الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«نيرون تركيا» يحرق «ديار بكر»

«نيرون تركيا» يحرق «ديار بكر»

تعمل الماكينة الإعلامية المؤيدة للرئيس التركى رجب إردوغان، بدأب للتعتيم على الانتهاكات الحقوقية والإنسانية، التى تستهدف المعارضين له، وبالتحديد منذ الانقلاب المزعوم الذى جرى عام 2016.



ويوسع "أردوغان" وحزبه العدالة والتنمية خلال الفترة الماضية القبضة الأمنية لتأمين استمراره فى الحُكم، ويرفض،حرية المؤسسات الإعلامية، وفى الوقت نفسه يعمل على إثارة القلق والتخوُّف بنفوس المعارضين له، من خلال اتباع سياسة القَمع والتعذيب.

 

يواجه الأكراد ذوو الجنسية التركية المقيمون فى البلاد، انتهاكات وسوء معاملة من حكومة إردوغان، كان آخرها اعتقال ثلاثة من رؤساء البلديات الكردية الذين سبق إقالتهم من مناصبهم فى محافظة ديار بكر جنوب شرق تركيا.. معقل الأكراد فى تركيا.

وأشارت تقارير إعلامية إلى أن الشرطة التركية اعتقلت رئيس بلدية ديار بكر الكبرى، عدنان سلجوق مزراقلى، ورئيسة بلدية كايابينار، كازبان يلماز، ورئيس بلدية بيسميل، أورهان أياز بلا أى تهم ودون إجراءات قضائية.

 كما تبين إصدار قرارات اعتقال بحق رئيس البلدية الكبرى ورئيسَى البَلديتيْن الفرعيتيْن التابعين لحزب الشعوب الديمقراطى الكردى بتهم الانتماء لتنظيم إرهابى والترويج لأفكاره وإحالتهم لتحقيقات تديرها نيابة ديار بكر، وهى الاعتقالات التى تتزامن مع إعلان حزب الشعوب الديمقراطى الذى ينتمى إليه رؤساء البلديات رفضه عملية "نبع السلام" التى نفّذتها تركيا ضد الأكراد فى شمال سوريا.

ورُغْمَ أن وزارة الداخلية كانت قد عزلت عشرات رؤساء البلديات الأكراد فى تركيا بين عامَى 2016 و2017؛ فإن هذه المرّة كان لهذا القرار وقْعه الكبير فى عموم الأوساط التركية.

 وندّد به مقربون سابقون من إردوغان، ومنهم الرئيس السابق عبدالله جول، بالإضافة لرفيق دربه السابق أحمد داوود أوغلو، فضلًا عن قادة حزب "الشعب الجمهورى" المُعارض لحزب إردوغان.

فى فبراير 2018، نشر فرع جمعية حقوق الإنسان فى مدينة ديار بكر، تقريرًا بعنوان "انتهاكات حقوق الإنسان لعام 2018 فى المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من الأناضول".

وقال نائب الرئيس العام لجمعية حقوق الإنسان بطارى سامان، إن هناك محاولات لجعل حالة الطوارئ دائمة من خلال التعديلات التى أجريت على القوانين والتطبيقات الأخرى بعد انتهاء حالة الطوارئ بشكل رسمى.

وألغتْ تركيا حالة الطوارئ فى يوليو 2017، التى ظلت مفروضة فى البلاد طيلة عامَين، وفصَل واعتقل بموجبها الآلاف، لكن البرلمان أقرّ قانون “مكافحة الإرهاب” كبديلًا عنها.

وقال سامان: "نريد أن نشير إلى أن حرية الرأى والتعيير والتجمع تتعرض لخطر كبير فى تركيا التى تبتعد تدريجيّا عن دولة القانون والديمقراطية، يتدخل فيها القضاء تحت الوصاية السياسية، ويتحول فيها الحُكم إلى الشكل الاستبدادى".

وأشار "سامان" إلى العقوبات المشددة التى صدرت فى حق كل من رئيس بلدية ديار بكر جولتان كيشاناك، ورئيس حزب المناطق الديمقراطية صباحت تونجال، قائلًا: "نريد أيضًا أن نؤكد على مخاوفنا فيما يتعلق بأمن الانتخابات المقبلة، فى بيئة تزيد فيها الانتهاكات والقمع".

وكشف التقرير، أن هناك 11ألفًا و643حالة انتهاك لحقوق الإنسان من انتهاك لحق المسكن، إلى التعذيب وحرْق الأراضى الزراعية والغابات، وتقييد حريات الرأى والتعبير فى المناطق ذات الأغلبية الكردية الواقعة فى شرق وجنوب شرق تركيا.

وأوضح أن هناك1154  سجينًا كرديّا، من بينهم 402 سجين فى حالة خطرة ويُتركون داخل السجون حتى الموت ، و11 حالة انتحار بين النساء ، و211  سجينًا يتعرضون لمعاملات سيئة وتعذيب داخل السجون ، و20 شخصًا أجبروا على التخابُر لحساب قوات الأمن، كما تم إلقاء القبض على ألفيْن و837 شخصًا، بينهم 54 طفلًا، واعتقال 496 شخصًا من بينهم 5 أطفال، ومداهمة ألفيْن و368 منزلًا.

لم يتوقف اضطهاد "إردوغان" وحكومته لديار بكر الكردية على البَشَر فقط، بل إن ما تفعله حكومة العدالة والتنمية فى المدينة  اعتداء على التاريخ والأماكن الأثرية، بل هو حلقة فى سلسلة الحرب على الهوية الكردية التى يقودها الرئيس التركى وأنصاره فى خدمة العثمانية الجديدة.

"إردوغان"، وَعَدَ فى حملته الانتخابية فى 2018، بالإعمار والتنمية وزيادة أماكن التنزّه، لكنه لم يقل إن التنزّه سيأتى على دمار وخراب المواقع الكردية الأثرية والإجهاز على تاريخ امتد لآلاف السنين.

الدولة التركية أطلقت مشروعًا يحمل اسم "الحدائق القومية"، يهدف وفقًا لرؤية الحزب الحاكم لعمل مساحات خضراء واسعة فى مدن جنوب تركيا، وبينها بالطبع ديار بكر.

وقد سعَى حزب العدالة والتنمية لعمل هذه المساحات الخضراء على أنقاض الآثار الكردية، والمواقع التى تسجل تاريخ الأكراد فى البلاد.

وفى يوليو 2019، أكدت تقارير عدّة أن المشروع الإردوغانى يستهدف بالأساس تدمير حدائق هوسال وقلعة ديار بكر، المسجلتيْن فى اليونسكو كمنطقتيْن أثريتيْن ، فضلًا على أسوار مدينة ديار بكر، التى يبلغ عمرها التاريخى نحو 3 آلاف سنة.

الانتهاكات التركية فى ديار بكر مستمرة، وجرّافات العدالة والتنمية لا تُفرّق بين منزل أو أثر، وتُصرُّ على محو الهوية الكردية تمامًا فى تركيا بالمخالفة لكل الاعراف وقوانين حقوق الإنسان.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق