سعيد عبد الحافظ
وجوههم شطر من يدفع؟!
لا شك أن ثورة 30يونيو لاتزال فى مرحلة مبكرة من مسارها الطويل ضمن حركة تاريخ الثورات بصفة خاصة وحركة التاريخ بصفة عامة، التى تنبئ بأن أهداف هذه الثورة ستتحقق فى النهاية حتى إذا بدا أن ثمة صعوبات أمام طريقها.
فى السياق ذاته وبعد مرور نحو سبع سنوات على الثورة، لاتزال القوى المضادة للثورة تسعى بشتى الوسائل من خلال إفساد الوعى العام بأهمية وأهداف ثورة 30يونيو.
تسعى هذه القوى بإعادة الثورة خطوات للخلف؛ للإيحاء عن جهل متعمد بأن الثورة أخفقت فى تحقيق أهدافها.
ما يعنينى هنا هو شهادتى على موقف بعض الحقوقيين المصريين منها والتعرف على الدروب المتعرجة لبعضهم منذ اندلاعها حتى الآن.
ولا يمكن التعرف على تلك الدروب من دون الرجوع خطوات للخلف، حتى تكون الرؤية أقرب للوضوح ودون إطلاق ثمة أحكام، فالتاريخ القريب والبعيد سيتولى عنّا هذه المهمة.
قبل سنوات قليلة من أحداث يناير كان واضحًا أن فريقًا من النشطاء، وتحديدًا من المنتمين الى الحركات اليسارية المتطرفة، قد انغمس فى العمل الحقوقى بديلًا عن العمل السرى والعمل بالأحزاب اليسارية.
وبالتبعية تولت الولايات المتحدة التمويل بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتوقفه عن تمويل الحركات اليسارية فى العالم، ومن بينها مصر. وتبدلت أجندات تلك المجموعة الحقوقية من حلم الثورة الاشتراكية وحُكم الطبقة العاملة وديكتاتورية البروليتاريا إلى النضال من أجل حقوق الإنسان فى أسرع هجمة مرتدة قام بها نشطاء للعمل العام فى العالم!
ولا يجوز التحجج هنا، وهل الجهات المانحة لتلك المجموعة الحقوقية لا تعلم حقيقة أهدافهم وتلقى بأموالها فى بحر من الرمال؟ والإجابة بالطبع تعلم تلك الجهات، ولكن مشروع الولايات المتحدة كان يتلخص وقتها فى إحداث فوضى فى مصر لتولى تيار الإسلام السياسى الحُكم بديلًا للرئيس الأسبق حسنى مبارك.
كان لتلك المجموعة دور مهم فى توفير الحماية الحقوقية لتلك الجماعات والتحالف معهم من أجل توفير غطاء حقوقى وسياسى لجماعات الإسلام السياسى، التى كانت تمهد الولايات المتحدة لاستخدامهم يومًا ما، وهو ما حدث فى25يناير.
وحاولت تلك المجموعة الحقوقية إيهام العالم أنها مفجرة ما حدث فى يناير، وحدث أول جهر حقيقى بالعلاقة الآثمة بين تلك المجموعة الحقوقية وجماعة الإخوان الإرهابية.
لقد كانت التعليمات الواردة من الولايات المتحدة عقب يناير لتلك المجموعة الحقوقية هى دعم مشروع جماعة الإخوان الإرهابية؛ للوصول للسُّلطة.
وقد نفذت تلك المجموعة وحدها دون باقى النشطاء الحقوقيين تلك التعليمات، وبإخلاص يحسدون عليه، فقد قامت مجموعة منهم بمراقبة سير العملية الانتخابية لانتخابات البرلمان عقب يناير، وقدّمت دعمًا حقوقيّا لمرشحى الجماعة الإرهابية، وأصدرت بيانات وتقارير حقوقية على غير الحقيقة للمرشحين من غير الإخوان.
كما أيدت تلك المجموعة الحقوقية ترشّح محمد مرسى لانتخابات الرئاسة فى مواجهة الفريق أحمد شفيق، بل ذهبوا إلى فندق فيرمونت لإعلان تأييدهم بالمخالفة لكل الأعراف والمبادئ الحقوقية التى تحظر تأييد مرشح بعينه.
واستمرت تلك المجموعة الحقوقية المشبوهة فى العمل عن قرب مع رئاسة الجمهورية فى عهد الإخوان، وتوزعت الأدوار بين فريق يقدم استشارات قانونية لمكتب الرئاسة، وفريق يصدر تقارير وبيانات لتدعيم حُكم الإخوان وتجاهل ما قامت به الجماعة الإرهابية من انتهاكات بحق القضاة والإعلاميين وكل القوى السياسية.
فيما كان فريق آخر من تلك المجموعة الحقوقية يهاجم ما أسماهم بالفلول، فى محاولة لإلهاء الرأى العام عن انتهاكات نظام الإخوان فى ذلك الوقت.
ولم يكن خافيًا أن تلك المجموعة الحقوقية وحدها هى التى خرجت عن الإجماع الشعبى بالدعوة لثورة 30يونيو؛ للتخلص من حُكم المرشد وجماعته، ووقفوا بكل قوتهم للحيلولة دون نجاح الثورة وإسقاط حُكم الإخوان؛ لتثبت تلك المجموعة أنها عادت للنقطة صفر، وأنهم مجرد دعاة فوضى رافضين لفكرة الدولة الوطنية، وأنهم يولون وجوههم شطر من يدفع.
تم اضافة تعليقك بنجاح، سوف يظهر بعد المراجعة