الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هندسة الأمراض فى وكالات الاستخبارات؟!

 هل تعتقد أن ظهور فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" هو فيروس مُصَنع بيولوجيّا، أمْ أننا دائمًا نتبنى فكر المؤامرة؛ فالأوبئة موجودة وحصدت الملايين منذ آلاف السنين مثل الطاعون والجدرى والكوليرا وغيرها؟



 

وإذا كانت الأوبئة موجودة منذ آلاف السنين، فإن استخدامها كسلاح بيولوجى أيضًا موجود منذ آلاف السنين.

 

كما تقول الأسطورة ففى عام 184ق.م  استعمل "هانيبعل" الثعابين كسلاح، وذلك عندما ألقى أكياسًا مملوءة بالثعابين على سُفن الأعداء، ما أدى إلى ذعر البحارة وارتباكهم وبالتالى هزيمتهم.

 

وفيما بعد، فى عام 1763 استخدم المهاجرون الأوروبيون إلى أمريكا بعد اكتشافها، السلاح البيولوجى؛ للتخلص من الأعداد الكبيرة من الهنود الحمر أصحاب الأرض الأصليين، وذلك عن طريق نشر الأمراض غير المعروفة هناك، التى لا توجد مناعة طبيعية لدى الهنود الحمر ضدها.

 

وقد كان لمرض الجُدرى دورٌ رئيسىٌ فى القضاء على الأغلبية الكبيرة للهنود الحمر آنذاك؛ حيث تم إرسال مناديل وأغطية مجلوبة من مستشفى العَزل لمرضى مصابين بالجُدرى، كهدايا إلى رؤساء القبائل الهندية فكانت النتيجة، أن انتشر ذلك المرض بين الهنود وفتك بهم.

 

حرب الهنود

 

الأسلحة البيولوجية استخدمت أيضًا خلال الحرب الأهلية الأمريكية عام 1863، من خلال تلويث الأنهار والبحيرات بجثث الحيوانات الميتة المصابة بالأمراض المُعدية والفتاكة، وكبّد ذلك الأمر الأطراف المتحاربة خسائر فادحة.

 

وبعد الحرب العالمية الثانية وخلال الفترة بين 1936-1946  بدأت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية فى إنشاء المختبرات والمراكز اللازمة لتحضير أنواع مختلفة من الجراثيم والفيروسات الصالحة للاستخدام كأسلحة بيولوجية؛ حيث إن ألمانيا قد ركزت اهتمامها على السلاح الكيميائى، أمّا اليابان فقد كانت مهتمة بالسلاح البيولوجى.

 

وفى عام 1975 دوَّت فضيحة فى الولايات المتحدة الأمريكية مفادها أن وكالة الاستخبارات المركزية خالفت الأمر الرئاسى الصادر فى العام 1969، الذى أمر بتدمير مخزون الأسلحة البيولوجية فى الولايات المتحدة، فقد احتفظت وكالة الاستخبارات الأمريكية وقتها بكمية كبيرة من مسببات الأمراض والسموم لاستخدامها الخاص، وذلك لمدة 5 سنوات بعد صدور الأمر الرئاسى القاضى بتدميرها.

 

 

 

 

شملت السموم - التى تم تخزينها فى مختبر الجيش فى فورت ديتريك بولاية ماريلاند - الجمرة الخبيثة وبكتيريا السُّل، وفيروسات التهاب الدماغ، والسالمونيلا، وسموم المحار، وفيروس الجُدرى، ومختلف السموم المستخدمة فى الحرب البيولوجية.

 

وفى العام 2001 قال مسئولون فى الإدارة الأمريكية إن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” وضعت خُططا للهندسة الوراثية لصناعة بديل محتمل أكثر قوة من البكتيريا المسببة لمرض الجمرة الخبيثة، وهو سلاح مثالى فى الحروب الجرثومية.

 

وعقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر، وقعت سلسلة من هجمات رسائل الجمرة الخبيثة فى الولايات المتحدة الأمريكية عبر مظاريف ملوثة بالوباء، وأسفرت عن مقتل خمسة أمريكيين ومرض 17 آخرين.

 

وعملت الولايات المتحدة الأمريكية على ربط الجمرة الخبيثة بالعراق كأحد المبررات لتغيير النظام العراقى آنذاك بقيادة صدام حسين، وهو الأمر الذى انتهى بالغزو الأمريكى للعراق عام 2003.

 

الخلطة القاتلة

 

صُنع ترسانة من الأسلحة البيولوجية لا يحتاج إلى أكثر من عشرة آلاف دولار للأجهزة المستخدمة, وحجرة لا تزيد مساحتها على 25 مترًا مربعًا, ولن يستغرق هذا وقتًا طويلًا.

 

 فالخلية البكتيرية التى تنقسم كل 20 دقيقة يمكنها أن تُعطى بليون نسخة خلال 10 ساعات, والزجاجة الصغيرة من هذه البكتيريا تعطى عددًا لا نهائيّا خلال أسبوع واحد ويمكن أن يقضى على نصف سكان الأرض.

 

وقالت دراسة تعود إلى عام 2003 نشرتها المكتبة الوطنية الأمريكية للمعهد الوطنى الطبى للصحة، إنه خلال القرن الماضى، قضى أكثر من 500 مليون شخص بسبب الأمراض المعدية، وعشرات الآلاف من هذه الوفيات نتج عن الإطلاق المتعمد لمسببات الأمراض أو السموم.

 

وتسببت أهوال الحرب العالمية الأولى فى توقيع معظم الدول على بروتوكول جنيف لعام 1925 الذى يحظر استخدام الأسلحة البيولوجية والكيميائية فى الحرب.

 

ومع ذلك؛ فإن اليابان، أحد الأطراف الموقّعة على البروتوكول، انخرطت فى برنامج أبحاث يُعرف باسم "الوحدة 731" ويقع فى "منشوريا"؛ لتطوير وإنتاج واختبار هائل وسرى للأسلحة البيولوجية، وانتهكت المعاهدة عندما استخدمت هذه الأسلحة ضد قوات الحلفاء فى الصين بين عامَى 1937 و1945.

 

وتشير دراسة لمعهد "بوردن" فى واشنطن بعنوان "الجوانب الطبية للحرب الكيميائية والبيولوجية" إلى أن اليابانيين لم يستخدموا الأسلحة البيولوجية فى الصين فحسب، بل قاموا أيضًا بتجربة وقتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص (بما فى ذلك أسرَى الحرب من الحلفاء) فى اختبارات عوامل الحرب البيولوجية ومختلف آليات إيصال الأسلحة البيولوجية.

 

حيث جرّب اليابانيون العوامل المُعدية للطاعون، والجمرة الخبيثة، والتيفوس، والجدرى، والحمى الصفراء، والتوليميا، والتهاب الكبد، والكوليرا، والغرغرينا الغازية، والغدة الدرقية.

 

المثير أن المعهد الذى كال الاتهامات لليابانيين والوحدة 731 لم يُشر من قريب أو بعيد للعفو التام والشامل للأسرَى اليابانيين الذين وقعوا فى يد الأمريكان فى مقابل اطلاعهم على كل أسرار الأبحاث والوحدة 731.. وبعدها بدأت أمريكا فى استخدام العلماء اليابانيين أنفسهم فى تطوير مراكزها البحثية الخاصة بالفيروسات والجراثيم لاستخدامها فى الحروب.

 

وفى السنوات اللاحقة، اعترفت أمريكا بأن لديها القدرة على إنتاج هذه الأسلحة، لكنها نفت استخدامها، ومع ذلك، فقد تقوضت مصداقية واشنطن بسبب رفضها التصديق على بروتوكول جنيف لعام 1925، والاعتراف العام ببرنامجها الخاص بالحرب البيولوجية الهجومية، وبشكوك التعاون مع علماء "الوحدة 731" السابقين.

 

السؤال

 

نعود للسؤال الأصعب.. هل "كورونا" كارثة طبيعية أمْ توليد صناعى؟

 

لاتزال الإجابة لا تسمن ولا تغنى من جوع.. فعمل أجهزة الاستخبارات حول العالم لم يعد يقتصر فقط على جمع المعلومات عن العملاء والجواسيس، أو تتبع الحركات الإرهابية التقليدية أو المتطرفين الأيديولوجيين، بل إن أجهزة الاستخبارات أصبحت أمام واقع جديد يتسم بالتعقيد والتغيير السريع فى طبيعة المخاطر والهجمات وحتى النتائج.

 

الأجهزة الأمنية والاستخباراتية أصبحت فى مواجهة تطوير أنواع جديدة من الأسلحة غير التقليدية، التى تتمثل فى الأسلحة البيولوجية، الإشعاعية، الكيميائية، والنووية.

 

وجدت أجهزة الاستخبارات حول العالم نفسها فى مواجهة هذا النوع الجديد من التهديدات، الذى يشكل خطرًا أكثر من التهديدات الأمنية التقليدية فى حال استخدامه.

 

وكخطوة استباقية لمواجهة هذه التهديدات، قامت أجهزة الاستخبارات بإنشاء وحدات خاصة، تسمى بالوحدات البيولوجية والكيميائية والنووية، هدفها الحصول على المعلومات الحساسة المتعلقة بطبيعة هذه التهديدات، واستباق وتوقع الهجمات البيولوجية والكيميائية والنووية.

 

والسؤال: هل نجحت هذه الوحدات فى الحد من انتشار الفيروسات؟

 

تقرير عن مختبرات بيولوجية سرية للبنتاجون "وزارة الدفاع الأمريكية"، يؤكد فشلها جميعًا.. وتكشف وثائق البنتاجون عن حقائق مروعة حول البرنامج العسكرى للتجارب البيولوجية فى الولايات المتحدة وحول العالم.

 

العلماء العسكريون تحت الغطاء الدبلوماسى يختبرون فيروسات مصطنعة فى مختبرات البنتاجون فى 25 دولة.

 

مئات الآلاف من الناس يصابون بانتظام بالتهابات ويعانون من مسببات الأمراض والأمراض الخطيرة، من بين الدول التى فيها المختبرات جورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وأرمينيا.

 

يتم تمويل برنامج المختبرات الحيوية الأمريكى من قِبَل وكالة عسكرية بموجب برنامج تبلغ ميزانيته 2.1 مليار دولار، ويشمل برنامج التعاون البيولوجى المشترك، مع بلدان من الاتحاد السوفيتى السابق (جورجيا وأوكرانيا) والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وإفريقيا.

 

الخلاصة أنه رُغم التحذيرات المتواصلة للمنظمات الدولية بخصوص الأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية، والتهديدات والمخاطر الملازمة لها فإن أجهزة الاستخبارات حول العالم لاتزال تعانى «نقصًا فادحًا» فى هذا الجانب، فالاستخبارات البيولوجية والكيميائية والنووية بقيت حكرًا على عدة دول.

 

 ولم يسمح فى العديد من الدول بوجود وحدات استخباراتية بيولوجية وكيميائية ونووية مستقلة عن وزارات الدفاع، وحتى تلك الموجودة ضمن الجيوش الوطنية، تكتنفها السرية وندرة المعلومات بشأن الوظائف والمهام التى تقوم بها.

 

لا يزال السؤال عصيّا على إجابة شافية.. لكن دعونى أذكر لكم، أن بيل جيتس  ملياردير الاتصالات الأمريكى توقّع حدوث وباء فيروسى فى الصين وأنه قد يؤدى إلى مقتل 33 مليون شخص فى جميع أنحاء العالم.

 

بيل جيتس حذر من أن العالم مُعَرّض للخطر من مسببات الأمراض المعدية التى تنتشر بسرعة على هذا الكوكب...، ويجب علينا الاستعداد لهذا وكأننا  نستعد للقتال، فهل كانت مجرد تكهنات؟!

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق