيل منتدى للحوار من أجل الوصول لأفضل آلية مشتركة للتعاون فيما بينهم.

واجتمع ممثلو الدول سنة 1998، باستثناء إريتريا؛ لمناقشة تلك الآلية، وهى الاجتماعات التى مهّدت إلى توقيع الاتفاقية بالأحرف الأولى، وبشكل رسمى فى فبراير 1999، فى اجتماع ضمَّ وزراء المياه لدول الحوض بمدينة أروشا فى تنزانيا. وفُعّلت الاتفاقية فى مايو من العام نفسه.

ويتمثّل الهدف العام من الاتفاقية فى تحقيق التنمية والحماية والحوار حول إدارة موارد نهر النِّيل وموارده وإنشاء مؤسّسة كآلية للتعاون بين دول حوض النيل.

وصيغت الاتفاقية فى 13 بندًا، ما يهمنا فى هذا العرض البند الرابع الذى يتعلّق بـ الانتفاع المنصف والمعقول لمياه النيل، والبند الخامس الذى نَصَّ على الالتزام بعدم التسبب فى ضرر جسيم لأى من دول المبادرة.

وذكرت المادة الأولى من البند الخامس أن «على دول المبادرة أن تستخدم الموارد المائية لمنظومة نهر النِّيل داخل أراضيها، آخذة فى الاعتبار عدم تسبيب الأضرار الجسيمة لدول الحوض الأخرى».

وجاء نَصُّ المادة الثانية «فى حالة إحداث دولة من دول المبادرة لضرر كبير بدولة أخرى من دول المبادرة وفى غياب الاتفاق على هذا الاستخدام عليها اتخاذ جميع التدابير اللازمة آخذة فى الاعتبار الأحكام الواردة فى المادة 4، وذلك بالتشاور مع الدولة المتضررة من أجل إزالة الضرر أو تخفيفه وعند الاقتضاء مناقشة التعويض". 

قضية مصيرية

تحاول بعض دول حوض النِّيل منذ سنوات الانتقاص من الحقوق التاريخية لمصر من مياه النيل، التى تعتبر قضية مصيرية للدولة المصرية.

وبدأت تلك المحاولات بالتشكيك فى شرعية الاتفاقيات التى أقرّت الحق المصرى فى المياه، بدعوى أنها وُقّعت أثناء وقوع تلك الدول تحت الاستعمار الأجنبى؛ وبالتالى فهى غير مُلزمة لها!!

ومثال على ذلك ما أعلنته بعض دول المنابع الاستوائية مثل تنزانيا، أوغندا، وكينا، فى ستينيات القرن الماضى، من عدم التزامها بما وُرد فى اتفاقية 1929. 

وأعلنت إثيوبيا فى فبراير 1956 عن أنها سوف تحتفظ لنفسها بحق استخدام الموارد المائية من منابع النِّيل الاستوائيّة، دون النظر لاستخدامات دولتى المصب مصر والسودان. كما أنها تحفّظت على إبرام اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، ووجّهت وقتها نقدًا لاذعًا للسودان للموافقة على توقيع تلك الاتفاقية. واتضح أيضًا موقف إثيوبيا أثناء انعقاد قمة لاجوس عام 1980، حينما ادّعت بأنه "لا يوجد حتى الآن اتفاقيات دولية بشأن توزيع حصص المياه بين دول الحوض".

وفى عام 1981؛ قدّمت إثيوبيا مذكرة أمام مؤتمر الأمم المتحدة للدول الأقل نموًّا، تتضمّن 40 مشروعًا مقترحًا، يقع أغلبها على حوض النِّيل الأزرق، ونهر السوباط، معلنة عن أنها ستمضى فى تنفيذ تلك المشروعات بشكل منفرد، فى حالة عدم الاتفاق عليها من باقى دول الحوض.

ومع المتغيرات السياسية والاقتصادية؛ اتجهت بعض دول المنبع، وعلى رأسها إثيوبيا إلى تغيير أسلوبها من استخدام المياه، بإقامة مشروعات جديدة على المجارى المائية المُغذّية للنهر؛ لخدمة خطط التنمية لديها، وهى المشروعات التى تؤثّر بالسلب على تدفق المياه، وبالتالى الانتقاص من الحقوق التاريخية لمصر والسودان فى مياه النيل.

ونقضت بعض دول المنبع تلك الاتفاقيات على أرض الواقع، عن طريق إنشاء مشروعات على النهر، من دون الإخطار المُسبّق لمصر والسودان.

ومثال لذلك تشييد إثيوبيا سدود «تكزى» على نهر عطبرة، و«فينشا»، «تانا بيليس»، وأخيرًا «سد النهضة» على النِّيل الأزرق. وأقامت تنزانيا مشروع «شين يانجا» لنقل المياه من بحيرة فيكتوريا إلى شمال غرب تنزانيا، وتعمل أوغندا منذ سنوات على إقامة منشآت جديدة على النّيل الأبيض، ومنها سد «بوجا غالى»، الذى افتتح، فى أكتوبر عام 2012. 

ويمكن القول إن كرة الثلج بدأت فى التضخُّم عامًا بعد آخر بسبب إصرار دول المنبع على عدم الاعتراف بالحقوق التاريخية لدولتَى المصب، مع تمسُّك مصر والسودان فى المقابل بحقوقيهما فى مياه النِّيل التى أقرّتها الأعراف الدولية؛ فتعقدت مفاوضات حوض النيل، وتجلّى ذلك فى فشل اجتماع كينشاسا، فى مايو 2009، وتعثُّر الاجتماعات التى عُقدت بعدها فى الإسكندرية، وشرم الشيخ؛ للوصول إلى حلول مُرضية لجميع الأطراف.

وبعد انهيار المفاوضات، قامت دول إثيوبيا، تنزانيا، أوغندا، ورواندا، فى 14مايو 2010، بالتوقيع على «اتفاقية عنتيبى»، التى صعّدت من حدة الخلاف، ولحقت بهم كينيا فى 20مايو من العام نفسه، ثم بوروندى فى فبراير 2011. وعلى إثر ذلك؛ احتجت مصر والسودان على الاتفاقية، وأعلنتا تجميد عضويتهما من مبادرة دول حوض النّيل، واستمرَّ ذلك التجميد لمدة سبع سنوات، حتى استأنفت المفاوضات، التى لاتزال مُتعثرة إلى الآن.

تجاهُل الاتفاقيات

تكْمُن نقاط الخلاف الرئيسية فى تجاهُل النصَّ على حصة مصر التاريخية فى مياه النِّيل المنصوص عليها فى اتفاقية 1959؛ حيث ترى دول الحوض الموقّعة على «اتفاقية عنتيبى» أن اتفاقية 1959 وُقّعت بين مصر والسودان منفردتين، لذلك فهى غير مُلزمة لهم.

فضلًا عن رفض «اتفاقية عنتيبى» الاعتراف بحق اعتراض مصر على إقامة أىّ أعمال على طول مجرى النهر بغير موافقتها، والإخطار المُسبّق لها بتلك الأعمال وفقًا لبنود اتفاقية 1929.

ولذلك اشترطت مصرُ للتوقيع على الاتفاقية ثلاثة تعديلات، أولها أن تتضمن الاتفاقية فى البنود رقم 14 ب الخاص بالأمن المائى؛ نصّا صريحًا يضمن عدم المساس بحصة مصر فى مياه النيل.

والثانى: تضمُّن البند رقم 8 من الاتفاق، الخاص بالإخطار المُسبّق عن أىّ مشروعات تقوم بها دول المنبع، اتباع إجراءات البنك الدولى فى هذا الشأن صراحة، على أن تُدرج فى نص الاتفاقية وليس فى الملاحق الخاصة بها؛ والثالث: تعديل البند رقم 34أ و34ب، بحيث تكون جميع القرارات الخاصة بتعديل أىّ من بنود الاتفاقية بالإجماع وليس بالأغلبية, وفى حالة التمسُّك بالأغلبية؛ فيجب أن تشمل الأغلبية دولتَى المصب مصر والسودان؛ لتجنب عدم انقسام دول حوض النِّيل ما بين دول المنابع التى تشمل الأغلبية، ودولتَى المصب التى تُمثّل الأقليّة. 

وتمسّكت مصرُ خلال جميع مراحل التفاوُض على الاتفاق بضرورة عدم مساس هذا الاتفاق الجديد بالاتفاقيات السارية.

وأعلنت وزارة الموارد المائية والرى المصرية، رفض التوقيع على الإطار القانونى والمؤسّسى لمبادرة حوض النِّيل إلا بعد تحقيق ثلاثة شروط، وهى:

أولًا: نص صريح يضمن عدم المساس بحصة مصر من مياه النِّيل وحقوقها التاريخية.

ثانيًا: الإخطار المُسبّق عن أىّ مشروعات تقوم بها دول أعالى النيل, واتباع إجراءات البنك الدولى فى هذا الشأن.

ثالثًا: ضرورة أن يكون تعديل الاتفاق والمَلاحق بالإجماع وليس بالأغلبية, وفى حالة الأغلبية يجب أن تشمل دولتى المصب "مصر والسودان". 

واقترحت دول المنابع وضع مادة الأمن المائى فى مُلحق الاتفاقية، وإعادة صياغته بما يضمن توافق دول الحوض حوله خلال ستة أشهُر من تاريخ توقيع الاتفاقية، وإنشاء هيئة حوض النِّيل المفترضة.

وأقرت الأعرافُ والقوانين الدوليّة مبدأ الحقوق التاريخية للدول المتشاطئة فى مياه الأنهار الدوليّة. ويُعتبر العُرف أحد المصادر المُهمّة للقانون الدولى العام. والعُرف هنا يعنى تكرار دولة ما لتصرفات دولية لفترة طويلة بشكل يجعله واقعًا متواترًا، وهو ما ينطبق على استخدامات الدولة المصريّة من مياه النِّيل طوال تاريخها، التى بلغت ما يُقدّر بـ 55.5 مليار متر مكعب سنويًّا.

وأقرّت «قواعد هلسنكى»، وهى قواعد استرشادية تحظى باحترام المجتمع الدولى وضعتها جمعية القانون الدولى بمؤتمر عُقد عام 1966؛ مبدأ الحقوق التاريخية فى حصص الأنهار؛ فنصَّ أحد بنودها على الالتزام بـ "الحجم السابق لاستغلال المياه مقارن بالحجم الحالى، ونصيب كل دولة قبل قيام النزاع"؛ بما يعنى الحقوق التاريخية المتمثلة فى حجم المياه السابق استخدامها سواء فى الماضى أو الحاضر.

وأكّدت المواثيق الدوليّة على الاتفاقيات التى أقرّت الحقوق التاريخية بمياه النيل، التى ترفضها بعض دول حوض النيل، بدعوى أنها وضعت فى فترة الاستعمار الأجنبى؛ حيث إنها فى الأساس اتفاقيات حدودية سارية، وغير قابلة للإلغاء.

ومن بين هذه المواثيق؛ اتفاقية «فيينّا» لعام 1978 بشأن التوارُث الدولى للمعاهدات الدولية، التى نصّت فى المادة 12 منها على أن "التوارُث بين الدول لا يؤثّر على الحقوق والالتزامات المتعلّقة باستخدام الأراضى، التى تكون قد نشأت بمقتضى معاهدة لصالح أى إقليم يتبع دولة أجنبية"، ويدخل فى مضمون تلك المادة الاتفاقيات الحدودية سالفة الذكر. 

أمّا اتفاقية 1902، التى ترفضها إثيوبيا للحجة نفسها؛ فقد وقّع عليها الإمبراطور منليك، ملك الحبشة وقتها، وكانت دولة تتمتع بالاستقلال، وليست تحت سيطرة الاستعمار الأجنبى، ما يَعنى أنها اتفاقية سارية.

كما أن أوغندا اعترفت فى خطابات رسمية متبادلة بينها وبين الحكومة المصرية عام 1991، بشرعية المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر، بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا بين عامَى‏ 1949-1953، وبالتالى لا يجوز لها التشكيك فى إلزامية تلك الخطابات لها. 

وتشير وثائق تاريخية إلى أن الدولة المصرية أثناء سيطرتها على أجزاء كبيرة من قارة إفريقيا بالقرن التاسع عشر، تنازلت عن العديد من أراضيها وممتلكاتها، ومنحتها لبعض دول المنابع، فى مقابل الحفاظ على حقوقها التاريخية من مياه نهر النّيل.

وكانت حدود مديرية خط الاستواء التابعة لمصر حينها، تمتدُّ على ساحل النِّيل من منبعه ببحيرة ألبرت، إلى ما وراء «لادو»، وجنوب بحيرة فيكتوريا بنحو 50 ميلًا.

 

 

 

 

 

يوميات التعنت الإثيوبى (1)

وساطة أمريكية

 

- أبدتْ الولاياتُ المتحدة الأمريكية استعدادَها للوساطة بين الدول الثلاث  "مصر والسودان وإثيوبيا" لإيجاد مَخرج للأزمة يُرضى كل الأطراف.

- وبدأت أولى جولات المباحثات برعاية أمريكية، بواشنطن، فى السادس من نوفمبر 2019، بحضور ممثلى البنك الدولى، والدول الثلاث.

- انتهَى الاجتماع بوضع خارطة طريق توافقية، تضمّنت عقد أربعة اجتماعات فنية، يتخللها اجتماعان بواشنطن.

وحتى نهاية 2019؛ عقدت ثلاثة اجتماعات بإثيوبيا ثم مصر؛ فالسودان، تخللها اجتماعٌ بواشنطن.

- واستضافت أديس أبابا الاجتماع الفنى الرابع، فى 8يناير 2020، وهو الاجتماع الذى أثار ردود فعل غاضبة من الدولة المصرية، على خلفية ادعاءات إثيوبية زعمت أن مصر قدّمت مقترحًا بملء السد خلال فترة تتراوح ما بين 12 إلى 21 عامًا، وأعلنت عن رفضها هذا المقترح بكل تفاصيله. 

- وفندت الدولة المصرية المزاعم الإثيوبية ووصفتها بالمغالطات المرفوضة جملة وتفصيلًا، والتضليل المتعمّد وتشويه الحقائق. - وأرجعتْ مصرُ سبب تعثُّر المفاوضات إلى ما وصفته بـ«تعنت إثيوبيا وتبنيها لمواقف مُغالى فيها، تكشف عن نيتها فى فرض الأمر الواقع، وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل سد النهضة دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب".

يوميات التعنت الإثيوبى (2)

هروب أديس أبابا

 

- واصلتْ الدول الثلاث المفاوضات برعاية أمريكية، ومشاركة البنك الدولى، وبَعد جولة استمرّت من 28 إلى 31 يناير 2020، بالعاصمة الأمريكية؛ اتفقت جميع الأطراف على وثيقة اتفاق مبدئية؛ فكُلفت اللجان الفنية والقانونية بمواصلة الاجتماعات بواشنطن لوضع الصيغة النهائية للاتفاق؛ تمهيدًا لتوقيعه، وإقراره بشكل نهائى، بنهاية فبراير 2020.   

- وتضمّن الاتفاق بعض المحاور الأساسية، أبرزها وضعُ جدول زمنى لخطة ملء سد النهضة على مراحل، تحديد آليات لعملية الملء والتشغيل فى حالات الجفاف، والجفاف الممتد.

- وتواصلت اجتماعات اللجان الفنية والقانونية لصياغة الاتفاق، تبعتها جولة مفاوضات جديدة بواشنطن، فى 12فبراير الماضى؛ لوضع اللمسات الأخيرة للاتفاق النهائى.

- وفى 22 من الشهر نفسه؛ أكّد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى لقاء مع هيلا ديسالين، رئيس وزراء إثيوبيا السابق والمبعوث الخاص لرئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد، عن التزام مصر بالسعى نحو إنجاح مفاوضات واشنطن.

- ومع اقتراب الخطوة الأخيرة فى مشوار مفاوضات واشنطن التى بدأت من نوفمبر 2019؛ صدمت إثيوبيا الجميعَ بتغيُّبها عن جولة المباحثات الجديدة بالعاصمة الأمريكية، يومَى 27 و28فبراير الماضى.

- وبررت أديس أبابا موقفَها من الجولة الأخيرة لمفاوضات واشنطن؛ بأنها تحتاج لمزيد من الوقت لدراسة الأمر.

- إزاء ذلك؛ أعربتْ مصرُ عن استيائها من الموقف الإثيوبى، واعتبرته هروبًا مُتعمّدًا، وتنصُّلًا واضحًا من التزاماتها السابقة المقررة فى إعلان المبادئ.

يوميات التعنت الإثيوبى (3)

استفزاز ممنهج

 

- على ضوء الموقف الإثيوبى؛ تجمّدت المفاوضات حول سد النهضة، إلى أن دعت السودان، فى مايو الماضى، إلى استئناف المباحثات من جديد برعاية أمريكا، والبنك الدولى.

- وفى 9يونيو الماضى؛ عُقد اجتماع جديد استجابة لدعوة السودان، بحضور مراقبين من أمريكا والاتحاد الأوروبى، وجنوب إفريقيا، بصفتها الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقى.

- وأكّدت مصرُ على موقفها بمطالبة إثيوبيا بعدم اتخاذ إجراءات أحادية لملء السد قبل التوصل لاتفاق مُرضى، وأن تكون مرجعية المفاوضات وثيقة واشنطن، التى أعدت فى فبراير الماضى.

- وعادت إثيوبيا مرّة أخرى لعرقلة المباحثات؛ فتقدّمت فى اجتماع عُقد، 11يونيو الماضى، بورقة تضمّنت رؤيتها حول عملية ملء وتشغيل السد، وهى الورقة التى تحفّظت عليها مصر والسودان.

- وصفت مصرُ الورقة الإثيوبية بأنها "مثيرة للقلق"، وتُمثّل "تراجُعًا كاملًا عن المبادئ والقواعد التى سبق أن توافقت عليها الدول الثلاث فى مفاوضات واشنطن".

- ونصّت الورقة الإثيوبية على حقها المُطلق فى تغيير وتعديل قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بشكل أحادى، على ضوء مُعدّلات توليد الكهرباء من السد، ولتلبية احتياجاتها المائية.

يوميات التعنت الإثيوبى (4)

مجلس الأمن

 

- صعّدتْ إثيوبيا من مواقفها الاستفزازية، وأعلنت، فى 19 يونيو الماضى، عن أنها ستمضى قُدُمًا، وستبدأ فى ملء خزّان السد حتى دون اتفاق.

- وإزاء هذا التصعيد؛ ردّت الدولة المصرية بتقديم طلب لمجلس الأمن بالأمم المتحدة حول أزمة السد، باعتبارها قضية مصيرية تهدد السلم الإقليمى.

- استند خطابُ مصر إلى مجلس الأمن للمادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة، التى تجيز للدول الأعضاء تنبيه المجلس إلى أى أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين.

- وفيما وصف بأنه "انتصارٌ دبلوماسىٌّ لمصر"؛ استجاب مجلس الأمن للطلب المصرى، وعَقد، فى 30 يونيو، أولى جلساته لمناقشة القضية، بحضور ممثلى الدول الثلاث. 

- وصفت مصرُ تشغيل السد بشكل أحادى، ومن دون اتفاق قانونى ملزم بأنه "خطرٌ وجودىٌّ" على مصر.

- واعترضتْ مصرُ على كلمة مندوب إثيوبيا بالمجلس، الذى طالب بإحالة المسألة إلى الاتحاد الإفريقى، ما ترجمته مصر على أنه مزيدٌ من التماطل المُعتاد.

- وأعلنت الدول العربية دعمَها للدولة المصرية فى أزمة سد النهضة، من خلال اجتماع الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية، التى عُقدت، فى 23 يونيو الماضى.

 

يوميات التعنت الإثيوبى (5)

وساطة إفريقية

 

- شارك الرئيسُ عبدالفتاح السيسى فى فعاليات القمة الإفريقية المُصغّرة حول سد النهضة فى 26يونيو الماضى.

- وقرّر البيانُ الختامى للقمة تشكيل لجنة حكومية من الخبراء القانونيين والفنيين من الدول الثلاث، وممثلى هيئة مكتب الاتحاد الإفريقى، والجهات الدولية المراقبة للعملية التفاوضية، تشرف على وضع اتفاق قانونى نهائى مُلزم لجميع الأطراف. 

- واستأنفت المفاوضاتُ مرّة أخرى، فى الثالث من يوليو الماضى، بعَقد اجتماع جديد، بوساطة إفريقية، وبرئاسة جنوب إفريقيا، التى تتولى رئاسة الاتحاد الإفريقى. 

- ورُغم تصريحات أديس أبابا المُستفزة لمصر، وتعنت إثيوبيا؛ فإنه إلى الآن لاتزال القضية على مائدة التفاوض؛ فتواصل اللجانُ الفنية والقانونية اجتماعاتها. 

- وقدّمت الدولة المصريّة خلال سلسلة من الاجتماعات عُقدت، يوليو الماضى، بدائل وصياغات عدة للنقاط الخلافية؛ وهى البدائل التى وعدت إثيوبيا بدراستها.

- وفى 15يوليو الماضى؛ أثارت تصريحات نُسبت إلى سيليشى بيقلى، وزير الرى الإثيوبى، حول بدء بلاده فى ملء بحيرة السد، حالة من الجدل؛ خصوصًا بعد تداوُل صور عبْر الأقمار الصناعية لتجمع مائى خلف السد.

- وجاء ذلك مع تأكيدات لوزارة الرى السودانية بتراجُع منسوب مياه النيل الأزرق فى المنطقة الحدودية مع إثيوبيا، ما يدل على غلق بوابات سد النهضة، وبدء عمليات الملء الأولى.

- ونفى الوزير الإثيوبى قيام بلاده ببدء ملء السد، مشيرًا إلى أن الصور المنشورة تظهر تجمعات المياه أمام السد نتيجة زيادة كميات الأمطار خلال هذه الفترة من العام.

- وإلى هنا يبقى التعنُّت الإثيوبى هو السائد فى مسار مفاوضات امتد إلى نحو 9 سنوات، وسط تخوّفات من اتخاذ أديس أبابا قرارًا أحاديّا بملء السد، ما يَعنى تصعيد الأزمة، ودخولها منعطفًا أكثر خطورة.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق