السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المعارضة القطرية: اقترب الحساب!!

المعارضة القطرية: اقترب الحساب!!

لم تعرف دويلة قطر معارضة سياسية حقيقية على مدار تاريخها القصير جدّا.. فما  بين الصراع العائلى على السُّلطة والأصوات المطالبة بالإصلاح السياسى دارت الأجواء فى الإمارة الصغيرة.



 

دويلة قطر التى تأسّست عام 1971 شهدت عدة عمليات لانتقال السُّلطة عبر الانقلابات داخل أسرة آل ثانى الحاكمة، حتى إنه بالإمكان القول إن تاريخ قطر السياسى الحديث هو موجز لتلك الانقلابات.

 

 

فى أوضاع كهذه، بقيت الأصوات المطالبة بالإصلاح خافتة حتى عام 1992 عندما قدمت عريضتين تطالب بانتخاب مجلس الشورى (المعيّن) وتكليفه بوضع دستور دائم للبلاد، ما أدى إلى معاقبة الموقّعين بالسجن والمنع من السفر والحرمان من الحقوق والتهديد بسَحب الجنسية.

 

وفى 27يونيو 1995 تولى حمد بن خليفة مقاليد الحُكم إثر انقلاب على والده خليفة بن حمد آل ثانى، وزادت القبضة الأمنية لكل مَن يعارض الحُكم الجديد حتى وصلت الاعتقالات إلى داخل الأسرة الحاكمة وطالت نجل حمد نفسه.

 

كان عام 2011 النواة الأولى لتشكيل معارضة فى الخارج بعيدًا عن قبضة تنظيم الحَمَدَيْن الأمنية؛ حيث اجتمع 66 شخصية قطرية فى كندا تحت اسم "المعارضة القطرية فى الخارج" وأصدرت بيانها الأول.

 

وتولى الشيخ عبدالعزيز بن خليفة آل ثانى، الذى يعيش فى المنفى بفرنسا منذ انقلاب شقيقه حمد، قيادة المعارضة فى الخارج.

 

ولكن تلك الخطوة لم تكن كافية؛ حيث عادت مطالب الإصلاح فى العام نفسه تحت ما يسمى "لقاء الاثنين" الذى أطلقه الباحث على خليفة الكوارى مع مجموعة من القطريين.

 

وكان اللقاء عبارة عن اجتماع دورى للمعنيين بضرورة الإصلاح؛ حيث يناقشون فيه قضايا الإصلاح والتنمية، وكان أهمها لقاء عُقد فى شهر نوفمبر عام 2012 بعد صدور كتاب "الشعب يريد الإصلاح فى قطر.. أيضًا".

 

وهذا الكتاب تمت مصادرته بعد أن كشف عن مبادئ النظام الحاكم، وهى القمع والنفى أو الترغيب والترهيب.

 

تكميم الأفواه

 

يوجز "الكوارى" مكامن الخَلل الرئيسية المزمنة فى قطر بأربعة أمور أساسية، أهمها الخَلل السياسى الذى يتمثل فى "غياب الديمقراطية وعدم مراعاة مبدأ المواطنة وانعدام المُشاركة السياسية الشعبية الفعالة فى تحديد الخيارات واتخاذ القرارات العامة".

 

وبَعدها ارتفعت معها الأصوات المعارضة للنظام القطرى سواء فى الداخل أو الخارج، وأصبح شعار المعارضة فى تلك المرحلة "سنحاسبك قريبًا".

 

وعقب المقاطعة العربية لنظام الدوحة بأشهُر قليلة، سارعت الدوحة إلى تكميم الأفواه فى الداخل بالاعتقال وسحب الجنسية.

 

وقام النظام بسحب جنسية كبير قبيلة آل مرة، الشيخ طالب بن لاهوم بن شريم، وأكثر من 55 شخصًا من أسرته، الأمرُ الذى قوبل بغضب واسع.

 

وبعد ذلك بأسابيع، قام النظام بسحب جنسية الشيخ شافى ناصر حمود الهاجرى، شيخ قبيلة "شمل الهواجر" ومجموعة من أفراد عائلته.

 

ورفض "الهاجرى" ما تقوم به الحكومة القطرية من تصرفات تهدد الأمن الداخلى لدول مجلس التعاون الخليجى، معربًا عن استنكاره لتصرفات السُّلطات القطرية العدائية تجاه محيطها.

 

وبجانب سلاح سحب الجنسية قام الأمن القطرى، بعملية اقتحام لقصر الشيخ سلطان بن سحيم، وصادروا ممتلكات شخصية وعائلية خاصة به وبوالدته الشيخة منى الدوسرى.

 

واتسعت رقعة المعارضة القطرية يومًا بعد الآخر لتصل إلى عواصم العالم أجمع؛ حيث نظمت فى الخارج العديد من الوقفات والمسيرات المعارضة لنظام الدوحة وسياساته التخريبية ودعمه للإرهاب.

 

كما تخوض المعارضة معركة شرسة مع النظام بعد أن تقدمت بشكاوَى متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان التى رفعتها منظمات حقوقية عالمية للأمم المتحدة، مشيرين إلى شكوى معارضين ضد سحب جنسيات عشائر "الغفران"، التى تمثل بداية العقاب القطرى للمعارضين.

 

وكشف الناطق الرسمى للمعارضة القطرية خالد الهيل، عن كوارث يرتكبها نظام الحَمَدَيْن فى مسار دعم التنظيمات الإرهابية، رُغم تراجُع المستوى الاقتصادى للدوحة بعد مقاطعة الدول الداعية لمكافحة تمويل الإرهاب لها.

 

وأكد "الهيل"، أن النظام القطرى يصرف المليارات فى الخارج على حساب الشعب، بخلاف استحضار الأجنبى بهدف الاستقواء على جيراننا وأشقائنا واسترضاء جماعات ومجموعات ضغط بعيدة آلاف الأميال عن خليجنا العربى لضرب صورة مَن تربطنا به القرابة والأخوّة، وهو ما يشكل عارًا ما بعده عار على تميم وحاشيته.

 

معارضون قطريون وحقوقيون يتظاهرون فى لندن ضد زيارة تميم
معارضون قطريون وحقوقيون يتظاهرون فى لندن ضد زيارة تميم

 

تمرد

 

حرّك الإعلان عن تأسيس حركة "تمرد قطر"، التى أطلقها رجل الأعمال "خالد الهيل" الوضع القطرى، ووقتها كشف "الهيل" المقيم فى لندن عن خشيته من العودة إلى الدوحة خوفًا من اعتقاله، مؤكدًا أن هناك عددًا من الأعضاء البارزين فى الجيش القطرى يدعمون الحركة، بالإضافة إلى أعضاء فى العائلة الحاكمة يؤيدون المطالب الإصلاحية.

 

وتابع: "لا نسعى إلى زعزعة الأمن فى قطر، لكننا نسعى إلى الضغط على النظام الحاكم لتغيير سياسته الداخلية والخارجية".

 

الهيل رُغم أنه الأشهَر فى المعارضة القطرية فى الخارج؛ فإن القائمة تضم آخرين يناضلون من أجل الحرية، منهم عبدالله آل ثانى، وهو من بين أبرز المعارضين لتنظيم الحَمَدَيْن، الذى يوصف بكونه «صوت العقل» الذى منح للقطريين الأمل وجعلهم يراهنون عليه. ويعتقد الكثيرون بكونه «البديل المناسب» لتصحيح المسار.

 

بزغ اسم الشيخ عبدالله بن على آل ثانى فى الأزمة بصورة واضحة منذ الدور الذى لعبه بالتواصل مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فى مسألة الحجاج القطريين، وفى البيان الأخير الذى أصدره ودعا فيه أسرة آل ثانى والشعب القطرى للاجتماع لإنقاذ قطر من "نفق المغامرة".

 

عبدالله بن على هو الابن التاسع لحاكم قطر الشيخ الراحل على بن عبدالله آل ثانى، وهو حفيد ثالث لحاكم قطر الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثانى، وشقيق الشيخ أحمد بن على آل ثانى، الذى انقلب عليه ابن عمّه الشيخ خليفة بن حمد آل ثانى (جد الأمير الحالى تميم) الذى انقلب عليه الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى. 

 

وفى المعارضة أيضًا يبرز اسم الشيخ سلطان بن سحيم بن حمد آل ثانى، نجل أول وزير خارجية بالدوحة، وابن عم أمير قطر الحالى تميم بن حمد. 

 

وسلطان بن سحيم يقيم حاليًا فى باريس، إذ إنه وفق ما أكده فى البيان الصادر عنه "لم أعد أحتمل البقاء فى أرض بدأ الأغراب يتدفقون فيها ويجوبونها برائحة المستعمر، ويتدخلون فى شأننا بدعوى حمايتنا من أهلنا فى السعودية ودول الخليج العربى".

 

وينضم إلى قائمة المعارضين من عائلة آل ثانى، سعود بن ناصر آل ثانى، الذى اشتهر بتصريحاته التى ينتقد فيها سياسات تميم ووصفها بـ"اللا عقلانية".

 

وبزغت العديد من الأسماء الأخرى فى إطار «المعارضة القطرية» وأصوات الحق التى انتفضت مدافعة عن الشعب القطرى، من بينهم «على آل دهنيم» وهو معارض قطرى، عمل كموظف فى المخابرات القطرية لمدة 14 عامًا، وهو حاليًا «لاجئ فى بريطانيا».

 

 ومن بين المعارضين كذلك محمد جلال المرى، الذى سحبت الجنسية من عائلته فى 2001، والذى ناشد من خلال مؤتمر المعارضة القطرية فى لندن المجتمع الدولى بالنظر إلى مشاكل المعارضين القطريين وما يتعرضون إليه.

 

وكذلك، المعارضة منى السليطى، وهى شقيقة وزير الاتصالات القطرى جاسم السليطى، والتى كانت محتجزة فى معسكر لتنظيم القاعدة فى قطر وشاهدة على تدريب شباب استقدمتهم الدوحة من دول عدة من أجل تنفيذ هجمات إرهابية وعمليات انتحارية.

 

مباشر وليكس

 

إضافة الى المعارضة من الشخصيات الشهيرة.. تأتى قناة مباشر قطر، التى تبث من برلين ونجحت فى تحقيق  12,5 مليون مشاهدة عبر موقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب" بأول تصريح من الأمير المعارض "جاسم بن خليفة" عم تميم بن حمد أمير دولة الإرهاب، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "من قلب الدوحة".

 

الأمر الذى أصاب تنظيم الحَمَدَيْن بحالة من الخوف والرعب الشديدين، نظرًا لفضح عم أمير إمارة الإرهاب لمخططات التخريب والدمار التى تحاك من قصره.

 

القناة التى تعتبر رأس حربة فى المعارضة القطرية وثقت أيضا العلاقة  القوية التى تجمع الأردنى سامى العريدى، القيادى بجبهة النصرة الإرهابية بسوريا والمعروف باسم "أبو محمود الشامى"، مع تنظيم الحَمَدَيْن، وكيف أنشق عن الجبهة وأسّس ما يُعرَف الآن باسم تنظيم حراس الدين، أحد أفرع تنظيم القاعدة، منذ فبراير مطلع العام الجارى بتعليمات من تميم بن حمد، من أجل استكمال الصراع فى بلاد الشام وإطالة أمد الحرب.

 

العديد من التقارير والتحقيقات والحوارات التى أجرتها "مباشر قطر"، جعلت تنظيم الحَمَدَيْن يرتعش؛ خصوصًا فى ظل تنامى معدلات المشاهدة بشكل سريع وكبير.

 

ومن بين المعارضين للنظام القطرى هناك أيضًا الموقع الشهير "قطر ليكس"، المتخصص فى كشف فضائح تميم.. وهى منصة إعلامية متخصصة فى نشر فضائح قطر وتسريبات تجزم بدعم الإمارة والأمير للإرهاب وتقدم تغطية لآخر التطورات فى  قطر لحظة بلحظة.

 

واقع الحال فى قطر يشير إلى أن السُّلطة القطرية تعمل وفق مبدأى القمع والنفى أو الترغيب والترهيب.

 

فإذا كانت قصيدة الياسمين للشاعر محمد بن الذيب العجمى- التى يقول فيها "آه عقبال البلاد اللى جهل حاكمها يحسب أن العز فى القوات الأميركية.. قد أودت به إلى السجن (المؤبد، قبل أن يخفف الحُكم ليصل إلى خمسة عشر عامًا)، فالمنفى كان المصير المحتم للشخصيات من معارضة الخارج، وحتى حين قريب.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق