الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر الجديدة وإدارة الأزمات

 بعد سنوات من العشوائية والفوضى والتصرُّف، كرد فعل لأحداث وأزمات - يمكن ويلزم توقّعها مُسبقًا، وبعد انتقادات مريرة من المصريين لحكوماتهم السابقة المتعاقبة وسُخريتهم منها للتخبط فى إصدار القرارات، والفوضَى والتراخى فى اتخاذها، والبطء فى اختيار الوقت المناسب للقرارات المهمة المؤثرة فى حياتهم.



 

ما أدى لمراكمة الغضب والإحباط لدى المصريين، وذلك قبل ثورة الثلاثين من يونيو، سواء كانت حكومات ما قبل يناير 2011 أو بعدها.

 

بعد كل هذا، انتبه المصريون مع المدة الرئاسية الأولى للرئيس عبدالفتاح السيسى، وأدركوا أن مصر تعيش حقبة جديدة أطلقوا عليها "مصر الجديدة"، وتأكد المصريون أن هذه الحقبة الجديدة تتصف بملامح كثيرة لم يعتَدها المصريون فى حياتهم قبل ذلك الوقت.

 

ورصد المصريون كيف أن مصر بعد ثورة 30يونيو تتصف بحيوية تفصح عن منهج سياسى مختلف كلية عن كل ما سبقه فى طريقة تعامله مع مشاكل الدولة القديمة المتراكمة والموروثة من عصور سابقة، وفى طريقة حلها وإنهاء آثارها السلبية على حياة المصريين. وتفصح أيضًا عن إرادة سياسية حاسمة ومنجزة فى تعاملها مع طموحات المصريين ورغبتهم فى تحسين حياتهم وتطويرها بتغيير واقعهم المعاش على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. 

 

 

 

 

واقع جديد

 

شاهد المصريون بأعينهم الحرص الكبير والإصرار والحسم من القيادة السياسية على سرعة الإنجاز ودقة الأداء وتقليص الوقت وتكثيف العمل والجهد فى تنفيذ أى وكل مشروع تنجزه الدولة المصرية.

 

 فلا مجال للتباطؤ ولا التراخى ولا التكاسل فى إتمام أعمال أى مشروع وإتمام تنفيذه، فالوقت فى مصر الجديدة، صار عنصرًا مُهمّا، ليس فقط من حيث أثره على تكاليف تنفيذ المشروع رفضًا للتطويل فى مُدد التنفيذ، لما لذلك الوقت من انعكاس على ارتفاع تكاليف تنفيذ المشروعات وزيادة أعبائه المالية.

 

 بل صار الوقت عنصرًا مُهمّا لحرص القيادة السياسية ومؤسّسات الدولة على سرعة تقديم الخدمات للمستفيدين من المشروع الذى ينفذ، وتغيير واقعهم للأفضل، وإثبات قدرة وإرادة الدولة المصرية والقائمين على تنفيذ المشروع على سرعة الإنجاز بكفاءة ودقة وبراعة وفقًا للمعايير الدولية المتعارف عليها؛ لتحقيق أعلى فوائد ومكاسب للمواطن من ناحية، واقتصاد الدولة المصرية وميزانيتها العامة من ناحية أخرى. 

 

فعاش المصريون إتمام حفر وتشغيل قناة السويس الجديدة خلال عام واحد، وشاهدوا بناء وتجهيز افتتاح محطات الكهرباء الجديدة فى العاصمة الإدارية والبرلس وبنى سويف فى زمن قياسى، وعاصروا تنفيذ وتشغيل أنفاق قناة السويس الجديدة فى بورسعيد والإسماعيلية فى وقت قياسى، والتى اختصرت وقت العبور لسيناء من أيام طويلة شاقة مضنية للعابرين لوقت قصير لا يتجاوز نصف ساعة.

 

وشاهد المصريون أهل وسكان المناطق الأكثر خطرًا واحتياجًا يُنقلون لشقق ومبانٍ وأحياء تنموية متكاملة الخدمات بديلًا للمساكن المتهدمة العشوائية التى عاشوا فيها سنوات وعقودًا يئنون من الشكوَى ولا حياة لمن ينادى.

 

وغير هذا الكثير مما يحتاج مقالات كثيرة لمجرد الإشارة للمشروعات التى نفذتها بالفعل الدولة المصرية الجديدة فى جميع المجالات والملفات والأنشطة الاقتصادية والمشروعات القومية والخدمات التى تحسّن حياة المواطن المصرى فى مجال الطرُق والنقل والكهرباء والحملات الصحية العلاجية والوقائية ومشروع التأمين الصحى الشامل والإسكان والمدن الجديدة واستصلاح الأراضى والمشروعات التنموية فى مجال الزراعة  والصُّوَب والمزارع السمكية وتسمين العجول.

 

 

فضلًا عن المجالات الصناعية المختلفة، وافتتاح مصانع جديدة وفقًا لخطط التنمية واحتياجاتها، وتطوير المصانع وحل مشاكلها القديمة وتغيير وتطوير ماكيناتها وتحديث نظم إدارتها، وغيره الكثير مما لا يتسع المجال لذكره تفصيلًا.

 

 

ورُغم أهمية كل ما سبق وأثره الإيجابى العظيم على حياة المصريين وطموحهم وثقتهم فى وطنهم وقيادته السياسية ومؤسّساته الوطنية، فإن المَلمح الأخطر والأهم الذى انتبه له المصريون فى مصر الجديدة فى الشهور الأخيرة، هو الكفاءة والبراعة والدقة فى التعامل مع الأزمات التى تصيب وطنهم وتوقعها مبكرًا واستباق حدوثها ووضع الخطط المستقبلية للتعامل معها وكيفية تقليص آثارها السلبية لأقصى حد بالوقاية منها واتخاذ القرارات الضرورية للتعامل معها وقت حدوثها.

 

 

 

كفاءة الدولة

 

المَلمح الأهم للدولة المصرية ومصر الجديدة هو كيفية إدارة الأزمات وتقليص آثارها وتهوين سلبياتها بشكل واقعى وحقيقى وكفء، ويمكننا الإشارة هنا لأزمتين عاصفتين لحقتا بالدولة المصرية فى الأسابيع القليلة الفائتة.

 

 أزمتان عاصفتان كان متوقعًا لهما أضرار جسيمة وآثار سلبية مخيفة لولا فطنة وكفاءة الدولة المصرية التى توقعت حدوثهما ووضعت للتعامل معهما السيناريوهات المختلفة حسب درجة الجسامة والتطور. 

 

فكانت كفاءة خلية إدارة الأزمات المصرية وعقلها البصير ودراستها المسبقة لتلك الأزمات، ووضع حلول وبدائل مختلفة للتعامل مع تلك الأزمات حسب حدتها وتطورها، وتنبيه المصريين مسبقًا لتوقع حدوثها، واتخاذ القرارات المناسبة المبنية على دراسات ومعلومات وحقائق مبكرًا للتعامل مع تلك الأزمات.

 

 كل هذا كان له عظيم الأثر على المصريين الذين ازدادت طمأنينتهم للدولة وثقتهم فى مؤسّساتها وتقديرهم للرئيس السيسى ومتابعته الشخصية لكل الملفات الصعبة التى تواجههم نتيجة الأزمات التى ألمّت بوطنهم.

 

أحس المصريون الطمأنينة والثقة فى الدولة المصرية الجديدة بعدما شاهدوا، وعلى نحو مستحدث خروج رئيس الجمهورية بنفسه ثم رئيس الوزراء ثم الوزراء المختصين من ناحية أخرى للتحدث مع الناس وشرح الأزمات المتوقعة وكيفية تعامل الدولة معها واستعدادها لها، واستعداد جميع الجهات المعنية للتعامل مع الأزمة فور حدوثها.

 

وشاهدوا تنفيذ تلك القرارات والحلول المختلفة على الأرض وفى الواقع فعلًا، فضلًا عن رؤيتهم لبراعة الدولة فى اتخاذ القرارات المهمة للتعامل مع تلك الأزمة سعيًا لتقليص آثارها للحدود الدنيا التى تهون على المصريين حدوثها، ويأتى على رأسها قرارات الرئيس السيسى الـ 21.

 

شَعَر المصريون بالطمأنينة وقتما خرج عليهم رئيس الوزراء ليحدثهم عن المنخفض الجوى المفاجئ الذى سيصيب مصر قبل وصوله بعدة أيام.

 

وأعلن عليهم القرارات الضرورية اللازم اتخاذها لتقليص آثار ذلك الاضطراب المناخى على حياتهم وعدم تعريضهم للخطر وتوفير الخدمات المناسبة والضرورية للتعامل معه على جميع الأصعدة.

 

 وقتها تأكد المصريون أنهم فى أيدٍ أمينة تراهم وتخاف عليهم وتحرص على حياتهم وحياة أولادهم وتسعى لتجنيبهم التعرُّض للخطر وتهوين الآثار السلبية لتلك الظاهرة عليهم، وحين عصف المنخفض الجوى بالوطن، لم يباغت المصريين ولا الدولة المصرية الجديدة، بالعكس وجد مَن ينتظره مستعدًا جاهزًا للتعامل مع آثاره من كل مؤسّسات الدولة ووزاراتها وهيئاتها، كلٌّ فى مجاله ودوره وتخصصه.

 

 لا عشوائية ولا تخبط ولا انفعال ولا تصرفات جامحة، ولا القنوع بالتعامل كرد فعل لاحق لحدوث تلك الظاهرة المناخية المفاجئة.

 

كل هذا شاهده المصريون بأعينهم وشاهدوا رئيس الوزراء والوزراء فى حالة انعقاد دائم طوال فترة الأزمة المناخية، ومستعدين للتعامل مع أى تطورات مفاجئة أو أحداث طارئة خلال تلك الأيام.

 

بل أحسّوا أن القرارات التى تم اتخاذها قبل وصول المنخفض الجوى للوطن كانت قرارات صائبة وسليمة وصحيحة، سواء تعطيل المدارس أو منح إجازات للموظفين حرصًا على أمنهم وسلامتهم وحمايتهم من بطش تلك الظاهرة المناخية المفاجئة، وأيضا للتيسير والتسهيل لأجهزة الدولة المختلفة للتعامل مع آثار تلك الظاهرة المناخية على جميع المناحى والأصعدة.

 

انتبه وأدرك المصريون لكل ما سيحدث مسبقًا ووقت الأزمة وشاهدوا بأعينهم كفاءة وبراعة خلية إدارة الأزمة، وانتباهها لكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة التى تحدث بسبب الاضطراب المناخى وكيفية التعامل معها.

 

وصفق المصريون للدولة المصرية ومؤسّساتها ووجّهوا التحايا والشكر للدولة والرئيس ورئيس مجلس الوزراء.

 

وكل المسئولين لإدارتهم الأزمة لتفانيهم فى عملهم وحُسن أدائهم وأثره على تهوين وتقليص آثار الاضطراب المناخى على الوطن وعلى المصريين. 

 

 

 

 

خطط مُحكمة

 

من خلال إدارة حازمة وسريعة لأزمة الاضطراب المناخى، عايش الشارع المصرى تعامل الدولة المصرية مع فيروس "كورونا" منذ أول لحظة لنهشه مدينة ووهان الصينية.

 

ووقتها قررت مصر أن تعيد مواطنيها العالقين فى بؤرة الفيروس بالصين، واتخذت جميع الاحتياطات الواجبة لتأمين نقلهم وحمايتهم ورعايتهم من الفيروس بعد عودتهم.

 

 وكانت خطة الإجلاء وما سبقها من إجراءات تنظيمية فى حصر عدد المصريين العالقين فى ووهان، وترتيب مستشفى العَزل التى سيقيمون به مدة الحَجر الطبى، وتجهيزه بكل ما يحتاجه المعزولون من مستلزمات  شخصية وملابس وخطوط تليفون، وما أعد لهم للتغذية والرعاية الطبية على أيدى أطقم طبية بارعة كفء للقيام بعملها.

 

 وشاهد المصريون رحلة العودة خطوة بخطوة من التجهيزات الطبية بالطائرة حتى الوصول للوطن ونقلهم لفندق العزل بأوتوبيسات مُعدة لتحركهم والشرطة تصاحبهم.

 

فكانت مصر من أوائل الدول بالعالم التى انتشلت مواطنيها من بؤرة الفيروس وضمنت لهم رعاية طبية مثيرة للإعجاب والاحترام، وحافظت عليهم وعلى بقية الشعب من أى تسلل أو تسرُّب للفيروس بشكل غير محكوم، فكانت مثار تقدير وإعجاب منظمة الصحة العالمية ودول العالم وجميع المصريين. 

 

بل أثبت القائمون على إدارة أزمة فيروس "كورونا" أن مصر قد درست الأمر جيدًا وكل سيناريوهاته، وأعدت نفسها جيدًا للمواجهة وتقليص الآثار السلبية المخيفة على حياة المصريين، فخصص الرئيس ميزانية مالية ضخمة لمواجهة ذلك الفيروس.

 

 ولتدارك وتقليص آثار الإجراءات الحمائية المجتمعية الضرورية للوقاية من ذلك الفيروس، تلاحقت حزم من القرارات الاقتصادية والمالية تكشف عن إدراك كامل بتبعات الإجراءات الحمائية والوقائية وآثارها الاقتصادية على حياة المصريين والتزاماتهم المالية لتعالج وتقلل وتهون تلك الآثار القاسية.

 

 ولحقتها حزم أخرى من القرارات فى مختلف المجالات، ونشطت الحكومة والدولة ومسئولوهم فى مختلف المجالات للتعامل مع تلك الأزمة، كلٌّ فى مجاله، فكملت القرارات المختلفة بعضها البعض فى علاج الزوايا والمناحى المختلفة لآثار الإجراءات الحمائية وتقليص آثارها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية على حياة المصريين.

 

وشعر المصريون بفخر كبير ومصر تمد يدها للمصريين العالقين خارج الوطن وترعاهم حتى تأتى بهم الطائرات لأرض الوطن ينتظرهم مستشفيات العزل ومتابعتهم الطبية وتأمينهم وتأمين بقية المصريين من أى تسرب للفيروس.

 

وازداد الفخر بإشادة منظمة الصحة العالمية بإجراءات الرعاية والحماية والعزل التى تقوم بها مصر لحاملى الفيروس والمرضى وعلاجهم ومتابعة حالتهم الطبية بكفاءة ودقة ورعاية لهم وللمحيطين بهم.

 

كل هذا وأكثر منه، كشف مَلمحًا عظيمًا من ملامح مصر الجديدة التى يعيش المصريون أيامها بعد الخلاص من حُكم الفاشية الدينية بثورتهم الوطنية العظيمة فى الثلاثين من يونيو؛ حيث نشطت الدولة ومؤسّساتها المختلفة تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية.

 

 ومارست الدولة دورها بحيوية وكفاءة ودقة بعين بصيرة لحال المصريين وعين كاشفة لأحلامهم وطموحهم وعقل يقظ يدرس الحاضر ويستشرف المستقبل ويُعد الخطط الواقعية لذلك المستقبل بما فيه توقّع الأزمات المختلفة ودراستها وإعداد الخطط البارعة لمواجهتها وتقسيم الأدوار بين مؤسّسات الدولة ومسئوليها.

 

ليقوم كل منهم بدوره كجزء من منظومة متكاملة من الأداء الوطنى البارع المتناغم لصالح الوطن والمواطنين.

 

إنها فعلًا مصر الجديدة التى خططت لمصر المستقبل كما تستحق مصر، وكما يستحق المصريون.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق