الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أزمة السد عند مفترق الطرق

أزمة السد عند مفترق الطرق

شهدتْ أزمة سد النهضة منذ وضْع إثيوبيا لحَجَر أساسه فى بدايات إبريل 2011، فى تصرُّف منفرد من دون إخطار أو تشاوُر مع دولتَى المَصَب، عدة جولات وصولات من المفاوضات الفاشلة نتيجة لتعنت إثيوبى واضح بهدف إهدار الوقت والانتهاء من بناء السد وفرض الأمر الواقع على الجميع؛ خصوصًا مصر. 



عَشَر سنوات من المراوغات الإثيوبية والصبر المصرى الشديد أملًا فى إيجاد حلّ سلمى لهذه الأزمة وبما يحافظ على الأمن المائى المصرى.

خلال تلك المدة حاولت أديس بابا تحقيق عدة نقاط فى صراعها مع مصر حول هذه الأزمة، منها:

1 - الهروب حتى الآن من أى التزام قانونى نحو دولتَى المَصَب، باستثناء إعلان المبادئ.

2 - تصعيد الخلافات تدريجيّا حتى مُنتهاه، فاليوم تطالب إثيوبيا بحصة من النيل الأزرق.

3 - نقل الصراع من المَظلة الدولية (مجلس الأمن) الى الاتحاد الإفريقى الداعم لها نسبيّا بما فى ذلك الدعوة لاجتماع رئاسى مصغر للاتحاد الإفريقى، رُغم فشل المفاوضات التى تمت بين الخبراء والوزراء، وذلك بدلًا من عودة الملف لمجلس الأمن.

4 - بدء ملء المرحلة الأولى للتخزين فى إطار من عدم الشفافية والمراوغة.

من ناحية أخرى وفى الغرب نجد أن مصر تقف بجوار الشعب الليبى فى مواجهة الجيش التركى بمُعداته وبوارجه ومعه عشرات الآلاف من الإسلاميين المتطرفين المرتزقة من سوريا واليمن وغيرهما. 

وفى التوقيت نفسه نرى نائب رئيس الوزراء الإثيوبى يذهب إلى تركيا ليجتمع مع وزير خارجيتها للتنسيق والتدبر وتوحيد الجهود، وقطر تدعم جميع الجبهات المضادة لمصر ماديّا وإعلاميّا.. هذه هى الصورة الحقيقية لما يدور معنا وحولنا من دون أى إضافات أو رتوش.

 وهناك من يدعم تركيا وإثيوبيا إقليميّا وعالميّا، ومن دون جهد يُذكر فى التفكير أو التخمين، هم القوى نفسها التى دعمت وموّلت ما يُسمى بالربيع العربى، وحتى نفس الميليشيات.

والهدف واضح وهو استكمال مخطط إعادة تقسيم المنطقة العربية بعد القضاء على ما تبقى من جيوش عربية، واستغلالًا لرغبة تركيا أو إردوغان شخصيّا فى استعادة الدولة العثمانية، ورغبة إثيوبيا فى تغيير موازين القوى فى شرق إفريقيا، وليكون هناك متنفسٌ للميليشيات الإسلامية بعد دحرها فى عدة دول.

المعركة الليبية مقبلة لا محالة، إلّا إذا تراجعت قوى كبرى عن دعمها لتركيا، وقد قامت مصر كما نشاهد بإعداد المسرح جيدًا، سواءً سياسيّا أوعسكريّا. 

والقوى الدولية المعادية تحاول تشتيتنا بالاتجاه جنوبًا فى الوقت نفسه لإضعاف جبهتنا الغربية.. وليس مستبعدًا أيضًا قيام بعض الجماعات الإرهابية بعمليات فى مصر للتأثير على الجبهة الداخلية، فكل هذه الجماعات فى بوتقة واحدة ومصادر التمويل والأهداف متشابكة تشابكًا كبيرًا.

 وفى ظل هذه الأوضاع، اتصل رئيس جنوب إفريقيا بالرئيس عبدالفتاح السيسى لأخذ موافقته على عَقد قمة إفريقية مصغرة لمناقشة أزمة سد النهضة، ووافق الرئيس السيسى على انعقادها بشرط عدم قيام أىّ من أطراف النزاع بعمل انفرادى (أى عدم قيام إثيوبيا بالبدء فى ملء السد).

 وهدف القبول المصرى فى رأيى هو محاولة التوصل إلى اتفاق عادل لأزمة يحفظ لمصر أمنها المائى.

وهناك عدة ملاحظات على اجتماعات الاتحاد الإفريقى الأخيرة الخاصة بمفاوضات سد النهضة، قد تكون أدت إلى بعض أسباب فشلها، نذكر منها ما يلى:

1 - رفض إثيوبيا للاتفاقيات التاريخية ووصفها بالاستعمارية وبحضور خبراء ومراقبين يكتفون بأخذ ملاحظات ولا يتدخلون فى حالة مخالفة أصول وأسُس القانون الدولى.

2 - استهلاك معظم الوقت فى إطلاع المراقبين والخبراء على مشاكل التفاوض من دون قيامهم بأى تدخُّل مفيد فى التفاوض للتوجيه للمسار الصحيح.  

3 - رُغم النص صراحة بأنّ الاتفاقية المزعمة لوضع قواعد ملء وتشغيل سد النهضة بهدف عدم الإضرار الجسيم لدولتى المَصَب وأنّها ليست للمحاصصة المائية؛ فإنّ المحاصصة وحق إثيوبيا فى مشاريع مستقبلية على النيل الأزرق كانت لب المفاوضات. 

4 - من الخبراء مَن ينتسبون لدول منبع النيل وشاركوا فى مفاوضات اتفاقية عنتيبى، وكان يجب عدم اختيارهم لاحتمال انحيازهم إلى الجانب الإثيوبى.

وتصر مصر على اتفاق قانونى مُلزم لجميع الأطراف، وبما يضمن اللجوء للقضاء فى حالة نشوب نزاع.

 أمّا المتضرر من اتفاقيات سابقة أو لاحقة فعليه اللجوء إلى القضاء، وهو الحَكم الفيصل بين الجميع.

أمّا البدائل المصرية الأخرى فهى معروفة للجميع وقد يكون الوقت المناسب لم يحن بعد للتطرُّق حولها.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق