إفريقيا بتتكلم مصرى
أحمد إمبابى
احتلت إفريقيا وشواغل واهتمامات دول القارة السمراء أولوية كبرى فى سياسة مصر الخارجية منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية رئيساً للجمهورية فى يونيو 2014.
وأملًا فى استعادة قوة وتأثير الدولة المصرية فى إفريقيا، كانت استراتيجية الدولة التى تقوم على عدة محاور، دبلوماسية وأمنية أو اقتصادية وتنموية.
ترجم هذه الاستراتيجية تحركات عدة، أهم ما يميزها استخدام الرئيس السيسى الدبلوماسية الرئاسية (رفعية المستوى) للتواصل مع زعماء دول القارة الإفريقية، وحرصه على المشاركة فى مختلف الفعاليات والاجتماعات التى تتناول قضايا الدول الإفريقية، وكان لذلك نتائج مؤثرة، أهمها رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى خلال عام 2019.
وخلال فترة رئاسة مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقى العام الماضى، حققت الدولة المصرية، ولاتزال، مجموعة من الإنجازات على مستوى القارة فى مجالات مختلفة، وسعت للتفاعل مع مختلف قضايا القارة، بل كانت خير صوت للقارة الإفريقية فى عدد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية التى اهتمت بزيادة روابط الصلة بين الدول الكبرى والقارة الإفريقية.
خطة التنمية
فى العاشر من فبراير 2019، تسلمت مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى من دولة رواندا، وهى المرّة الرابعة فى تاريخها والأولى بالمسمى الجديد للاتحاد الإفريقى، ووقتها تَحَدَّثَ الرئيس عبدالفتاح السيسى عن أجندة عمل الرئاسة المصرية، التى تنطلق من خطة التنمية الإفريقية 2063، بداية من العمل على مواصلة طريق الإصلاح الهيكلى والمالى للاتحاد.
وعدت الدولة المصرية أشقاءها فى القارة الإفريقية وأوفت؛ حيث شهد عام الرئاسة المصرية العديد من الإنجازات التى تحققت، بداية من إنجاز اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية ودخولها حيز التنفيذ، وتقديم فرص التدريب والتأهيل للشباب الإفريقى بالقاهرة؛ حيث تم تدريب شباب من 45 دولة إفريقية ضمن برنامج رئاسى لتأهيل الشباب الإفريقى، يستهدف تأهيل 1000 شاب إفريقى، كما أن القاهرة كانت قِبلة لعدد من الفعاليات المهمة التى تناقش قضايا القارة السمراء.
أعد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى، المبادرة التى قدّمها الرئيس السيسى، بعنوان مبادرة "إسكات البنادق"، خلال القمة الإفريقية بأديس أبابا فى فبراير 2019، التى تضمنت آليات محددة لإنهاء النزاعات والحروب بالقارة السمراء خلال عام 2020.
وتستهدف المبادرة التوصل إلى اتفاقات نهائية مع أطراف النزاعات بربوع القارة السمراء بوقف إطلاق النار، فضلًا عن طرح مبادرات للحوار بين جميع الأطراف، وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاعات ومحاربة المجاعات.
فى السياق نفسه، وفى إطار جهود القيادة السياسية لتحقيق الأمن والسلامة والتنمية بقارة إفريقيا، عقدت ولأول مرّة فى القاهرة اجتماعات خبراء اللجنة المتخصصة للدفاع والسلامة والأمن بالعاصمة الإدارية الجديدة (15 -19ديسمبر 2019)، بهدف توحيد القرارات بين الدول الإفريقية لإيقاف أى تهديدات أو عدائيات تواجه القارة.
وتبنت الرؤية المصرية مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية، فى إطار رؤية وطنية تحافظ على إرادة الدول الإفريقية.
وفى ديسمبر الماضى، وقَّع وزير الخارجية سامح شكرى، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقى موسى فكى، اتفاقية استضافة مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد النزاعات، الذى اقترحت مصر إنشاءه.
والمركز يختص بإعادة الإعمار والتنمية الإفريقية، وتحصين الدول الإفريقية الخارجة من النزاعات والصراعات ضد أخطار الانتكاس، إلى جانب بناء قُدرات مؤسّسات الدول لأداء مهامها فى حماية أوطانها ترسيخًا للاستقرار والسلام.
وتولى مصر اهتمامًا خاصًّا لمواجهة التطرف والتنظيمات الإرهابية بدول القارة الإفريقية؛ حيث إن مصر لها بُعد استراتيجى فى محاربتها للإرهاب ولها رؤية فى التعامل مع مختلف التنظيمات الإرهابية من خلال التعاون الأمنى مع دول القارة المتضررة من التنظيمات.
فاستضافت مدينة شرم الشيخ فى عام 2016 اجتماعات وزراء دفاع الساحل والصحراء، ثم قامت بعد ذلك بتدريب أكثر من ألف ضابط وصف ضابط من هذه الدول مع إنشاء مركز لمكافحة الإرهاب لدول الساحل والصحراء بالقاهرة مع تنفيذ العديد من مختلف التدريبات المشتركة لنقل الخبرات.
التجارة الحرة
بدأت الدولة المصرية تنفيذ مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى لعلاج مليون إفريقى من فيروس "سى"، وبالفعل نجحت جهود الدولة فى فحص أكثر من 30 ألفًا و632 إفريقيّا بكل من جنوب السودان وتشاد وإريتريا، وتقديم العلاج بالمجان للمرضى.
فضلًا عن ذلك كان واحدًا من المكاسب المهمة التى تحققت خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى هو دخول اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية حيز التنفيذ .
حيث عقدت القمة الإفريقية الاستثنائية الثانية عشرة برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى بعاصمة النيجر نيامى. وشهدت القمة إطلاق منطقة اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية القارية، بعد استكمال نِصاب تصديقات الدول الإفريقية، ودخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
وتمثل الاتفاقية علامة فارقة فى مسيرة التكامل الاقتصادى للقارة، بأكبر منطقة تجارة حرة فى العالم، وهو ما يمهد الطريق إلى اندماج القارة فى مؤسّسات وآليات الاقتصاد العالمى.
وخلال منتدى إفريقيا فى ديسمبر 2018، أى قبل تولى مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى بثلاثة أشهُر، قرّر الرئيس السيسى إنشاء صندوق ضمان مخاطر الاستثمار فى إفريقيا؛ لتشجيع المستثمرين المصريين والأجانب بالتوجه نحو الاستثمار بإفريقيا والمشاركة فى تنمية القارة.
وتزامنًا مع رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، تضاعفت أنشطة الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى إفريقيا، وبلغت نسبة زيادة المستفيدين من الكوادر الإفريقية 61 %، فضلًا عن ارتفاع قيمة المنح والمساعدات بنسبة 113 % عن النصف الأول من العام، التى بلغت 27.9 مليون جنيه.
وأنشات مصر 8 مزارع نموذجية فى إفريقيا من إجمالى 22 مزرعة تهدف وزارة الزراعة الانتهاء من إنجازها بنهاية عام 2020.
السياسات الاجتماعية
فى منتصف نوفمبر فازت مصر برئاسة لجنة السياسات الاجتماعية والفقر بالأمم المتحدة عن قارة إفريقيا، لمدة عامين (2020 - 2021)، للمرّة الثالثة على التوالى منذ إنشاء اللجنة عام 1979، وهو ما يعزز الدور الريادى المصرى بالقارة الإفريقية، كما يعظم سُبل دعم القارة الإفريقية فى مجال تعزيز الهجرة الآمنة وتمكين المرأة وتوفير الرعاية الاجتماعية بكل أشكالها وتكافؤ الفرص فى مجالات التعليم والصحة وغيرهما، فى إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وكذا أجندة إفريقيا 2063.
وتعمل مصر على إقامة عدد من مشاريع الربط الكهربائى مع دول القارة الإفريقية؛ خصوصًا الشرق الإفريقى، ويمثل مشروع الربط الكهربائى "المصرى- السودانى" البداية الحقيقية لربط شبكات كهرباء مصر بدول إفريقيا، ومنها بالشبكة الأوروبية.
وتتم دراسة الربط الكهربائى جنوبًا فى اتجاه القارة الإفريقية للاستفادة من الإمكانيات الهائلة للطاقة المائية فى إفريقيا؛ حيث إن الربط الكهربائى بين شمال وجنوب المتوسط سوف يعمل على استيعاب الطاقات الضخمة التى سيتم توليدها من الطاقة النظيفة، بالإضافة إلى دراسات الربط مع إثيوبيا وسد إنجا بالكونغو الجارى تحديثه لمواكبة تطور الشبكات بتلك الدول.
والمشروعات التى سيتم الربط فيها مع إفريقيا أهمها الربط مع دولة السودان الشقيق لتزويده بقدرة كهربية تصل إلى نحو 200-300 ميجاوات كمرحلة أولى، وبعدها العمل للربط مع شبكة كهرباء إثيوبيا، ثم الخطوة الثانية لربط شبكات دول حوض النيل الإحدى عشرة فى شبكة واحدة يمكنها تلبية متطلبات شعوب هذه الدول من الكهرباء.
وتولى مصر أهمية كبيرة للتعاون مع الدول الإفريقية فى مجال النقل، منها البرى مثل طريق "القاهرة- كيب تاون"، فضلًا عن خطط الربط الملاحى "الربط بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط".
ويعد طريق "القاهرة- كيب تاون"، أطول مشروع لربط دول شمال إفريقيا بالجنوب؛ حيث يربط هذا المشروع مصر بجنوب إفريقيا، بطول 11 ألف كم، ويمر بـ9 دول من شمال القارة.
ويستهدف مشروع الربط المائى "الإسكندرية- فكتوريا"، عمل نهضة إقليمية لدول حوض النيل؛ حيث يتضمن المشروع إنشاء مجارى نهرية وسكة حديد وطرُق برية.
تواصل الأكاديمية الوطنية للتدريب برنامجها لتأهيل وتدريب الشباب الإفريقى للقيادة تنفيذًا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يهدف إلى تجميع الشباب الإفريقى من جميع البلاد بالقارة فى برنامج تدريبى واحد باختلاف انتماءاتهم ومعتقداتهم تحت مظلة واحدة هدفها التنمية والسلام.
وفى هذا الإطار قامت الأكاديمية الوطنية للتدريب بتخريج ثلاث دفعات من برنامج يستهدف تأهيل وتدريب 1000 شاب إفريقى على 10 دفعات بواقع 100 متدرب لكل دفعة حتى نهاية 2020؛ بحيث تصل مدة التدريب 5 أسابيع.
الدفعة الأولى فى الأول من يوليو الماضى من 29 دولة، والثانية كانت فى سبتمبر الماضى من 40 دولة، ثم كانت ثالث دفعة من 37 دولة، وبدأ التدريب بها فى ديسمبر الماضى.
وبتخريج الدفعة الثالثة يكون قد تم تدريب وتأهيل 279 شابّا من 45 دولة من أصل 54 دولة إفريقية ومستمرين حتى الدفعة العاشرة لتغطية دول القارة الإفريقية بأكملها.
رئاسة مصرية
خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى عدد من الفعاليات والمؤتمرات الدولية نظمتها عدد من الدول الكبرى لزيادة الشراكة مع القارة السمراء، ومن أبرزها: القمة الرابعة عشرة لمجموعة العشرين؛ حيث شارك الرئيس السيسى فى فعاليات القمة الرابعة عشرة لمجموعة العشرين بمدينة أوساكا اليابانية، التى عُقدت يومَى 28 و29يونيو 2019، بعد توجيه الدعوة لمصر من رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى؛ للمشاركة فى القمة، استنادًا لمكانة مصر فى إفريقيا، ورئاستها للاتحاد الإفريقى.
وشارك الرئيس السيسى فى قمة إفريقية تنسيقية مصغرة على هامش أعمال قمة مجموعة العشرين، التى ضمت كلّا من رئيس جنوب إفريقيا "سيريل رامافوزا"، والرئيس السنغالى "ماكى سال"، وقد تم التوافق خلال القمة المصغرة على العمل على إبراز الأولويات التنموية للدول الإفريقية أمام الشركاء خلال اجتماعات مجموعة العشرين.
وممثلًا عن قارة إفريقيا شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى 24أغسطس 2019، فى اجتماعات قمة السبع الكبرى، بمدينة "بياريتز" الفرنسية.
وأمام جلسة "شراكة مجموعة السبع وإفريقيا" عرض الرئيس الرؤية الإفريقية إزاء سُبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة، وترسيخ أسُس الشراكة العادلة بين إفريقيا ودول مجموعة السبع فى إطار المصالح المشتركة والمتبادلة.
وفى قمة رفيعة المستوى نظمتها اليابان لدعم إفريقيا وتطلعاتها التنموية، عُقدت الدورة السابعة لمؤتمر طوكيو الدولى للتنمية الإفريقية "تيكاد" بمدينة يوكوهاما اليابانية فى الفترة من 28 إلى 30أغسطس 2019 تحت الرئاسة المشتركة من جانب اليابان ومصر.
وفى دفعة جديدة للعلاقات بين القارة الإفريقية وروسيا، عُقدت قمة "روسيا – إفريقيا" يومَى 23 و24أكتوبر 2019 بمنتجع سوتشى بروسيا، ترأس القمة الرئيسان السيسى والروسى فلاديمير بوتين، بمشاركة أكثر من 40 رئيس دولة إفريقية إلى جانب آلاف الحضور، لمناقشة القضايا الاقتصادية، وجميع الموضوعات التى تهم الأطراف بما فى ذلك الموضوعات السياسية والاجتماعية وغيرها فى ظل رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى.
وشارك الرئيس السيسى فى منتصف نوفمبر 2019 باجتماعات مبادرة مجموعة العشرين وإفريقيا التى استضافتها العاصمة الألمانية برلين بدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وبحضور عدد من رؤساء الدول والحكومات الإفريقية.
وفى 20يناير 2020، شارك الرئيس عبدالفتاح السيسى فى منتدى الاستثمار الإفريقى- البريطانى، الذى استضافته العاصمة البريطانية لندن؛ لبحث فرص الاستثمار بين المملكة المتحدة ودول القارة الإفريقية.
تم اضافة تعليقك بنجاح، سوف يظهر بعد المراجعة