الأربعاء 27 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أسرار «الأباظية» فى جريدة شهرية؟!

 باشوات وبكوات ونجوم  وشعراء وسياسيون ووزراء، "كل ده حلو".. لكن إصدار صحيفة خاصة تكون لسان حال "للعائلة الأباظية"..  جديد هذا الكلام؛ خصوصًا أنها بهيئة تحرير كاملة: رئيس تحرير.. ومحررين.. وكتاب أعمدة صحفية.. ورقيبين! 



 

حسب كلام "محمود أباظة"- رئيس حزب الوفد الأسبق: "صحيفة النشأة الأباظية تم التفكير فى إصدارها فى بداية القرن العشرين؛ لتكون نافذة لأفراد العائلة ومناقشة كل ما يخص أمورها.

 

فى بداية التأسيس كانت هيئة تحرير الصحيفة العائلية الشهرية تتكون من أسماء لامعة، منها  فكرى باشا أباظة، عبدالعزيز سليمان أباظة، عبدالعزيز محمد أباظة، وبجوار هيئة التحرير كان هناك اسمان للرقباء على ما يُنشر فى الجريدة، وهما إبراهيم دسوقى أباظة وفؤاد أباظة، وكانت لهما سُلطة واسعة فى الحذف والمنع تفاديًا للأزمات العائلية، وتحديدًا كل ما يتم نشره عن سيدات العائلة من الحكايات المتوارثة التى يتم ترديدها بين الأجيال المختلفة!.

 

أزمات عائلية

 

من بين تلك الأزمات، الأزمة العائلية التى نشبت بين عزيز باشا أباظة  وعَمّه والد زوجته الذى لم يغفر له نشر صورة ابنته فى إحدى الجرائد وهى تصاحبه فى رحلة إلى أوروبا، ووصل الخلاف أنه قام بمقاطعة زوج ابنته وابنته لمدة شهور، ولم ينتهِ الخلاف إلا بتدخُّل كبار العائلة. بينهما وأقنعوه بأنه لم يكن طرفًا فى نشر الصورة.

 

وهذا الموقف يؤكد أن سيدات (الأباظية) فى الجريدة.. كانت منطقة (محظورة) و(مُلغمة)!. 

 

وإذا كان للعائلة (الأباظية) السبق فى إصدار صحيفة عائلية، فأيضًا منذ عام 1901 قاموا بتأسيس "جمعية النشأة الأباظية" التى تقوم على شباب العائلة، ولاتزال تمارس نشاطها حتى الآن فى تقريب وجهات النظر بين الشباب وعميد العائلة الأباظية.

 

ويلعبون أحيانًا دور الوساطة إذا كانت هناك أزمة، ونشاط هذه الجمعية لا يمتد خارج الأسرة الأباظية للعائلات الأخرى، وللجمعية دور كبير فى ترسيخ مفهوم التكافل الاجتماعى تحت شعار (الأقربون أولى بالمعروف).

 

أمّا عن أصول هذه العائلة العريقة الممتدة فروعها إلى السودان والأردن وسوريا ومدينة أبخازيا فى منطقة القوقاز على ساحل البحر الأسود، فيوثقها محمود أباظة قائلًا: "الشيخ محمد العايد كبير "عرب العايد" تزوج من شركسية أباظية أحضرها من القاهرة، ويبدو أنها كانت تتمتع بجمال خاص يفوق جمال زوجاته الأخريات، ما دفعه أن يبتعد بها ثلاثة كيلو عن الكفر القديم من كفور "العايد" فى "بلبيس".

 

وعاش أبناؤها حولها فى بيوت مستقلة، وهذا كان سببًا فى تكوُّن (كفر أباظة)، ومن باب المكايدة النسائية؛ فإن زوجاته الأخريات كُنَّ يُطلقن على أولاده أولاد "الأباظية"، وهذا يكشف مصدر اسم العائلة الأباظية. 

 

 

 

وبمناسبة "أبخازيا" عندما سافر نقيب الصحفيين فكرى باشا أباظة مع الرئيس جمال عبدالناصر عام 1959 إلى سوريا أخذ يحكى للوفد المرافق له أن جدته مدفونة فى "أبخازيا" فى جبال "القوقاز".

 

وتكريمًا لهذه الجدة تم تخصيص برنامج مخصوص له بعيدًا عن الوفد المرافق للرئيس لزيارة "أبخازيًا".

 

 وحسب ما رَوى فكرى باشا فقد تم نقله فى طائرة عسكرية محدودة الإمكانيات وصلت إلى "أبخازيا" بعد 4 ساعات، وهناك وجد الشعب الأبخازى فى انتظاره فى استقبال شعبى محملين بالطلبات، وكان أول طلباتهم فتح المسجد المغلق للصلاة، وتقديم الدعم لهم، ولم يكن يحمل معه سوى 50 دولارًا، قدمها لهم.

 

لكن المفاجأة أنهم بمجرد أن شاهدوا الدولارات هربوا من المكان خوفًا من السجن؛ لأن الدولار فى هذه المنطقة كان ممنوعًا من التداول.

 

فى المساء على عَشاء الرئيس سأله الرئيس عبدالناصر عن أخبار أقاربه فى "أبخازيا"، قال للرئيس: "طلبوا الدعم".. انفجر عبدالناصر ضاحكًا:

 

 

 

 

نجوم وفنون

 

التوليفة الأباظية.. لم تكتفى - فقط - بالمشاركة السياسية فى مصر منذ عهد محمد على.. ولكنها منحتنا رموزًا ومبدعين فى مجالات مختلفة، مثل عزيز باشا أباظة الشاعر الكبير المنافس لأمير الشعراء أحمد شوقى، فكرى باشا أباظة الذى تقلد منصب نقيب الصحفيين، وكان رئيسًا لتحرير مجلة "المصور" ويُعد واحدًا من أشهَر الصحفيين والظرفاء.

 

وفى مجال الكتابة أيضًا الأديب ثروت أباظة الذى استمد شهرته من رواية "شىء من الخوف" التى تم تحويلها إلى فيلم سينمائى أثار جدلًا سياسيّا، بعد أن تردد أنه يقصد بشخصية "عتريس" الرئيس عبدالناصر، ومن الوقائع التاريخية الثابتة أن الذى منح فيلم "شىء من الخوف" تأشيرة العرض السينمائى العام هو الرئيس عبدالناصر نفسه.

 

ويبقى الفنان الكبير رشدى أباظة هو "الأشهَر" فى العائلة "الأباظية".

 

هذا الفتى الوسيم الذى دخل السينما المصرية (فتى أول) وأصبح هدفًا للجميلات فى قاهرة الأربعينيات والخمسينيات. 

 

تروى عنه الأساطير وتتحاكى عن مغامراته النسائية الصفحات الملونة فى القاهرة وبيروت، وفى الاستوديوهات عندما كان يقيم الولائم لفريق العمل من "العدس الأباظى" الذى يحمل هو الآخر شهرة عالمية ينافس اسم العائلة الشهير، ربما لمكوناته من "صدور الحمَام" ووصفته السرية التى تتناقلها سيدات العائلة "الأباظية".

 

لكن الجانب الخفى فى حياة رشدى أباظة الذى توارى بسبب الحكى عن مغامراته النسائية، أنه لعب دورًا وطنيّا قبل قيام ثورة 23يوليو، عندما كان يقوم بتهريب السلاح فى سيارة زوجته الفنانة تحية كاريوكا إلى ابن عمه وجيه أباظة الذى كان مسؤلًا عن تدريب الفدائيين فى منطقة قناة السويس.

 

ووجيه أباظة تحديدًا ظل علامة فى تاريخ من تولوا منصب المحافظ يضرب به المَثل فى إنجازاته التنموية فى محافظات  "الغربية، والبحيرة، القاهرة، الشرقية".

 

وفى الفترة التى تولى فيها وجيه أباظة الإشراف على قطار الرحمة الذى كان يجوب المحافظات تعرَّف بالفنانة ليلى مراد ونشأت بينهما قصة حب انتهت بالزواج، الذى رفضت أن تعترف به العائلة الأباظية حتى الآن. 

 

وفى مجال الفن أيضًا لا يمكن أن يتجاهل اسم المخرج الإذاعى الرائد عثمان أباظة، الذى قدّم للإذاعة المصرية أجمل المسلسلات والبرامج. 

 

وعودة لحديث السياسة "لم تخلُ وزارة من وزارات زمان إلا وكان بها وزير من العائلة الأباظية، منها- وعلى سبيل المثال- وزارة المواصلات التى كان وزيرها دسوقى باشا أباظة، ثم عبدالله فكرى أباظة، ووزارة الكهرباء تولاها المهندس ماهر أباظة، والزراعة أمين أباظة، ومن ضمن الوزراء أيضًا وجيه أباظة".

 

أذكر أننى سمعت مرّة الوزير الراحل ماهر أباظة- وزير الكهرباء "الأسبق"- فى برنامج تليفزيونى يحكى أن اهتمام أفراد العائلة بخوض الانتخابات التشريعية منح "الأباظية" شهرة سياسية، بحُكم انتشارهم فى الشرقية، وأيضًا بسبب تنوُّع الاتجاهات السياسية.

 

 ولهذا قصة معروفة، ففى انتخابات 1924 طلب السياسى الكبير عدلى يكن من الأباظية أن يكونوا داعمين له فى مواجهة حزب الوفد الذى كان يحظى بشعبية كاسحة.

 

وكانت نتيجة هذا الدعم لـ "يكن" أن كل أفراد العائلة الأباظية سقطوا فى الانتخابات، وهذا كان درسًا كبيرًا لهم؛ خصوصًا أن شباب العائلة كانوا منحازين للوفد لكن سُلطة الكبار منعتهم أن يُعبروا عن رأيهم.

 

و"حسب كلام ماهر أباظة" هذه الواقعة أحدثت تغيرًا شاملًا.. تم عقد اجتماع عائلى كبير تقرَّر فيه منح الحرية لكل شخص فى اختياراته السياسية والانضمام للحزب الذى يريده بشرط ألّا يترشح "أباظى" فى مواجهة "أباظى" آخر.

 

وعندما حدثت مثل هذه الوقائع مرّة أو اثنتين انحازت العائلة بجميع أفرادها للكبير فى مواجهة الأصغر سنّا. وهذا القانون سارى حتى الآن.

 

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق