الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سوارس».. صاحب «الكارو»!

 يمثل اليهود السفارديم "الشرقيون" أغلبية اليهود الذين هاجروا إلى مصر على مراحل متعددة بداية القرن الخامس عشر، حتى زادت الهجرة فى النصف الثانى من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين مع الازدهار الاقتصادى للأجانب فى مصر عقب افتتاح قناة السويس، وتشريع قوانين ميزت الأجانب وأعطتهم فرصًا فى الكسْب والرزق. 



 

من هنا، استطاعت عدة عائلات سفارديم تكوين ثروات هائلة وأصبحوا من أثرياء البلد وعلى رأسها عائلة سوارس.

مارَس المهاجرون اليهود فى مصر نشاطات عدة جميعها اقتصادية ومهنية، فالمجتمع المصرى لم يكن يُلزم اليهود بالأعمال الدونية باعتبارهم أقلية كما كان الحال فى أوروبا إبان العصور الوسطى، ولذلك كانت لهم معابدهم ومستشفياتهم ومدارسهم.

 

كانت "سوارس" إحدى العائلات السفاردية المقيمة فى مصر، وتعود أصولها إلى  مدينة "ليفورنو" الإيطالية.

 

وفى البداية حضر اثنان من أبناء العائلة واستقرّا فى مصر خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر، فاستوطن أحدهما وهو "مناحم سوارس" الإسكندرية، بينما استوطن شقيقه "إسحاق سوارس" فى القاهرة وكان له ستة أبناء، أكبرهم "مُردُخ"، وبعده يعقوب، وروفائيل، ويوسف، وفيلكس، وأخت وحيدة.

 

عندما استقر قسْم من عائلة سوارس فى الإسكندرية، كانت بمثابة القائم بأعمال قنصل البرتغال  منذ عام 1832، ومن هنا بدأت فى التوسع والنشاطات الاقتصادية بين الإسكندرية والقاهرة مع أولاد العمومة.

 

فى هذا الوقت كان الابن الأكبر لإسحاق سوارس "مردخ" كان يعمل بالتجارة مع شريك له يُدعَى إبراهيم الشماع، فلما توفى "مردخ" خلفه أخوه "فيلكس" وتابع عمله مع الشماع إلى سنة 1873، وتزوج من ابنة "أصلان بك قطاوى" .

 

وفى سنة 1872، أسّس "فيلكس" محلًا اشترك فيه مع "أنريكو نحمان" وشقيق زوجته "جاك قطاوى"، وكان اسم المحل "سوارس ونحمان وشركاؤهم فى مصر"، ثم أسّس عام 1882 محلا آخر باسم "بيت إخوان سوارس وشركائهم"، وبعد ذلك تغير اسم "محل سوارس ونحمان" إلى "بيت إخوان سوارس وشركائهم"، وبقى محل الإسكندرية كما هو.

 

بنك سماسرة

 

فى عام 1876، أسّس "فيلكس سوارس" أول شركة فى مصر على شكل بنك سماسرة أسماها "الشركة الأهلية"، ولكنها انحلت سنة 1877عند تصفية دَيْن الحكومة المصرية بأرباح طائلة لجميع المساهمين فيها.

 

أمّا روفائيل سوارس فلقد أسّس بالمشاركة مع أخوته عام 1880 بنكًا باسم "بنك أولاد سواس وشركائهم"، وقد أُعيد تأسيسه مرّة أخرى فى عام 1936، بعد تحويله إلى شركة مساهمة مصرية مع مستثمرين يهود آخرين، كان أبرزهم "كارلوس سوارس" و"فريد ساكس" و"يوسف أصلان قطاوى باشا"- الذى كانت تربطه علاقة نسَب بعائلة سوارس، حيث كان متزوجًا من "أليس سوارس" ابنة فيلكس سوارس ووصيفة المَلكة نازلى. 

 

مارَس البنك نشاطه فى مختلف الأعمال المصرفية والتجارة الخاصة وتجارة القطن ومعصرة الزيوت وحتى ورشة الأحذية، وكان المركز الرئيسى فى الإسكندرية وله فرعان فى القاهرة وطنطا.

 

بعدها أنشأت العائلة أول مصنع للسكر بالحوامدية، وبدأت العمل فى عام 1883، ثم أنشأت شركة أخرى للسكر وضموا إليها مصانع سكر الحوامدية والشيخ فضل ونجع حمادى، بمساهمة بثلثى رأس المال من مصرف عائلة سوارس فى شراكة مع شركة "سى ساى" الفرنسية لتكرير السكر، ومن هنا تم تأسيس "شركة تكرير السكر المصرية".

 

 وفى عام 1902، اشترت شركة السكر المصرية العامة تسعة مصانع لطحن أعواد قصب السكر فى الصعيد من الشركة التى أسّسها فى الأصل الخديو إسماعيل، ثم أصبح اسمها "شركة الدائرة السنية للسكر" وامتلكها مجموعة مصرية إنجليزية بقيادة المستشمر الإنجليزى الألمانى السير "إيرنست كاسل".

 

فى هذه الأثناء أسّست العائلة شركة سكة حديد حلوان، ثم شركة سكة الحديد من أسيوط إلى جرجا، ومَد الخطوط الحديدية من دمنهور إلى الرحمانية، ومن شبين الكوم إلى منوف، ومن الفيوم إلى سنورس، ثم شركة سكة حديد الشرقية الاقتصادية، التى باعوها لشركة سكة حديد الدلتا.

 

واشترت العائلة أيضًا تفتيش الشيخ فضل من الدائرة السّنية ثم تفتيش البدرشين من مصلحة "الدومين"، ثم أنشأوا الشركة العقارية وضموا إليها تفتيش البدرشين، وتوالت مشروعات العائلة بإنشاء شركة رى الوجه القبلى التى باعوها فيما بعد لشركة السكر.

 

توسعت استثمارات العائلة فى عام 1898، فأسّس الأخَوَان "سوارس" شركة الدائرة السنية التى من خلالها قاموا بشراء أراضى الدائرة السنية كلها، ثم قاموا بتأسيس شركة البنك الأهلى الذى تفرّع منه البنك الزراعى عام 1904.

 

واحتل أفراد العائلة مواقع مهمة إداريّا، حتى إن "ليون سوارس" ابن فليكس سوارس تولى إدارة شركة أراضى الشيخ فضل وإدارة شركة وادى كوم أمبو، ولكنه ترك كل ذلك بعد وفاة والده فيلكس، واكتفى بإدارة البنك الأهلى والبنك العقارى المصرى.

 

أراضٍ وشركات

 

عام 1905، تم تأسيس بنك التسليف الفرنسى، ثم أصبحت شركة مساهمة مصرية باسم البنك التجارى المصرى فى سنة 1920، وساهم فى تأسيسه وإدارته عائلة سوارس مع قطاوى، فى ظل ظروف اقصادية صعبة كان لها تأثير على تجارة القطن. 

 

واستمر البنك متأثرًا بحالة الركود والأزمات الاقتصادية فى الثلاثينيات.

 

ولكن ما لبث أن استعاد مكانته وتوسع نشاطاته فى عام 1944، وكان من أبرز أعضاء مجلس إدارته جاك سوارس ويوسف قطاوى.

 

وقامت العائلة باستصلاح آلاف الأفدنة الزراعية ثم بيعها بمساحات صغيرة للفلاحين، وأنشأوا أول خط مواصلات داخل القاهرة، حتى إن أحد ميادين القاهرة المهمة باسم "سوارس"، ولكنه تم تغييره إلى ميدان مصطفى كامل عام 1940.

 

وأسّست العائلة شركة "سوارس لعربات نقل الركاب"، ووقتها جرت تسمية تلك العربات بالـ"السوارس".

 

ورُغم تأثير الأخَوَان سوارس فى الأعمال الاقتصادية والتجارية ومشروعات التنمية؛ فإنهم ساهموا كثيرًا فى الأعمال الخيرية، التى منها مستشفى الكلب والمؤسّسة الخيرية الإيطالية والمدارس الخيرية، بالإضافة إلى كساء الفقراء وتوزيع العطايا والهبات عليهم.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق