الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مافيا جديدة فى أنقرة ؟!

مافيا جديدة فى أنقرة ؟!

 "لم تَعُد سطوة نظام إردوغان الأمنية وقفًا على الداخل التركى، بل امتدت أذرُع النظام إلى ملاحقة معارضيه فى الخارج على طريقة عصابات المافيا وتجار البَشَر، وبصورة يرفضها المجتمع الدولى وأعراف حقوق الإنسان" ما سبق أكده التقرير التاسع لـ"مركز نسمات للدراسات الاجتماعية والحضارية" التركى على موقعه الإلكترونى بعنوان "تركيا من دولة واعدة إلى نظام مافيوى".



 

رصد التقرير عمليات القرصنة والاختطاف التى يرتكبها نظام الرئيس التركى "رجب طيب إردوغان" وجهاز استخباراته ضد معارضيه فى دول مختلفة حول العالم بزَعم انتمائهم إلى حركة "خدمة" التى يترأسها الداعية فتح الله جولن المقيم بالولايات المتحدة.

وذكر أن هناك 12 دولة شهدتْ عمليات الخطف والقرصنة، هى: السودان، كازاخستان، باكستان، جورجيا، ميانمار، ماليزيا، كوسوفو، أذربيجان، أوكرانيا، منغوليا، مولدوفا، كمبوديا، وكشَفَ عن تعرُّض 24 مواطنًا تركيّا لأساليب القرصنة أو الخطف أو القتل وبعضهم معه عائلته.

اللافت، حسب التقرير، هو تباهى الاستخبارات التركية بهذه العمليات، إذ قال المتحدث باسم الحكومة التركية "بكير بوزداغ": إن منظمة الاستخبارات القومية تمكنت حتى الآن من إعادة 80 من أعضاء خدمة من 18 بلدًا إلى تركيا.

كما أكد محللون أن صعوبة اختراق دول أوروبا الغربية وأمريكا، دفع النظام التركى للبحث عن أهدافه فى دول ضعيفة الإمكانيات أو حديثة التكوين.

وسرد التقرير وقائع اختطاف بعض المعارضين للرئيس التركى فى الخارج مثل "مصطفى جيلان"، رجل الأعمال التركى الذى اختطف فى جورجيا، و"فيصل أكتشاى" المدير العام لمدارس "أمباثى" المقربة من نموذج "خدمة" فى منغوليا.

ركزتْ النقطة الرئيسية الثانية للتقرير على ردود فعل "الموالين لإردوغان" فى دول مختلفة حول العالم ضد "مؤيدى حركة خدمة".

 ففى ألمانيا، كتب العضو السابق فى البرلمان الأوروبى "أوزان سيهون" على وسائل التواصل الاجتماعى: "إن مَن ينتمون للخدمة فى ألمانيا سيقضون ليالى كثيرة بلا نوم، ونحن مدينون لشهدائنا".

كما تعرَّض نحو 45 فردًا من الذين يُعتقد أنهم مشاركون فى "حركة خدمة" للتهديد بالقتل والهجمات المتعمدة، بخلاف الإهانات على الإنترنت التى ارتقت إلى درجة الجريمة، وسُجلت بها محاضر وتقارير فى أقسام الشرطة.

ورُغْمَ بذْل الحكومات الأوروبية جهودًا واضحة لحماية مؤيدى حركة خدمة فقد قُتل "أكرم كيناك" رجل الأعمال التركى فى أمستردام بهولندا، وقيل إنه كان على صله بالحركة، إذ تم إطلاق النار عليه فى سبتمبر 2017، كما تم استهدافه قبل ذلك فى العام نفسه.

وقد حاول شخص ما إشعال النار فى مطعمه، بالإضافة إلى إطلاق النار على شريكه فى العمل فى أغسطس عام 2017.

لجأ نظام مافيا إردوغان إلى توظيف الأئمة والدعاة الموفدين إلى الخارج من "الاتحاد التركى الإسلامى للشئون الدينية" لجمع معلومات استخباراتية عن مؤيدى حركة خدمة.

ورُغم وصفهم هذه الادعاءات فى البداية بأنها "مَزاعم إعلامية كاذبة"؛ فقد اعترف الأمين العام "بكير ألبوجا" بَعد ذلك أن "عددًا قليلًا من الأئمة" قدّموا معلومات إلى رئاسة الشئون الدينية، التابعة بدورها لرئاسة رئيس الوزراء التركى.  

ومن بين النقاط الأساسية التى بُنى عليها "تقرير نسمات"، قضيتان ظهرتا على سطح الأحداث فى أواخر عام 2017، كانتا تُنظران فى المحاكم الأمريكية، تُظهران بوضوح  وجه المافيا الجديد لنظام الحُكم فى تركيا.

الأولى: قضية محاكمة رجال أعمال أتراك أمام محكمة "مانهاتن" فى نيويورك لخرقهم العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران والشهيرة بقضية "رضا ضراب"؛ حيث واجَه المتهمون فيها تُهمًا بـ"المشاركة فى مُخطط بقيمة مليار دولار لتهريب الذهب مقابل النفط فى انتهاك للعقوبات المفروضة على إيران".

شهد فى هذه القضية رجل الأعمال التركى من أصل إيرانى "رضا ضراب" بتورُّط الرئيس التركى "رجب طيب إردوغان" ووزراء من حكومته فى القضية، وذلك عَبر تقديمهم مساعدات ورشاوَى وعمولات لرجال أعمال من أجل التستر على هذه المعاملات، لكن بَعد توقيف "ضراب" من قِبَل القضاء الأمريكى فى فلوريدا 2016؛ حيث طالته الاتهامات و8 مسئولين آخرين، وبَعد عشرين شهرًا قضاها فى السجن، قرر "ضراب" الاعترفَ على "إردوغان" ووزراء حكومته بجميع التفاصيل.

أمَّا القضية الثانية؛ فهى محاولة اختطاف مؤسّس حركة خدمة "فتح الله جولن" شخصيّا من مَقر إقامته فى بنسلفانيا، إذ قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن "روبرت مولر" (المحقق الخاص فى ملف العلاقات بين مقربين من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب والحكومة الروسية) يُحقق فى مزاعم بشأن تورُّط مستشار ترامب السابق للأمن القومى "مايكل فلين" ونجله فى مخطط لترحيل رجل الدين المعارض وزعيم حركة "خدمة"، إلى تركيا بالقوة، مقابل 15 مليون دولار، ولاتزال التحقيقات جارية فى هذا الملف.

 الإجراءات على أرض الواقع داخل تركيا، تُعزِّز تقريرَ المركز التركى، منها إعلان حكومة إردوغان عن خططها لبناء 288 سجنًا لاستيعاب عدد أكبر من المعتقلين المحتملين، سواء من داخل البلاد أو من خارجها.

وتأكيدًا لذلك؛ أدلى جيم كوجوك ـ الصحفى الموالى لإردوغان ـ بتصريح صادِم خلال لقاء تليفزيونى قال فيه: "على أجهزة الاستخبارات التركية قتْل أفراد عائلات مَن تم اعتقالهم على خلفية وجود صلات مزعومة تربطهم بحركة خدمة".

من جانبها كشفتْ وكالات الأنباء الألمانية، أن "متين كولونك"  النائب من الحزب الحاكم، يقوم بتمويل عصابة تركية اسمها "ألمانيا العثمانية" تتخذ من ألمانيا مكانًا لممارسة أنشطتها، وأظهرت كاميرات المراقبة أن "كولونك" أمَدَّ أعضاءً هذه المجموعة بالأموال التى تُمكنهم من شراء الأسلحة.

كما أشارت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية إلى تلك المخاوف، فى مقال بعنوان "هل تتحول تركيا إلى إحدى دول المافيا؟"، عدّد فيه كاتبه الأفعال المختلفة التى تقوم بها الحكومة التركية.

 مشيرًا إلى أن الدولة تتجاهل وتشترك فى أنشطة إجرامية مثل الإتجار غير المشروع والتهريب وغسيل الأموال والفساد، هذا الأمرُ يعزّزه الإفراجُ المفاجئ عن "سادات بكر"، أحد قادة المافيا سيئى السمعة، ونشَر صورًا له مع إردوغان وهو يحتضنه- فى إشارة إلى تضامُن المافيا مع النظام الذى يحكم تركيا.

لا يوجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق